الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

الصديق كبوري: الطريق رقم 17

الصديق كبوري: الطريق رقم 17 الصديق كبوري
منذ أن بدأت أعي ما حولي، وكلما أتيح لي السفر عبر الطريق الوطنية رقم 17 الرابطة بين وجدة وفجيج إلا واشاهد تواجد الأوراش التي لا تنقطع عن العمل.
أشاهد الحفر والردم والتوسيع وما أن ينتهي حتى يبدأ  الحفر والهدم والتوسيع. بعد ذلك تأتي مرحلة إصلاح القناطر، وما أن تنتهي حتى تبدا من جديد عملية الحفر والردم والتوسيع، وما أن تنتهي هذه حتى تبدأ عملية اصلاح حاشية الطريق ( Gassissa بالدارجة) ثم تمرير " الكابلات" ثم تبدأ من جديد عملية الحفر والردم والتوسيع وهكذا دواليك حتى بات المنظر أشبه بصخرة سيزيف بما لها من دلالة على معنى العبث.
لا شك أن المسؤولين على تدبير شؤون ثلاث عمالات لا يريدون لهذه الطريق أن تكتمل ولا للإصلاح  ان ينتهي، فمادام في الحركة بركة، والعملية " تحرك الناعورة " فلا " "زربة على صلاح"، ولا يهمهم أبدا ما يسببه هذا العبث لمرتادي الطريق:  للمرأة الحامل وجنينها التي تنقل للوضع بمستشفيات وجدة والتي قد تقطع مسافة تقدر بأزيد من 600 كلم إن كانت تقطن بجماعة بوشاون أو بومريم مثلا.
وللمريض الذي يحتاج للتدخل السريع والذي تعتبر الدقيقة بمثابة الشعرة الفاصلة بين الحياة والموت ولكل مواطن / ة  يريد التنقل لقضاء أعراضه في ظروف مريحة.
إن الطريق رقم 17 صارت تمثل بساقية جحا، أو بمعنى أدق ب " حمار النص" كما تذكر ثقافتا الشعبية، أي الحمار المشترك بين مالكين متعددين، فكل مالك ـ ومن منطلق مصلحته الضيقة ـ يريد أن يستنزف الحمار المشترك قدر المستطاع.
أو هي أشبه بدار الورثة التي لن يكتب لها الاصلاح. فالطريق تخترق تلاث  عملات وهي عمالة جرادة وعمالة فجيج وعمالة وجدة وكل عمالة تتكلف بالجزء الذي في ترابها اصلاحا وتوسيعا بدون أي تنسيق ـ رغم أنه لدينا مجلسا جهويا ودستورا أقر بالجهوية المتقدمة ـ إلى أن صارت هذه الطريق أشبه ب " دربالة هداوة " المتعددة الرقع، فهي في الوضع الحالي عبارة عن مرتفعات ومنخفضات، مقاطع باللون الاسود ومقاطع بالون الابيض، ومقاطع تجمع بين اللونين (croisée ) ومقاطع باهتة بدون لون.
وكأنها لوحة فنية سريالية أبدعتها أنامل سالفادور دالي.
فرجاء أريحونا من هذا العبث السرمدي!