الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد الحضراني: لماذا انتفض نواب حزب العدالة والتنمية ضد القسمة الانتخابية الجديدة؟

أحمد الحضراني: لماذا انتفض نواب حزب العدالة والتنمية ضد القسمة الانتخابية الجديدة؟ د.أحمد الحضراني
القاسم الانتخابي هو عملية حسابية بموجبها تحتسب الأصوات بناء على نمط الاقتراع اللائحي وبالتمثيل النسبي، وجرت العادة أن هذا القاسم الانتخابي لم يسبق أن حدده المشرع، وإنما هو آلية متعارف عليها انطلاقا من العتبة والخارج الانتخابي كانت قد حددته إحدى المحاكم الإدارية بالمغرب.
نحن أمام معطى مهم، وهو عدد الأصوات المعبر عنها، أي الأصوات الصحيحة غير الأوراق البيضاء أو الملغاة، وتبعا للتعديلات، سيتم تحديد القاسم الانتخابي باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية عوض احتساب الأصوات الصحيحة المعبر عنها، حيث سيتم توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.
وبناء عليه، فإن كل المسجلين في اللوائح الانتخابية سيتم احتساب أصواتهم، سواء صوتوا أم لم يصوتوا، سواء كانت لهم الأهلية أو عديمي الأهلية.. طيب لماذا انتفض نواب حزب العدالة والتنمية ضد هذا القانون؟ لأن المعتقد عند هؤلاء أنهم المستهدفون من تقنية عملية حساب الأصوات بهذه الطريقة الجديدة، ولن يمكن الحزب الأول (نفترض حزب العدالة والتنمية)، من نيل عدد المقاعد التي كان سيحصل عليها لو تم إقرار القاسم الانتخابي، انطلاقا من عدد الأصوات المعبر عنها، التي كانت تمكنه من حصد أكثر من مقعد في دائرة واحدة، لذا فإن حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة هما الخاسران من هذه العملية الحسابية في الانتخابات، وبالتالي تقليص عدد المقاعد التي كان من المتوقع الحصول عليها.
الأسئلة التي تطرح هي ما هي الضمانات والمعطيات التي توافرت لدى حزب العدالة والتنمية كي يعتقد جازما أنه سيحتل الرتبة الأولى في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟ كيف لحزب استطاع أن يترأس السلطة التنفيذية على مر ولايتين، ويتربع على ترتيب السلطة التشريعية، ويكتسح جل المجالس الجماعية، ويتغلغل في أجهزة اللاتمركز الإداري.. كل هذا ولا يحس بإرهاق في التسيير.. بل يكون متأكدا أنه سينجح للولاية الثالثة؟ أين هي الأحزاب الأخرى المنافسة؟ كيف لا تستثمر هذا التآكل في التسيير سواء للشأن العام أو الشأن المحلي، فتلجأ إلى القانون لتقليم أظافره، بعيدا عن التنافسية الديمقراطية، واحتساب قاسم انتخابي بناء على عدد المسجلين وهو أمر خارج المألوف ديمقراطيا؟
أما القول إن حزب العدالة والتنمية يراهن على مصالحه الانتخابية، فهذا تحصيل حاصل، كما قال أحد الزعماء السياسيين الفرنسيين: إن أحسن الأنماط الانتخابية هي التي تضمن فوز أصدقائك، وكل نمط انتخابي ليس بريئا بل يخدم جهة ويمس جهة أخرى.
ولنتأمل كيف أن كل النقاشات الحزبية عقب كل استحقاق انتخابي تهم أنماط الاقتراع أو التقطيع الانتخابي، عوض نقاش ما هو تدبير عام وتدبير محلي، وبالتالي نحن أمام سلوك انتهازي براغماتي يطغى على النخب الحزبية، ولهذا ستبقى وزارة الداخلية هي المهندسة لكل العملية الانتخابية.
 
د.أحمد الحضراني، أستاذ جامعي بكلية الحقوق بمكناس