الخميس 18 إبريل 2024
جالية

بوصوف: الإسلام لا يتعارض بتاتا مع مبادئ الجمهورية الفرنسية

بوصوف: الإسلام لا يتعارض بتاتا مع مبادئ الجمهورية الفرنسية عبد الله بوصوف

قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في حديث لبرنامج "حديث الخميس" الذي تبثه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مساء يوم الخميس 25 فبراير 2021، إن الهجرة اليوم تطرح رهانات كبيرة من أجل مستقبل الإنسانية تسود فيه قيم الإخاء والتعايش، فالهجرة تشكل في مجموعها حوالي 270 مليون عبر العالم، مما يجعلها قوة ثقافية واقتصادية، واجتماعية، لذلك لا نستغرب إذا كانت الهجرة تلعب مستويات رائدة على مستويات متعددة بدء باقتصاديات كبريات الدول، ومرورا بالبحث العلمي، وانتهاء بمجالات الابتكار والرياضة فهي أحد العناصر الأساسية لبناء مستقبل أفضل للإنسانية..

 

وأشار بوصوف أن الهجرة تفرض نفسها علينا كموضوع للبحث والاستشراف وهندسة مستقبل الإنسانية عن طريق التفكير في الحال والمآل، في الآن والمستقبل.. مضيفا بأن موضوع الهجرة يضم ملفات متعددة وضمنها ملف الدين الذي يعتبر ملفا شائكا وإشكاليا، فالإسلام  يأتي على رأس اهتمامات الحكومة الفرنسية برمتها من الرئيس إلى البرلمان وغيرهم من الفاعلين السياسيين، لذلك صارت السياسة الفرنسية بكل تفرعاتها تدور حول الإسلام خاصة بعد خطاب ماكرون في 2 أكتوبر بعد مقتل أستاذ التاريخ والجغرافيا صمويل باتي في عملية ارهابية، حيث طالب الرئيس الفرنسي المسلمين بإعادة النظر في مجموعة من الممارسات وطالب بإعادة النظر في التنظيم الذي يعيش عليه المسلمون، كما دعا إلى خلق مؤسسات تجمع الأئمة بحيث تكون له القدرة على الإشراف على الفعل الديني ومن ينتجه.

 

وعن الوضع القانوني للإسلام في فرنسا، والذي كثر فيه اللغط اليوم، أشار بوصوف أن الإسلام لا يتعارض مع مبادئ العلمانية ولا مع مبادئ الجمهورية، فكل الدراسات التي أجريت منذ عشرات السنين تشير إلى أن الإسلام يتعارض مع مبادئ العلمانية، لكن هذا المشكل مازال مطروح لدرجة أنه وضع في البند الأول من الميثاق الذي يستعد المسلمون لتوقيعه في الأيام القادمة، والمشكل يكمن في كون العلمانية لها تفسيرات متعددة، فالعلمانية الفرنسية تختلف عن بقية أشكال العلمانية الأوروبية، فالعلمانية الفرنسية حادة في الفصل بين الديني والسياسي، ففرنسا لا تعترف ولا تمول الأديان، فالدولة تقف على نفس المسافة مقابل جميع الأديان، كما أنها الضامنة لحرية المعتقد، وهي التي تسهر على ضمان لكل مواطن أن يعتقد ما يشاء، سواء معتقد أو غير معتقد.

 

وأكد بوصوف أن الإسلام لا يتعارض مع العلمانية إذ نجد لها مقابلات في دين الإسلام، تحت أسماء مختلفة، فالفصل بين الديني والسياسي ناقشه المسلمون في الفقه المالكي، تحت عنوان أقسام تصرفات الرسول.. فالنبي وإن كان مشرعا فإن الفقهاء كان لهم من الذكاء ما يجعلهم يفرقون بين التشريعات، بين ما له طابع الدوام وما له طابع محدد، ما له طابع تشريع وما له طابع السياسة، ما له أصل ديني، وما هو اجتهاد دنيوي، والدعوة إلى حرية المعتقد -يقول بوصوف- تجد لها أساسا كبيرا في الخطاب القرآني، والذي جيء فيه بصراحة "لا إكراه في الدين"، "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على حرية الإنسان في اختيار معتقده من غير إكراه.

 

ولو نظرنا في الموروث الإسلامي -يضيف- لوجدناه أسبق إلى وضع مبادئ سياسية تشبه إلى حد كبير النظرية السياسية المعاصرة.. لكن أين يكمن في المشكل؟ يتساءل بوصوف، قبل أن يجبب بأن المشكل يكمن في الفاعل السياسي، أي الغرب وفرنسا؛ فغياب الرغبة لدى الفاعل السياسي إلى جانب بعض ممارسات المسلمين تجعل الإسلام يظهر على أنه متعارض مع العلمانية، وهو أمر ليس كذلك.