السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

نورالدين: النظام الجزائري يشن حرب الإشاعات على المغرب وعلينا توقع أي سلوك طائش من نظام العصابات

نورالدين: النظام الجزائري يشن حرب الإشاعات على المغرب وعلينا توقع أي سلوك طائش من نظام العصابات أحمد نورالدين
الأخبار الكاذبة التي انتشرت يوم السبت 23 يناير 2021 حول الوضع الأمني في معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا، أعادت إلى الأذهان خطورة حرب الإشاعات التي يتقنها النظام العسكري الجزائري بوصفه أحد بقايا الأنظمة الطوطاليتارية الآيلة للانقراض.
ولكن لسوء حظّ دهاقنة هذا النظام أنّهم يشتغلون بوسائل أرْكاييكيّة لبروبغاندا عفا عنها الزمن، مما يجعلهم مَحط سخرية الرأي العام الدولي، وهذا راجع إلى شيخوخة معظم القيادات الجزائرية التي مازالت تشتغل بعقلية ستينيات القرن الماضي في التضليل الإعلامي، ولم يستوعبوا بعدُ أبعاد الثورة الرقمية.
والذي يتابع التلفزيون الرسمي الجزائري، منذ تطهير القوات المسلحة الملكية لمعبر الكركرات في نونبر 2020 من فلول المليشيات الانفصالية، سيعتقد أنّ هناك حربا حقيقية تدور رحاها على طول الشريط الحدودي في الصحراء المغربية. وما يبعث على هذا الاعتقاد هو توالي البيانات العسكرية التي ينشرها الانفصاليون وحاضنتهم، وقد ناهزت السّتِين بياناً كاذباً، وترافقها صور من تندوف لدبابات ومدرعات ومشاهد مفبركة يتم اقتباسها تارةً من الحرب الأخيرة في ناكورني كاراباخ الأذربيجانية لإيهام الرأي العام بأنها تدور في الصحراء المغربية، وتارةً أخرى من مقاطع فيديو لشاحنة مصرية تحترق في سيناء أو صور لمعارك الحوثيين في اليمن. ويتم تأثيث المسرح بشاحنات مُحمّلة بأطفال مخيمات تندوف في عمر الزهور يتم اغتصاب براءتهم، أو شيوخ تبدو على نظراتهم الحيرة والشرود، وعلى وجوههم تجاعيد الإنهاك بفعل التشرد والحصار في مخيمات أُجبروا على تجرّع مرارة الغربة فيها والحرمان من أبسط شروط العيش الكريم من ماء ومرافق صحية.
ومما يزيد المشهد سوْداويةً تصوير التلفزيون الجزائري لمليشيات تندوف وهي تطلق المفرقعات في الهواء لينقلب المشهد إلى كوميديا سوداء، كما حدث حين انقلب مدفع رشّاش اثناء إطلاق الرصاص ليضرب جموع المتفرجين الذين يقفون خلفه في ما يشبه عملية «التّحْياح» أو مطاردة الخنازير البرّية. إنها بالفعل مشاهد هوليودية رديئة الإخراج والسناريو، لا تتم فيها، مراعاة أبسط التفاصيل كارتداء الصحافي للخوذة الواقية مثلاً رغم أنه ينقل «مشهداً» مفترضاً لإطلاق النّار كما يبدو في خلفية الصورة المُروّجة. كما أنّ المنطق السليم يدفعنا للتساؤل إذا كانت هذه المعارك حقيقية فلماذا تمتنع السلطات الجزائرية عن دعوة الصحافة الدولية لتغطيتها إلى جانب الصحافة الجزائرية؟
وإذا أردنا ان نعدّد المظاهر التضليلية للحرب الإعلامية التي يشنها إعلام النظام الجزائري ضدّ المغرب فلن تسعفنا المجلدات ذات العدد، فقد تَمدّد حبل الكذب في الآونة الأخيرة ليشمل الأمم المتحدة التي اضطرت في شتنبر 2020 إلى تكذيب الجبهة الانفصالية التي تزعم في دعايتها أن لها ممثلا في الأمم المتحدة، وهو انتحال للصفة وجريمة يعاقب عليها القانون. كما اضطر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، خلال أكتوبر من السنة الماضية إلى تكذيب وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية التي زعمت أنّ المغرب فشل في الحصول على مقعد لعضوية المجلس، والحال أن المغرب لم يترشح أصلا لذلك المنصب. كما انّ السلطة الفلسطينية في رام الله اضطرت، في نونبر الفارط، لتكذيب ما نَسَبه النظام الجزائري للسفير الفلسطيني في الجزائر حول قضية الصحراء المغربية. من جهته اضطر رئيس البرلمان الإفريقي، السيد روجي نكودو دانغ، في نونبر 2020 إلى توجيه رسالة إلى وزراء الخارجية الأفارقة لتكذيب نائبه الثالث الجزائري جمال بوراس الذي احتال على البرلمان الإفريقي في موقف مناهض للسيادة المغربية مستغلا غياب الرئيس بسبب الحجر الصحي الناجم عن فيروس كورونا.
هذا غيض من فيض الإشاعات والأكاذيب التي يتخذها النظام الجزائري منهجا لتضليل الرأي العام الدولي حول قضية الصحراء المغربية، ينضاف إلى قائمة «غينس» للكذب، والتي تضم أحداث اكديم إزيك التي تروج الدعاية الجزائرية أنّ الضحايا الإحدى عشرة في تلك الواقعة هم عناصر انفصالية، بينما الحقيقة أنهم عناصر من الأمن المغربي الذين تمّ اغتيالهم بطريقة وحشية وتمّ التمثيل بجثثهم بل والتبوّل عليها كما تثبت ذلك تسجيلات الفيديو الموثَّقة.
وأخيراً لابدّ من التأكيد أنّ مجرد لجوء النظام الجزائري إلى الكذب والتلفيق والتدليس والنصب والاحتيال هو في حدّ ذاته دليل على انهزامه وعلى انهيار المشروع الانفصالي برمته الذي يتزامن مع تداعي بنيان النظام العسكري الجزائري، بفعل ضربات الحراك الشعبي الاحتباس السياسي والإفلاس الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي. ولكن علينا أن نرفع درجات اليقظة والحذر إلى أعلى مستوياتها وأن نتوقع أي سلوك طائش من نظام العصابات، لأنّ الحيوان يكون أخطر ما يكون وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد إصابته بجروح قاتلة.
 
أحمد نورالدين/ كاتب ومحلل سياسي