الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي: الجزائر.. مناورات في زمن الإحتضار

كريم مولاي: الجزائر.. مناورات في زمن الإحتضار كريم مولاي
لازال فيروس كورونا المستجد يحصد أرواح الآلاف من بني البشر، بينما تتسابق مراكز البحث العلمي وشركات صنع الأدوية في العالم من أجل الوصول إلى تطعيم قادر على هزيمة هذا الوباء، الذي لم يعرف له العالم إلى حد الساعة طريقا لهزيمته.. 
ومع أن المصائب تجمع عادة المصابين، إلا أن مشكلتنا نحن أبناء الجزائر، أننا لا نعاند عجلة الزمن فحسب، لجهة الاستمرار في رفض تعديل ساعتنا السياسية على ذات التوقيت العالمي الذي يتجه إلى ترسيخ الديمقراطية السياسية كآلية مثلى للتنافس على خدمة الشأن العام، وإنما نعاند حتى المصائب ونصر على عدم التعامل بشفافية والاعتراف بالأعداد الحقيقية لمن تمكن منهم فيروس كورونا وأودى بحياتهم أو بأولئك الذين قاوموا وتجاوزوا مراحل الخطر.. 
آخر تقليعة انتهى إليها الإبداع الجزائري في محاولة يائسة وبائسة للفت أنظار الجزائريين ومحاولة توحيدهم في مواجهة عدو خارجي، هو الإقدام على تنفيذ مناورات عسكرية على الحدود الغربية للبلاد، على مقربة من الجار المغربي، بعد أن فشلت محاولة ميليشيات البوليساريو في إغلاق معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا..
وتأتي المناورات العسكرية، بعد خطوات جبارة أقدمت عليها الرباط، في مسيرتها لإتمام وحدتها الترابية، بحصولها على اعتراف لعدد من الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.. 
ما يجعل من المناورات العسكرية على الحدود الغربية للجزائر، أنها تترافق مع تحركات ديبلوماسية قادها وزير الخارجية الجزائري باتجاه عدد من الدول الإفريقية، قبيل أيام قليلة من قمة الاتحاد الإفريقي المرتقبة مطلع الشهر المقبل، ومع توجه جزائري لربط بحري بين مدينة سبتة المغربية المحتلة من طرف إسبانيا والجزائر.. 
ليس مهما نتائج كل هذه التحركات العسكرية والديبلوماسية، لأنها لن تغير الخارطة على الأرض، ولن تقدر على الإتيان بما فشل فيه النظام الجزائري يوم كانان قويا موحدا، ويوم كان النفط ذهبا مصفى، ولكن خطورتها تكمن في أنها تهدد ليس أمن الجزائر ووحدتها وإنما تنذر بتحولات إقليمية خطيرة..
وما يزيد من عدم جدوى هذه التحركات على المستوى الإقليمي والدولي، أن أطراف الحكم في الجزائر تمر بأصعب مراحل صراعها السياسي، إذ عاد الجنرال المعزول محمد مدين، المشهور بـ "التوفيق"، لقيادة المشهد السياسي في الجزائر ومعه الجنرال خالد نزار، مهندس العشرية السوداء، مع ما يعنيه ذلك من استئصال لكل من ساهم مع وزير الدفاع السابق الراحل قايد صالح، وهي مرحلة محفوفة بكثير من المخاطر، وغير معلومة النتائج..
إذا أضفنا لكل هذه المعطيات السابقة، استعدادات الجزائريين لإحياء الذكرى الثانية لاندلاع الحراك الشعبي الذي مكن من إسقاط العهدة الخامسة للرئيس المعزول عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن يؤدي إلى إسقاطه، فإن القول بقدرة الاستعراض العسكري والديبلوماسي لن يستطيع تغطية الحقيقة، وهي أن النظام الجزائري يحتضر، وأنه يرفض التسليم بالأمر الواقع، أي الانخراط في انتقال ديمقراطي حقيقي، وعدم التدخل في الشؤون الدخلية لدول الجوار، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن سوق النفط لم تعد أسعارها قادرة على رشوة الدول الكبرى من أجل كسب دعمها للنظام الحاكم في الجزائر..
تلك ملاحظات أسوقها من باب الحرص على الجزائر أولا كي لا تحفظ أمنها واستقرارها، وأيضا حفظا لأمن منطقة الشمال الإفريقي الفقيرة أصلا، والتي زادتها الفرقة ثم وباء كورونا المستجد آلاما أكبر.