السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد شفيق: أمطار غاضبة أو حينما تهزم السياسة مدينة بحجم الدار البيضاء

محمد شفيق: أمطار غاضبة أو حينما تهزم السياسة مدينة بحجم الدار البيضاء محمد شفيق
تناقلت وسائط التواصل الإجتماعي صورا مرعبة لمدينة قيل عنها كذبا وبهتانا قلب المغرب الاقتصادي وهي غارقة في مياه جاد بها رب السماء بعد طول انتظار.
علاقة المغاربة بالأمطار تكاد تكون أسطورية، فكلما توشحت سماء البلاد بذلك الرمادي البهي، إلا وتعلقت الأعين  بعنان السماء، وأزاحت عن القلوب غمة  نسجتها سنون عجاف.
توجس المغاربة من الجفاف، يبدو لي  قد يزيد عما هو متعارف عليه عند باقي الأمم،  فقد نجح إعلامنا الرسمي في ترسيخ صورة المغرب الفلاحي، وزاد من هذا الرسوخ ألوان برامج  إقلاع فلاحي لا نعرف عن نتائجه غير الترقب وعذابات الإنتظار.
علاقة المغاربة بالماء ظلت في مخيالنا الشعبي  سلاما وأمنا، أليس المغرب  برا تحرسه مساحات واسعة من الماء ؟
ما الذي  أربك هذه العلاقة وقضى على هذه الهدنة الأبدية مع الماء، وحول فرحا جماعيا بغيث من السماء إلى لحظة حزن  وكآبة  أمام حجم الخسائر في الممتلكات العمومية والخاصة؟ ما الذي تغير؟ فالماء هو الماء، الماء الذي  من أجله كنا  صغارا نتقدم صفوف المتضرعين لرب السماء في صلوات الاستسقاء  كي يعيدنا إلى الحياة ويسترنا من قحط لعين ها هو اليوم تحته  تغرق البيضاء في سواد قاتم.
ليل البيضاء يفضح وميض القنديل، وساعات قليلة من كرم السماء تفضح شح السياسات وبرامج الإصلاح وتجعل من قضايا التنمية المحلية والمراهنة على الفعل المحلي  مجرد فقاعات بدون تأثير..
 مدينة بكل تقلها ورمزيتها عنوان المغرب المأمول لم تكن  لتهزمها مياه السماء لولا تلك الثقوب التي يصنعها تدبير بات بدون  معنى أو هدف.