السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي: الخطاب اللغوي الذي فضح الفيلم الهندي لجنرالات الجزائر

خالد أخازي: الخطاب اللغوي الذي فضح الفيلم الهندي لجنرالات الجزائر خالد أخازي

تواترت الأخبار تباعا من مصادر موثوقة عن هوية المغربين الضحيتين اللذين تم عرضهما للعالم على الشاشات بتهمة التهريب، ونقل الحشيش...

من يعرفون الشخصين، سقط في أيديهم من العجب والذهول وضربوا أخماسا في أسداس، وتندروا بالحدث حد السخرية، فالمتهم الأساسي للأسف لا سقف يلوذ به ولا بيت يحتمي به غير خيمة ينصبها هنا وهناك على التخوم أمام أعين الجنود الجزائريين، كهل أمي يعاني من العوز المذقع وهنا نسائل برامج الدولة في تنمية هذه المنطقة والحماية الاجتماعية لأهلها... وهذا نقاش آخر لابد أن يتفتح قوسه قريبا... من الجهات المسؤولة .

المهم... الرجل أمي فقير، يتنقل على الحدود، لا بيت له غير خيمة، دخله ما يجنيه من الحطب شتاء لا غير، ومهنا أخرى موسمية، هذا المواطن الضعيف تفتق العقل المخابراتي العسكري على فكرة مستهلكة وهي أن يجعل منه مهربا للمخدرات، وحتما أعينهم من وراء الحدود كانت ترقبه بحثا عن ضحية سهلة، يجتمع فيها الفقر والأمية والتشرد، وتم اصطياد الرجل في الزمن المناسب، وهل من زمن مناسب لجنرالات الجزائر غير زمن اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه..؟!

 فالسعار الذي أصاب الطغمة العسكرية الحاكمة وربيبتها البوليساريو أعمى بصيرتيهما، لدرجة أن الإعلام العسكري، لم يعد له من وظيفة بعيدا عن هموم الشعب الجزائري الشقيق غير المغرب ووحدته الترابية، وبلغ الحمق بهم إلى درجة الدفاع عن موقف إسبانيا في معاكسة غريبة وحمقاء للتصريح الشجاع لرئيس الحكومة حول سبتة ومليلية السليبتين، وهذا قمة الفصام الأخلاقي والسياسي، لكن ما العمل والقضية عند عسكر الجزائر قضية أحقاد تاريخية لا مواقف مرتبطة بقضايا عادلة، والعالم يعج بالقضايا العادلة، لأقليات مسلمة وغير مسلمة تعاني الاضطهاد والقهر والنفي.

الظرف الذي أخرج فيه جنرالات الجزائر هذا السيناريو المحبوك في دهاليز المخابرات، يفسر فعلا وبقوة كذبه وتدليسه وإرغام مواطنين شريفين على الإدلاء باعتراف مزيف تحت التهديد والضغط  والتخويف، حتى أنهما كان يتقاسمان لغويا العبارات المسكوكة" الزلط"، حين يتعلق الأمر عرض الدوافع علما أن المقص قص السؤال الذي هو حتما " علاش درتو هذ شي..؟"  أما الجواب فتم توجيههم وقص العملية بغباء، مما يدل على أنهما تم تحفيظهما لسيناريو كتب في مطابخ المخابرات، وتبرير المواطنين فعلهما المزعوم بالظروف" والعطالة" والزلط، هذا ما كان يريد النظام العسكري الفاشي أن يوصله للعالم على لسان مواطنين مغربين لا حول لهما ولا قوة، فقط وجدا في المكان غير المناسب  لكن  في من مناسب للآلة الدعائية العسكرية المختصة في ضرب مصالح المغرب.

 السيناريو مفضوح... فمن ينتج الخطاب يدرك مدى سذاجة كاتبه الذي أراد تبئير الرسالة على الدافع وإعطاء صورة سوداء عن المغرب، وعن مواطنين جياع يدفعهم الجوع لتهريب المخدرات... كأننا أمام فيلم هندي، يراد منه ذرف الدموع، وتعميق الحقد على المغرب، لولا أن النظام نفسه الذي وظف الأئمة في المساجد و بعض المنابر الإعلامية لانتقاد المغرب، هو ذاته الذي أصيب بالجنون فشنع على مواطنين بريئين تم اختطافهما وتلقينهما تحت التهديد رواية تفتقد المصداقية تقنيا وسيمائيا وخطابا، فمن هذا المهرب الكبير الذي يغامر بسلعة تساوي الملايين ويكلف بنقلها متشردا لا مسكن له ولا مأوى غير خيمة متنقلة، ومن يصدق أنه كان يحمل سلاحا...؟

للأسف... النظام الفاشي الجزائري الذي لا يفهم في ثقافة حقوق الإنسان ولا في حق المحاكمة العادلة، سمح لنفسه بعرض مواطنين مغربين هما في الحد الأقصى متهمين، ضدا على الأعراف الديمقراطية والمواثيق الدولية، بينما قانونيا القضاء هو الوحيد الذي له الحق الاستماع إلى إفادتيهما، للأسف هي العقلية نفسها الذي يتقاسم خبلها كل الأنظمة الشمولية...

آسف أيها الجنرال الجزائري... لا أحد صدق حكايتهم... فالنظام الذي يجنح للطرح الإسباني في قضية سبتة ومليلية، هو نفسه الذي لا يرى في عقيدة مبدأ تقرير المصير غير الصراع مع جاره الغربي، هو نفسه الذي تفرغ للصراع مع المغرب، متناسيا هموم شعبه ومطالب الجزائريين  بالكرامة والعدالة والديمقراطية ومحاربة الفساد، فلا غرو أن يعميه حقده عن حقوق والضمانات القانونية والقضائية لمواطنين مغربيين، و لا عجب أن تأتي القصة البئيسة في سياق حملة العسكر الجزائرية المسعورة حد الحمق على المغرب، وظفت فيها حتى المنابر وبعض النخبة المستفيدة من ريع النظام العميق الذي أنهك فساده دولة لها كل الإمكانات لتكون دولة تنمية ورفاهية...

حتى شعبكم لم يصدقكم... فمن تريدون إقناعهم بهذا السيناريو البئيس... ؟ فالحقد أعماكم حتى نسيتم أن الخطاب البصري له آليات التحليل التي تعري الزيف، كما هو تحليل الخطاب اللغوي الذي يشتغل على الملفوظ والمتلفظ ليكشف ما يفكر فيه المخرج ويريد من الممثل المغلوب على أمره نطقه..

خالد أخازي: روائي و إعلامي