الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

بوبكري: تأمين السيارات "بثمن الصحراء" تجارة مربحة للوبي قطاع بعينه

بوبكري: تأمين السيارات "بثمن الصحراء" تجارة مربحة للوبي قطاع بعينه يونس بوبكري، رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب

يرى يونس بوبكري، رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، أنه رغم المجهودات التي بذلت من طرف الدولة لتطوير قطاع التأمين بالبلاد، والذي ساهمت فيه حكومات عدة، وتوجت باعتماد مدونة جديدة للتأمينات وإنشاء هيئة مستقلة لمراقبة قطاع التأمينات، إلا أن مشكل المنافسة الغير مشروعة بالمناطق الجنوبية تظل سيدة الموقف بسبب تنامي ظاهرة التأمين بـ "ثمن الصحراء"، وهي المعضلة التي تؤرق بال المهنيين...

 

+ كيف تقرأ فشل مختلف الحكومات المتعاقبة في الحد من ظاهرة هروب عدد من المواطنين إلى وكالات التأمين بالجنوب للاستفادة من التخفيض في عقود التأمين؟

- بالرغم من المجهودات التي بذلت من طرف الدولة  لتطوير قطاع التأمين بالبلاد، والذي ساهمت فيه حكومات عدة وتوجت باعتماد مدونة جديدة للتأمينات في محاولة لإعادة المراقبة الفعلية على هذا القطاع، خصوصا بعد صدمة سنة 1995 وإعلان تصفية 5 شركات للتأمين كانت تعرف فوضى تنظيمية ومالية آنذاك، وتوجت أيضا بإنشاء هيئة مستقلة لمراقبة قطاع التأمينات، تمنح لها اعتمادات مالية سنوية جد مهمة وهي هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي acaps، إلا أن مشكل المنافسة الغير مشروعة لتأمين المناطق الجنوبية لغير مستحقيه ظل يؤرق بال كل المهنيين، ولم يتم معالجة هاته المعضلة بشكل نهائي بسبب العديد من العوامل، أهمها غياب الدور الرقابي لهيئة مراقبة التأمينات بالقطاع، والتي تتحمل المسؤولية كاملة في  الفوضى الغير مسبوقة التي يعيشها القطاع حاليا وعلى جميع المستويات.

وما ظاهرة هجرة الزبناء نحو الجنوب إلا جزء من هاته الفوضى، والفشل في نظري لا يعود بالأساس إلى الحكومات بقدر ما يعود إلى عدم لعب الهيئة لأدوارها التي حددها المشرع، بالإضافة إلى وجود شركات بعينها تحقق أرباح هامة من هذا التلاعب في العقود، ولم يسبق أن أتخد في حقها أي قرار زجري، نظير الخروقات التي تمارسها في السوق والإخلال بمبادئ المنافسة الشريفة عبر منح تخفيض يصل إلى 40% من تعرفة المسؤولية المدنية لغير مستحقيه قانونا.

 

+ هل يمكن الحديث عن تواطؤ الشركات الأم في هذا الإطار؟

- بالفعل هناك تواطؤ بين شركات التأمين، وسوق التأمينات بالمغرب يعرف العديد من التواطؤات اللاأخلاقية واللاقانونية، والتي لم يسبق الإبلاغ بشأنها الى المؤسسات الدولة الدستورية إلا مع بروز جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، تواطؤات أصبحت حديث الرأي العام الوطني حاليا، فتعرفة المسؤولية المدنية للسيارات مثلا لا تعرف أي منافسة في السوق، وشركات التأمين متواطئة حولها ضد الزبناء والوسطاء على حد سواء، وبالمقابل نجد صمت مطبق من طرف هيئة الرقابة acaps، فظاهرة تأمين  السيارات "بثمن الصحراء" وفقا للمقولة الشهيرة لدى المستهلكين، تعتبر تجارة مربحة للوبي بعينه، وهما شركتان تنتميان إلى نفس المجموعة بالسوق، وتم إدماجهما مؤخرا، وقد استفادتا وتستفيدان من مداخيل جمة بالملايير على حساب  الدولة والوسطاء في التأمين، كما أنهما تسببا في إفلاس العديد من الوسطاء عن طريق مكاتبهم المباشرة المنتشرة في أغلب مدن الجنوب، ومازالوا مستمرين في العبث بالقانون.. فكما هو معلوم فتخفيض التأمين بالنسبة للمناطق الجنوبية له شروط محددة  قانونا للاستفادة منه ويهم تخفيض 40% لتعرفة المسؤولية المدنية الإجباري، وبالتالي فالاستفادة لغير مستحقيه يمكن كشفها بكل سهولة عن طريق مراجعة المعطيات المسجلة بعقود التأمين وتلك المسجلة ببطاقاتهم الوطنية وعند المراجعة سيتم اكتشاف التزوير أو الغش في معطيات عقود الزبناء.. وكل هاته المعلومات متوفرة لدى الهيئة الوصية ويمكنها اتخاذ الجزاءات ضد المخالفين من مكاتب مباشرة التابعة للشركات التأمين أو الوسطاء من  حالات الغش أو التزوير إن وجد على النيابة العامة، لكن للأسف هاته الهيئة أكدت أنها خارج دائرة الرقابة على شركات التأمين ومكاتبها المباشرة.

 

+ ما هي أبرز تداعيات هذه الظاهرة على حقوق المؤمن لهم في حالة وقوع حوادث وعلى الوضع المالي لوكالات شركات التأمين بباقي ربوع المملكة؟

- من أبرز التداعيات هي إفلاس العديد من مكاتب الوساطة في التأمين خصوصا بالجنوب بسبب هاته المنافسة الغير مشروعة أو اختلال في التوازن المالي لباقي الوسطاء، وبالنسبة لحقوق المؤمن لهم فهي تكون مهضومة بطبيعة الحال فعند وقوع حادثة، فشركات التأمين تبحث عن أي ذريعة للتهرب من أداء التعويضات وتجد في المؤمنين لهم بتعرفة المواطنين القاطنين بالصحراء وغير مستحقين لها فرصة مواتية لعدم أداء قيمة التعويضات المستحقة للحادث بدعوى أن الزبون لم يؤدي القسط كاملا عند اكتتاب العقد وتحمله كامل المسؤولية في ذلك.. وبالتالي فشركة التأمين ستطبق ما يسمى بقاعدة التناسبية، والتي يمكنها من خلالها تخفيض نسبة التعويضات المستحقة جراء أي حادث بذات نسبة انخفاض القسط أو ربما رفض التعويض كليا بدعوى الغش.. وهنا يصبح الزبون بين كماشة شركات التأمين، وبالتالي فشركة التأمين هي الرابحة بطبيعة الحال من كل هذا العبث.

 

+ ما هي مقترحاتكم لمواجهة هذه الظاهرة، سواء في الشق المتعلق بهيئة مراقبة التأمينات والشركات الأم أو الشق المتعلق بمراقبة السير والجولان؟

- لقد طالبنا ومازلنا نطالب كهيئة مهنية بتدخل هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ومعاقبة مسؤولي شركات التأمين أو المكاتب التي تتواطأ الى جانبها في هكذا عمليات منذ سنوات، وهي نفس المطالب التي رفعها وسطاء التأمين لجهة كلميم واد نون.. إلا أن الهيئة لم تقم بأي إجراء واقعي أو قانوني منذ أزيد من سنة تقريبا رغم توصلها بشكايتهم جميعا ولم تحرك أي ساكن إلى الآن.

ونظرا لخطورة الظاهرة على استثمارات الوسطاء بجهة كلميم، وتبعا للوثائق التي توصلت بها الجمعية والتي تحمل شبهة التزوير والغش في عقود للتأمين، اكتتبت لدى مكاتب مباشرة تابعة لشركات للتأمين بعينها وبعض الوسطاء، فقد أشعرنا مصالح رئاسة النيابة العامة من أجل التدخل وفتح تحقيق في الموضوع وعرض المخالفين للقانون على العدالة، لوضع حد لهاته الممارسات الشنيعة، التي تسيء إلى الاستثمار ببلادنا.. ونشكر بالمناسبة تجاوب مصالح رئاسة النيابة العامة بالرباط والوكيل العام لمحكمة الاستئناف بأكادير مع شكاية الجمعية، وننتظر حاليا نتائج التحقيقات بمدينة كلميم. فمن المؤكد أنه إذا تمت معاقبة المسؤولين عن هاته المخالفات، فلن يستمر هذا العبث من طرف شركات التأمين.. كما نرجو من السلطات الأمنية الساهرة على حسن السير والجولان بجميع ربوع المملكة، سواء رجال الأمن الوطني أو الدرك الملكي مزيدا من التحري والتدقيق عند نقط المراقبة في مدى مطابقة شهادة التأمين والمعطيات الشخصية المسجلة بالبطائق الوطنية، وليس فقط التدقيق في شهادة التأمين ورقم العربات ومدى صلاحية الشهادة، فعبر هذه العملية سنساهم جميعا في محاصرة الفوضى في اكتتاب عقود التأمين بتعرفة المناطق الجنوبية لغير مستحقيها.