Tuesday 18 November 2025
Advertisement
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: هل يتخلى الإيليزي قطعياً عن الموراديا؟.. لا أعتقد ذلك!!

محمد عزيز الوكيلي: هل يتخلى الإيليزي قطعياً عن الموراديا؟.. لا أعتقد ذلك!! محمد عزيز الوكيلي
كثيرون سيردّون على السؤال، في العنوان أعلاه، بأن اللعب والمراوغة والتحايل لا تنتهي جميعها بين الجزائر وفرنسا، لأن الجميع يعلم أن أساس المشاكل الإفريقية، والمغاربية، والمشكل الجزائري المغربي تحديداً، فرنسيٌّ في بدايته التي نعلمها جميعاً،
وفي نهايته التي ستظل ملتبسةً وغامضة إلى ما شاء الله!!
 
كثيرون سيقولون إن فرنسا والجزائر، هما معاً، بصدد إعداد طبخة جديدة ليس إلاً، نظراً لعلاقتهما "العضوية" التي شَهِدَ عليها التاريخ والمجتمع الدولي، والتي تأخذ في كل مرة شكلاً مختلفاً، في ظاهرها على الأرجح، ولكنها في جوهرها هي هي: أُمٌّ بيولوجية تشاكس ابنتها الطبيعية، وابنة مشاكسة تبادلها الأخذ والعطاء، والدفع والجذب، والمد والجزر، دون ان يتغير شيء في عمق تلك العلاقة، والدليل جليّ وواضح فيما تسير إليه تلك العلاقة في أيامنا الأخيرة هذه... فكيف ذلك؟!!
 
من جهة، يخرج وزير الداخلية الفرنسي السابق "روطايو" ليقول لصحافي سأله عن رأيه في إطلاق سراح الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال: "إنني مسرور لخروج صنصال من السجن الجزائري، بكل تأكيد، ولكنني في الآن ذاته أحرص على التوضيح بأن تدهور العلاقة بين الجزائر وفرنسا لم يكن بسبب اعتقال صنصال، بل بسبب اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء الغربية"!!
 
في الموازاة مع هذا التصريح المشاغب، الذي يكاد يبقى عدائياً، والذي يبدو مثل محاولة هروب إلى الأمام، مما من شأنه أن يُسيء للعلاقة ذاتها أكثر فأكثر، تأتي أخبار أخرى مخالفةٌ عن تطورٍ ملموس في تدخل مؤسسة رئاسة الجمهورية الألمانية، من مجرد التماس إطلاق سراح صنصال، إلى محاولة رأب الصدع بين الإيليزي والموراديا، بوساطةٍ وتأطيرٍ ألمانيَيْن، حتى أن منابر إعلامية غربية غير قليلة سمحت لنفسها بالحديث عن جريان اتصالات مكثفة ولكنها مازالت في طور السرية بين الرئيسين تبون وماكرون، حتى أن ماكرون أثناء تعليقه على تسريح بوعلام صنصال وتوجيهه شكره لنظيره الرئيس الألماني، انتهز الفرصة ليقول إن بين فرنسا والجزائر ملفات ينبغي الانكباب عليها والتفاهم حولها، ملمّحاً بذلك إلى قيام أو احتمال قيام اتصالات على أعلى مستوى في هذا الاتجاه!!
 
السؤال الذي يطرح نفسه، الآن، أمام هذا اللبس في علاقات فرنسا بالجزائر، والجزائر بفرنسا، هو إلى أي حد يستطيع النظام الجزائري أن يتجاوز عما يسميه خيانةً وغدراً فرنسيين من جراء اعتراف الإيليزي رسميا بمغربية الصحراء، والزيادة على ذلك بدعمه للملف المغربي أوروبياً وأممياً؟.. وفي الوقت ذاته، إلى أي حد ستتنازل فرنسا ماكرون عن عنترياتها وكرامتها، التي لم تَنْجُ هي الأخرى من الهدر على ألسنة مسؤولين جزائريين غير قليلين، سواء داخل التراب الجزائري، أو في نظيره الفرنسي بألسنة وسلوكات الجزائريين المقيمين به، أو في دهاليز الهيئات الأوروبية والدولية التي يطلق فيها ممثلو النظام الجزائري هرطقاتهم المعهودة؟!
 
يأتي في الموازاة مع هذا كله أيضاً، الحديث عن اقتراح البرتغال كمكان لاحتضان المفاوضات المرتقبة بين المغرب وباقي أطراف نزاع الصحراء المفتعَل، بإشراف من الولايات المتحدة الأمريكية دائماً، مادامت هذه لن تترك الملف يتحرك خارج مراقبتها اللصيقة... غير أن هذا الاختيار الجزائري لدولة البرتغال يكاد ينم عن إيعاز فرنسي خفيّ، في محاولة لإحداث نوع من التوازن بين الضغط الأمريكي من جهة، والثقل الفرنسي والأوروبي ممثَّلاً ظاهرياً في البرتغال من جهة ثانية، بالرغم من الموقف البرتغالي الذي مال مؤخَّراً ميلاً مُعتبَراً صوب الحق المغربي في صيانة الوحدة الترابية للمملكة؟!
 
اللاعبون في هذا الملف إذَنْ، وكذا في الملف الإجرائي للمفاوضات المرتقبة، يزدادون عدداً وعُدّة، بما يجعل الدبلوماسيا المغربية أكثر يقظةً وتوقعاً لكل الاحتمالات، وأكثر استباقاً لما قد تأتي به أي جهةٍ من الجهات المتدخلة راهناً أو مُستقبَلاً على هذا الصعيد...
 
وإنّ الثقة في دبلوماسيتنا، بطبيعة الحال، كبيرة ووازنة، مهما تراقص الخصوم، ومهما تماهت معهم فرنسا أو غيرها، لأن الملف استكمل جميع عناصره، ولم يعد ممكنا سوى السير به إلى نهايته المحتومة في ظل حكم ذاتي خاضع للسيادة المغربية...
 
عدا ذلك، فليس هناك أسهل من أن يمر المغرب إلى السرعة النهائية والقُصوى، من جانبه، بتنزيل مشروعه للحكم الذاتي دون انتظار أحد من المترددين أو المتلاعبين... انتهى الكلام!!!
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد