الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الوهاب دبيش: في ذكرى التهجير القسري لـ 350 الف مغربي صبيحة عيد اضحى 1975

عبد الوهاب دبيش: في ذكرى التهجير القسري لـ 350 الف مغربي صبيحة عيد اضحى 1975 عبد الوهاب دبيش

أن تكون شاهدا على مآسي آلاف المغاربة المقيمين بالجزائر بصفة قانونية ولهم أملاكهم وأسرهم ومتزوجون من جزائريات وجزائريين، ثم ترى بأم عينيك أنهم أصبحوا في وضع اللاجئ المغترب بدون مال ولا أسرة ولا أضحى، فيجب أن تعيش في جزائر العسكر لكي تفهم السياقات التي أوصلت بومدين وزبانيته إلى ارتكاب أبشع جريمة ضد الإنسانية في منتصف السبعينات من القرن الماضي.

 

حقد ما بعده حقد، وغل في منتهى السفالة والصلافة وقلة المروءة ممن يدعون أنهم إخوة للشعب المغربي الذي لم يكفه أنه قدم لهم مساعدات زمن ثورتهم المفترى عليها، وإنما كان من بين ضحايا هذه الثورة وشهدائها، مغاربة من مدن مغربية مختلفة..

 

سماها بومدين المسيرة الكحلة، كناية في العمل السلمي الشعبي الرائع المسيرة الخضراء الذي قام به المغرب يوم سادس نونبر من نفس السنة، أي قبل شهر ويومين من الفعل الإجرامي المحرم شرعا وعرفا وقانونا وأخلاقا، والمرفوض من قبل المجتمع الإنساني الكوني.

 

الغريب في الأمر أن المسيرة الكحلة التي طرد بموجبها بومدين أكثر من  ربع مليون مغربي ومغربية، لم تحظ من قبل المنتظم الدولي بأي دعم، وكانت الجمعيات الغربية التي تكالبت ضد استرجاع المغرب لأرضه تغاضت عن هذه الجريمة بفعل تأثير الرشاوى المقدمة لهم من قبل الجزائر من أموال البترول الجزائري التي كان الجزائريون أولى بها من شرذمة الانفصاليين ومن يدعمهم من جمعيات الاتحاد الأوروبي المرتشية.

 

الآن بعد مرور أكثر من خمس وأربعين عاما عن هذا الفعل الشنيع، ما زال أصحاب الحق بمفردهم يصرخون في وجه المنتظم الدولي لكي يحصلوا منه على حق رد الاعتبار لهم ولأسرهم ولممتلكاتهم التي تكالب عليها مجتمع خاوة خاوة، كما تكالبوا على أضحياتهم، وكأنهم في لحظة افتراس حيوانية همجية.

 

المطرودون من بلاد خاوة ما خاوة حتى زفتة لم يموتوا لا بالبرد والصقيع الذي رافق سنة 1975 ولا بالجوع، فقد وفر لهم بلدهم الأصلي مواد غذائية كانت كافية لتغذيتهم طيلة السنة الموالية 1976 بل أغلبهم أدمجوا في الإدارات المغربية كموظفين وأعوان وأطر غذت الوظيفة العمومية المغربية، ولم يشتك المغرب لا الأمم المتحدة عن أجورهم ولا عن منازلهم التي سكنوها، وأغلبهم كانوا في سكن وظيفي بمؤسسات التعليم والجامعات والإدارات العمومية.

 

الآن هذه الفئة طالبت الأمم المتحدة التي أنصفتها في قراراتها سنة 2015 مطالبة الجزائر بأداء ما بذمتها لهذه الفئة العريضة من المغاربة، ويجب أن تجبر على إعادة جميع ممتلكات هذه الشرائح المجتمعية.

 

بالمناسبة لم ينعم الجزائريون بمواد غذائية كافية في بلادهم منذ أن طرد المغاربة منها سنة 1975 وإلى اليوم، حتى يعلم الجزائريون أن على مسؤوليهم أن يتريثوا قبل إقدامهم على خطوات مشابهة، لأن ما تقوم به حكوماتهم لحظة الغضب والقلق يكون له أثر عكسي غير الذي يريدون.

 

ولتعلم  الجهة الحاكمة في هذا البلد الذي فرضت علينا الجغرافية أن نكون بجواره أن الشعب المغربي لن يسامح ولن ينسى ما ارتكب في حق مواطنيه، وأن الحق سيعود لأهله ولو بالإجبار.. وما ضاع حق وراءه طالب.