الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

كمال السعيدي: لا يوجد لقاح آمن بالمطلق، ولكن...

كمال السعيدي: لا يوجد لقاح آمن بالمطلق، ولكن... كمال السعيدي

لا يوجد عقار بدون أعراض جانبية، وجود هذه الأعراض لا يمنع تسويق العقار وهناك مؤسسات ومنظومة كاملة لليقظة الدوائية مهمتها تتبع تلك الأعراض وتقييمها بشكل دوري، قد تصل أحيانا إلى سحب العقار من الأسواق ومنع استعماله.

 

البينيسيلين مثلا، وهي من أقدم وأكثر المضادات الحيوية استعمالا، ليست عقارا آمنا مئة في المئة؛ وتشير بعض الدراسات إلى أن حوالي عشر بالمئة من الناس يعانون من شكل من أشكال الحساسية تجاهه، وأن نسبة معينة من هؤلاء قد يعانون من أشكال خطرة من هذه الحساسية ربما تهدد حياتهم.

 

نفس الشيء يمكن أن يقال عن البراسيتامول، وهو عقار شائع الاستعمال ضد الصداع والحمى، وهو يمكن في بعض الحالات أن يؤدي إلى قصور أو تدمير الكبد. ومع ذلك فالبينيسلين كما الباراسيتامول موجودان ويباعان بالصيدليات لأن فائدتهما أهم بكثير من مخاطر استعمالها، والتي يمكن تجنب بعضهما فقط باحترام مقتضيات الوصف الطبي السليم.. وهما معا يخضعان بدورهما للتتبع والمراقبة المستمرة.

 

نفس الشيء يمكن أن يحدث مع اللقاحات، لا يوجد لقاح آمن بالمطلق، ولكن التجارب المخبرية والسريرية التي تسبق مرحلة الترخيص والتسويق تضمن أن تلك التأثيرات تبقى محدودة وغير خطيرة وأن الفائدة المرجوة هي أكبر بكثير من التأثيرات والأعراض الممكنة.

 

رغم أن معظم اللقاحات المتعلقة بكورونا اجتازت، على ما يبدو، بنجاح مسألة السلامة والفعالية، فإن أكثر ما يعيبها حقا هو فقر المسافة الزمنية التي تبقى غير كافية (pas assez de recul) لتعميق المعرفة بها والحكم النهائي عليها؛ ولكن ضغط جائحة كورونا وحجم الدمار العالمي الذي تسببت فيه صحيا واقتصاديا على الأقل مع غياب بديل علاجي، هو ما يبرر هذه السرعة التي تتم بها خطوات الترخيص الاستعجالي في العالم للشروع في حملات تلقيح تبدو خلاصية لملايين البشر، وطبعا للكثير من الأنظمة كذلك...