السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

نور الدين الحراق: المجالس المنتخبة تسببت في مجازر عمرانية بالقنيطرة

نور الدين الحراق: المجالس المنتخبة تسببت في مجازر عمرانية بالقنيطرة نور الدين الحراق

أشرنا إلى ما وقع لسكان حي الأمل بمدينة القنيطرة الذي تم تطويقه بحزام أو جدار إسمنتي ليحجب بشاعة الصورة ما وراء هذا الجدار. لا ننكر أن ما وقع لسكان هذا الحي ولعدد من الأحياء بالمدينة ليس مسؤولية هذا المجلس وحده فقط، فبقدر ما تعددت الجرائم العمرانية بمدينة القنيطرة، تعدد أيضا الذين أجرموا بحق هاته المدينة، فجزء منها نفذته المجالس السابقة، أما المجلس الحالي فقد أنهى الجزء الكبير و"باحترافية" ما بدأته المجالس السابقة من جرائم عمرانية.

 

رغم معرفتنا بما ينتظرنا من سب وشتم، لن نكترث لذلك إطلاقا انطلاقا من قناعاتنا ومن حقنا التدخل ليس من أجلنا ولكن من أجل مأوى ملائم لأبنائنا ولكل الأجيال القادمة.

 

المدينة قاب قوسين من أن تتحول من مدينة مركزية (أقل من نصف مليون نسمة) إلى مدينة متروبوليتانية (أكثر من مليون نسمة)، فكان لا بد من وضع رؤية عمرانية مستدامة لضمان حصول الجميع على مساكن وخدمات أساسية ملائمة ونظم نقل مأمونة ومساحات خضراء وأماكن عامة آمنة شاملة للجميع ويمكن الوصول إليها لاسيما الأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة.

 

لا المجلس الحالي ولا المجالس السابقة امتلكت هاته الرؤية، فمن خلال التشوهات الحضرية التي عرفتها وتعرفها المدينة دليل على افتقار هاته المجالس لسياسات اجتماعية حضرية واضحة، أحياء كاملة بدون مرافق (الإرشاد التوسعي...)، أسواق مبنية مهجورة وتتآكل (فاطمة الفهرية، طريق عين سبع..)، أكشاك ممتدة فوق الأرصفة (بئر أنزران)، عمارات المنال، محطة الملاح، صناديق اسمنتية بجوطية الساكنية، جوطية بن عباد، هكتارات السكن الاقتصادي بطريق الرباط قرب أسواق السلام!!!..) .

 

ليس المفروض في الذين يدبرون شأننا العام المحلي أن يكونوا ملمين أو دارسين لنظريات التمدين أو أشكال المدن، لكن المفروض فيهم استشارة المراصد الحضرية والتنسيق مع مختلف الفاعلين وجمع المعلومات قبل صنع القرار الحضري، وذلك لمكافحة نشوء الأحياء الفقيرة ولمعرفة كذلك الأخطار الموجودة والمحتملة للتوسع العمراني.

 

وبقدر ما تتميز به المدينة من مميزات اقتصادية واجتماعية وجغرافية قد تجعلها محورا للتنمية داخل الجهة، بقدر ما يعرف نموها الحضري إشكالات كبيرة مرتبطة بمحيطها البيئي (واد سبو، غابة معمورة، الفرشة المائية للفوارات...) الذي قد يشكل عائقا للنمو الطبيعي للمدينة ومتحكما فيها، حيث قد يتخذ التوسع الحضري مسارات ومجالات أخرى(اتجاه سيدي الطيبي، اتجاه عين سبع...) مما قد يظهر للبعض بعض الأحياء أطرافا للمدينة قد يشكل قريبا مركزها. وبعض الأحياء التي تظهر حاليا فوق اليابسة قد تظهر يوما ما أحياء عائمة. ونخص هنا بالذكر خط المجرى المائي الذي يمتد من نهر سبو ويمر عبر إقامة المنال وهكتارات السكن الاجتماعي قرب أسواق السلام، وهنا كان لابد من فصل الأنسجة العمرانية وذلك بترك مساحات تجنبا لحدوث فيضانات لأن المناطق التي ذكرناها نقط الارتفاع فيها تتساوى أو ترتفع قليلا على مستوى سطح البحر، كان من المفروض (على المجالس السابقة) أن يكون على طول الشريط (الوادي) الذي يمتد من نهر سبو مرورا بالصياد وإقامة المنال وبئر الرامي (المجلس الحالي) فضاءات ومساحات خضراء لتجنب خطر الفيضانات وجعل المدينة مفتوحة وآمنة يستفيد الجميع من الأماكن العامة والفضاءات الخضراء .

 

المجال لا يتسع لذكر جميع المجازر العمرانية التي عرفتها وتعرفها مدينة القنيطرة، ونحن لا نصفي حسابات سياسية مع أحد، بل ننظر إلى خطورة ما يجري من منظور أكاديمي محض، وعلى الذين يدبرون شأننا العام عليهم أن يفهموا معنى العيش المستدام وأن المدينة لا يمكن النظر إليها على أنها هيكل اقتصادي أو أنها بناء فيزيقي أو شكل عمراني أو وحدة إدارية بل هي نظام اجتماعي، هي مركب إيكولوجي، كما يقول دونكان. والغريب في الأمر هو أن رغم كل ما أنتجته البشرية من مدارس ودارسين عن التوسع العمراني وأشكال المدن، يعاد وبشكل أبشع في هاته المدينة إنتاج تشوهات حضرية بدائية وتصاميم حضرية لا تخضع بتاتا لقواعد هؤلاء الدارسين.

 

- نور الدين الحراق، فاعل جمعوي رئيس جمعية أرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب