الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

خطر تعيينات المجالس العلمية بمسحتها الأصولية على سلامة بنية الدولة في المغرب

خطر تعيينات المجالس العلمية بمسحتها الأصولية على سلامة بنية الدولة في المغرب مشهد من اجتماع المجلس العلمي المحلي لتطوان وعلى اليمين وزير الداخلية ويسارا وزير الأوقاف
نشر المجلس العلمي المحلي بتطوان،على صفحته بالفايسبوك صورة لأول اجتماع له في عهدته الجديدة.ومن الطبيعي أن يغري  هذا الاستعجال في  النشر المتتبعين، لإنجاز مختلف القراءات لهذه العهدة في معادلتها المحلية والوطنية، للوقوف على مظاهر الانحراف المعلن الذي أضحى عليه تدبير الحقل الديني،مما يؤثر سلبا على سلامة بنية الدولة في المغرب.وتستوقفنا في هذا الصدد  جملة ملاحظات :
1- يظهر أن هذا النشر يحكمه منطق ،سبق أن عبر عنه الأستاذ محمد الشنتوف ،لما عمد موقع إلكتروني مقرب منه،إلى تهنئته بمجرد إخباره بوقوع الاختيار عليه كرئيس للمجلس العلمي،حيث قام هذا الموقع بتجيير هذا "التعيين" باعتباره "إضافة نوعية".ثم قام أيضا، بتوصيف لحظة "تسليم المهام" ب "حفل تنصيب".حيث تضع هذه الخفة الإعلامية نفسها- بغاية "ترسيم"هذا التعيين قبل الأوان - في موقع التعارض مع الأسلوب الرسمي في هذا الباب.كما أن إعلان الصفحة الرسمية للمجلس عن أسماء الأعضاء الجدد - علما أن تعيينهم تم بالهاتف فقط - يعبر هو الآخر عن هذه الخفة.وأكيد أن  جهة الاختصاص،ستكون غير مرتاحة لذلك ،وهذه الخفة  تنطوي بسعيها فرض الأمر الواقع إعلاميا،على هاجس التوجس مما قد يحمله تعميق البحث الأمني من مفاجآت تقطع الطريق على "الخوارج".
2-لقد ظهر في صورة هذا الاجتماع، العضو الجديد محمد اغبالو ،بطاقية مشرقية على رأسه،كما يفعل في صلاة الجمعة.حيث يظهر أنه لا يقيم وزنا لمنبر الجمعة ولا لكرسي المسؤولية في المجلس العلمي.فهذا الأصولي بغطاء أوهن القبعات الأصولية، فيما يتم التسويق له،لا يتقيد بالأدبيات المذهبية في الصلاة،فأحرى بغيرها.فكيف سيسهر من خلال المهام المسندة إليه ،على التمكين لهذه الأدبيات،وللعنصر البشري المطابق لها في المشرب المذهبي؟ إن ما هو معروف عن هذا العضو، في العديد من مواقع إنتاج الخطاب الديني، انخراطه في منظومة مغايرة للثوابت المذهبية للبلاد،وبالتالي فإن تواجده بالمجلس العلمي،إنما يندرج بمعية رئيسه،ضمن الانقلاب الأصولي الناعم على مرجعية إمارة أمير المؤمنين.
3-هذا العبث في تطوان، يتحمل جانبا من المسؤولية فيه،الرئيس السابق، الأستاذ عبد الغفور الناصر.ولاستيعاب هذا المعنى،لا بد من التذكير بأن سي عبد الغفور بفضل أهالي تطوان،تم رد الاعتبار له في العهد الجديد،بعد أن كان الوزير المدغري قد أعفاه من عضوية المجلس العلمي بتطوان ولواحقها.لكنه لم يكن وفيا لمعادلة هذه الدينامية التي ساهمت في عودته إلى الخطابة بمسجد الحسن الثاني،وفي دخول الفاتحين للمجلس العلمي.فهناك استياء كبير في تطوان من سي عبد الغفور لأنه لم يحافظ على مقام العالم الملتزم ،بأن ساهم في لعبة مع الأسف يعتبرها أهالي تطوان غير ودية تجاه تاريخ المدينة،وتجاه تراكم عمل المجلس العلمي،بمساهمته في آلية زرع الأصولية في مجلس تطوان بكل الوسائل.وسيضعه هذا اللعب غير النظيف على قاعدة "من بعدي الطوفان"،في حرج أخلاقي أمام الدوائر العليا،وهو الآن ،عضو بالمجلس العلمي الأعلى ،والخطيب بمسجد محمد السادس بالمضيق.كما تذهب بعض الأصوات في تطوان، إلى إشراك المنسق الجهوي للمجالس العلمية الأستاذ محمد كنون،مع سي عبد الغفور ،في مسؤولية ما حصل في تطوان.وقد يكون لهذا البعد بعض الوجاهة في التحليل،إذا علمنا أن الخلية النسوية للمجلس العلمي بطنجة ،أصبحت تابعة لحركة التوحيد والإصلاح،بصرف النظر عن الارتباطات الأصولية لبعض الأعضاء هناك.
4-وتبقى في كل الأحوال ، التعيينات الأخيرة في المجالس العلمية، مفتقرة إلى السند القانوني.فظهائر تعيين الرؤساء الجدد لم تصدر بعد .كما ما زال هناك تأرجح رسمي في مستوى تعيين الأعضاء الجدد؛هل سيتم ذلك بظهائر ملكية،كما جرى العمل بذلك،أم بقرارات وزيرية،تحتاج بدورها إلى ظهير التفويض ؟وهذا الإشكال يسائل موقع الأمانة العامة للمجلس العلمي في هذه العملية؟ثم أليس من شأن  هذا التفويض- إن حصل- أن يضعف مؤسسة العلماء ووضعها الاعتباري،لحساب موقع الأصولية في احتكار الحقل الديني،وبالتالي إخراج هذا الحقل من المجال المحفوظ للملك/أمير المؤمنين؟
ويظهر بهذا، أن موضوع هذه التعيينات في بعده الدستوري والسياسي،هو في حاجة إلى تأمل عميق ممن هم على مقتضى البيعة ،وقد عصمهم الله من الأهواء الشخصية والإديولوجية.وما عدا ذلك فالأمور لا تبشر بخير.ولا عبرة بتعبيرات التدليس على صاحب الأمر في هذا الباب.
5-من هنا ،إذا اعتمدنا نفس تمثل حزب العدالة والتنمية  لانشغال وزارة الداخلية ب"القاسم الانتخابي"،وأحلناه على تمكين وزارة الأوقاف للأصولية في مختلف مفاصل الحقل الديني،سنقف على حجم التناقضات في عمل ما يصطلح عليه بوزارات السيادة،الأمر الذي يبين أزمة الرؤية الرسمية للظاهرة الأصولية.وطبعا نحن هنا أغفلنا الإشارة إلى أن "بيوتات" بعض  رجال الإدارة الترابية أصبحت منخرطة في  دينامية  حركة التوحيد والإصلاح،وإلا فمؤشر اختراق وزارة الداخلية، هو الآخر لا يبعث على الارتياح.
أما بعد، فقد اتسع الفتق الأصولي على رتق المشروعية الدينية للدولة المغربية،حتى وهي دولة مدنية،فاعتبروا يأولي الألباب!