الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

مصطفى سلمة ولد مولود: موريتانيا ورقة الجوكر في حرب الصحراء الجديدة

مصطفى سلمة ولد مولود: موريتانيا ورقة الجوكر في حرب الصحراء الجديدة مصطفى سلمة ولد مولود
موريتانيا المنهكة بسبب حرب الصحراء، اضطرت سنة 1984 للاعتراف بالجمهورية الصحراوية بعد أن أحرجها المغرب بوصول حزامه الدفاعي إلى الحدود الموريتانية قرب بلدة بير ام اغرين، ما وضعها في حرج مواجهة مع قوات البوليساريو التي أصبحت مجبرة على المرور من الأراضي  الموريتانية لضرب القواعد المغربية جنوب الصحراء أو أثناء انسحاباتها من عمليات الكر و الفر  في حرب العصابات التي كانت تشنها الجبهة ضد المغرب.
الاعتراف يعطي لموريتانيا حق ابرام الاتفاقيات مع الجمهورية الصحراوية. فلم ترد موريتانيا حينها أن تمارس دور الشرطي نيابة عن المغرب و تدخل في مواجهة مع قوات البوليساريو، و لم يكن في إمكان المغرب أن يفتح جبهة جديدة مع موريتانيا لتنضم لحلف البوليساريو و الجزائر.
اليوم نفس السبب: وجود شطر من الحزام الدفاعي المغربي على الحدود الموريتانية قرب بلدة بير ام اغرين شمال موريتانيا، يجعل من موريتانيا أهم ورقة رابحة للطرفين في أي حرب جديدة. خاصة و أن موريتانيا 2020 ليست هي موريتانيا سنة 1984. و المعادلات الدولية و الجيو استراتيجية لم تعد هي. لذلك من الطبيعي ان يحاول كل طرف أن يكسبها في صفه.
و في هذا الاطار تأتي خطوة المغرب الحالية،  برفع مستوى العلاقات بين البلدين لاعلى مستوى، بعد ان كان يطبعها نوع من الجفاء و التوجس.
كلا البلدين في حاجة إلى طمأنة الآخر حول أمنه القومي. فموريتانيا بعد وصول الحزام الدفاعي المغربي الى الحدود مع مدينة نواذيبو، و حيث لم تعد تفصل بين المغرب و لكويرة التي تتقاسم نفس شبه الجزيرة مع العاصمة الاقتصادية لموريتانيا أية منطقة عازلة. تحتاج تطمينات من المغرب حول عدم منافستها اقتصاديا في تلك المنطقة، و تحتاج الى ضمانات بعدم مبادرة المغرب الى استغلال منطقة لكويرة في الوقت الراهن، و هو امر لا يستطيع المغرب رفضه مقابل استمرار تدفق تجارته عبر معبر الكركرات نحو افريقيا. و هذا الاتفاق ليس منة فهو اتفاق ضرورة، لان حاجة المغرب للمعبر لا تقاس بحاجته الى منطقة لكويرة. لذلك تحتاج موريتانيا ثمنا اكبر من المغرب مقابل ان تمارس دورها السيادي على كامل اراضيها و تمنع استغلالها من طرف قوات البوليساريو. و الثمن ليس بسيط لان المطلوب ليس بسيط. فإذا ما منعت موريتانيا قوات البوليساريو من استغلال اراضيها، فستفقد البوليساريو اغلبية المناطق شرق الحزام لانها لن تكون قادرة على الوصول اليها.
في الجهة الأخرى جبهة البوليساريو لا غنى لها عن الأراضي الموريتانية للعبور من شمال الصحراء المحاد لقواعدها في تيندوف الى جنوبها الذي يحول بينها و بينه الحزام الدفاعي المغربي. و هنا ستتحول الانظار الى ما ستقدمه الجزائر من إغراءات لموريتانيا مقابل استمرار الاتفاق العرفي القديم الذي كان يسمح لقوات البوليساريو بعبور الأراضي الموريتانية.
ماهو أكيد هو أن موريتانيا تمتلك الورقة الرابحة في حالة اندلاع حرب جديدة في الصحراء، و ستظهر قوة الديبلوماسية الموريتانية في مساومة اطراف النزاع و ضمان مصالح موريتانيا. و ما كان يسمى بالحياد في موريتانيا سيتغير مفهومه و مضمونه، حسب مكاسب موريتانيا من مساوماتها مع اطراف النزاع. فلم تعد هي الحلقة الاضعف في الوقت الراهن، لانها تتحكم في عبور تجارة المغرب نحو افريقيا، و تتحكم في عبور قوات البوليساريو في حالة الحرب. و ما كان حرجا و نقمة في سنة 1984 أصبح نقمة وورقة تفاوضية رابحة لدى موريتانيا.