الأربعاء 8 مايو 2024
كتاب الرأي

صبري الحو: أزمة الكركرات تضع المغرب أمام هذين الخيارين

صبري الحو: أزمة الكركرات تضع المغرب أمام هذين الخيارين صبري الحو
تضع أزمة الكركرات الثالثة، المغرب أمام خيارات صعبة وجد معقدة. فهو حريص ويوثر الحفاظ على وضعه السياسي والقانوني المتقدم أمميا مع توالي المراحل، ويحبذ تحصينه والدفاع عنه، ويرفض المجازفة به انسياقه وانجراره أمام استفزازات البوليساريو، ويستمر في ضبط النفس درءا للوقوع في شراك ضياع هذه الدرجة والمرتبة.
وفي تقديري، هو احتياط مغربي زائد، قد يكتشف، أن استمر فيه أنه خطأ فادح. فهذا التراخي لاحظته البوليساريو، وتستعجل استثماره بغية فرض واقع جديد في المنطقة العازلة، تربك به المسيرة السياسية الأممية، وقد تقوضها. وتستغله داخليا باستلهام تطلعات شبابها اليائس ببداية تنفيذ مشروعها بإعمار ما تسميه "بالأراضي المحررة"، وتحقيق حلم قيام "دولة صحراوية"
والمغرب مدعو لمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتنفيذ سابق قرار مجلس الأمن عدد 2414، في فقرته السابعة والثامنة، الذي يأمر البوليساريو بالانسحاب من الكركرات، وعدم تغيير أي وضع في المنطقة العازلة، وأن يضع ميسرة قصيرة تنهي بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، أو بطائل تدخله الشخصي.
فالأمين هو رئيس الأمانة العامة للأمم المتحدة، صاحبة الاختصاص في خدمة أجهزة الأمم المتحدة بما فيه مجلس الأمن، وله مكاتب تغطي كل أنشطة الأمم المتحدة وصلاحياتها واختصاصاتها؛ من تنفيذية وسياسية وقانونية وغيرها.
وإن صدور قرار واضح من مجلس الأمن يحمل الصيغة التنفيذية بتعهد الجميع المسبق باحترام قراراته ، نظرا لكون مجلس الأمن هو بمثابة حكومة العالم، الذي ينوب على المجموعة الدولية كاملة في حفظ وصيانة الأمن، يجعل ولاية تنفيذ مقتضياته قراراته تؤول للأمين العام.
وأي تراخي أممي في تنفيذ هذا القرار يجعل المغرب مسترجعا لحقه في التصرف، لحماية حقوقه وسيادته، فاقتحام البوليساريو للمنطقة العازلة من أجل تنفيذ مخطط للاستيلاء عليها يعتبر عملا من جانب واحد، ينتهك قرارات مجلس الأمن.
ما دام هذا الاقتحام يشكل تجاوزا وخرقا لهذه القرارات، التي اتخذت من طرف مجلس الأمن أخذا بعين الاعتبار ما تشكله من خطر على الأمن والسلم العالميين من جهة، وحفاظا على حقوق كافة الأطراف، وغصب المنطقة الحالي يضر بحقوق الطرف المغربي .
فالإشراف الأممي من أجل حل سياسي واقعي وعملي متوافق عليه ودائم مازال قيد التحقيق من جهة ثالثة. وان ما تقوم به البوليساريو على الأرض ليس عملا سياسيا، بل هو عمل في شكل اعتداء مادي خارج إطار شرعي لتغيير وضع قائم في منطقة عازلة تقع تحت مسؤولية الأمم المتحدة.
وإن الفعل الذي أقدمت عليه البوليساريو يشكل تهديد لأمن والاستقرار في المنطقة، ويهدد أمن المغرب بصفة خاصة، ويقوض بالتبعية العملية السياسية للأمم المتحدة.
ولهذا فان سكوت أو تراخي المغرب في الرد الحازم، سيكلفه تنازلا صعبا ومكلفا بضياع الأرض وحقوقه الترابية في المقدمة. وسيعطي الانطباع بالقابل عمليا بالتقسيم، وهو خيار سبق للمغرب رفضه سنة 2004، وقبلت به الجزائر، تبعا لخلاصات الأمين العام السابق كوفي عنان، وتدفع إليه البوليساريو في المنطقة العازلة.
وثمن سياسي باهظ أيضا، موازي لضم البوليساريو للمنطقة العازلة بحيث ستدفع بتوفرها على إقليم، أحد العيوب الموجهة إلى إعلانها "دولة". وستنتقل إلى "إرادة وسلطة" تطالب بتوفير الحماية الدولية للمستوطنين في المنطقة العازلة. وسيضيع المغرب ورقة الحل في إطار القانون الدولي الخاص باللجوء، كوضع قائم فقط حاليا، ويتغير الأمر الأمر إلى قدر كبير في السياسية.
فالظاهر أن البوليساريو فقدت كل أمل في "دولة صحراوية كبيرة" في إطار العملية السياسية الحالية لمجلس الأمن، وأدركت نتيجتها بعد تفكيكها العلاقة بين النعت و المنعوت للحل الأممي السياسي والواقعي والعملي. الذي يمضي لصالح إقرار مبادرة المغرب بالحكم الذاتي ولو بصيغة متطورة.
وإن تصميم وإمعان البوليساريو في الاعتداء على الكركرات والمنطقة العازلة هو كبح وفرملة الوصول إلى هذه النتيجة الأمية بإسقاط فكرة الحل السياسية والواقعية والعملية على مبادرة المغرب العملية، الذي أورد في تعليق البعثة الأمريكية الدائمة في مجلس الأمن على تصويتها على القرار 2548.
وفقد فقدت البوليساريو كل شيء آخرها صدور قرار عن اللجنة الرابعة عن الدورة 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعم في فقرته 61 العملية السياسية التي يشرف عليها مجلس الأمن ، وهي ترضى الآن ولو "بدويلة" صغيرة في المنطقة العازلة. وإن حزم وصرامة المغرب لمنع ذلك أصبحا فريضة وليس مستحبا، في إطار تدخل يكون بإيمان الحسم نعم هي حرب ستكون طويلة لكنها ضرورية وحاسمة، وقد تكون شاملة فهي لأنها ستكشف عن العدو الحقيقي الذي يحارب المغرب، أو الأعداء الحقيقيين الذين يحاربونه.
 
- صبري الحو، محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء