الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: النقابات ومأزق الوحدة المفقودة

ادريس المغلشي: النقابات ومأزق الوحدة المفقودة ادريس المغلشي
يعيش الجسم  النقابي في الآونة الأخيرة أسوأ أيامه، خصوصا بعد الوقوف على كثير من الملامح التي تؤشر على الضعف في ظل تحرك ساحة شديدة الإحتقان والتوثر من مختلف الفئات وفي ظل القمع الذي استفحل فشذ عن الأعراف والتقاليد وأصبحت همجيته تمس كل الحقوق لاسيما  فى عمقها وبعدها الإنساني لقد  أصبحت تجيده السلطة بل وتتفنن في ممارسته.
لايشك متتبع أن الوضع الحالي إنما هو نتيجة حتمية لمقدمات سبقته من قبيل الضربات المتتالية التي تلقتها الأحزاب كشريك حتمي في الساحة حيث يعتبر جل المتتبعين  قوته من قوة الهيئات الموازية.
 كثيرة هي التنازلات والتراجعات التي قدمت في الآونة الأخيرة دون أن نجد  أجوبة عملية لانتظارات المواطن.
بل هناك من ذهب لحد حالة الخيانة للميثاق الأخلاقي الذي يربط الجميع  ويضمن تعزيزا للثقة بمؤشرات واضحة. إن التردي الذي تعيشه الساحة الآن وغياب آفاق العمل المشترك بين كل المكونات و وجود حسابات ضيقة تجعل من الفاعل الإجتماعي غير قادر على الخروج أو بالمعنى الأصح التحرر منها. إن افتقاد حس المبادرة من أجل الحفاظ على الرصيد النضالي للوقوف في وجه تغول السلطة وقد استطاعت ان تمعن في القمع أمام صورتين كلتاهما تمس بقدسية العمل النضالي النبيل والهادف والذي شكل على مر الزمن درعا واقيا للشغيلة وصونا لحقوقها وكرامتها.
الصورة الأولى : هناك  من يعتقد أن النضال حكرا عليه لوحده وأنه قادر على التواجد بمفرده وهو طرح  يقدم فرصة ثمينة للتراجعات وشق صف الوحدة وتعطيل آلية انتزاع المكاسب.
الصورة الثانية :  في ظل الواقع المشحون وتحرك الساحة بملفات ذات حساسية لها وجاهتها وقوتها هي من تقوي من الموقف النضالي وليس الأمر يتعلق بكاريزما قيادة هنا أو توجه عام هناك.
كل من يسعى لوضع معطى القيادة كشرط أساسي لتبني الملفات إنما يتجه نحو زرع التفرقة وشق صف الوحدة العامل الأساسي لانتزاع الحقوق.
لعل  رسالة الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم الأستاذ عبد الإله دحمان التي وجه من خلالها الدعوة للوحدة ليست الأولى التي يأخذ فيها مثل هذه المبادرة ويضع الجميع أمام أسئلة  مركزية جديرة بالتأمل  :
#اذا كانت كل المطالب والأهداف واحدة  لماذا لا نستثمر مثل هذه المبادرات ؟ 
#ماهي الموانع الحقيقية أمام الصمت وعدم التفاعل ؟ 
#لماذا لا يتحرر الفعل النقابي من التبعية والحسابات الضيقة لتطويق هذا التذمر وهذه التراجعات وإنصاف فئات عانت الشيء الكثير وتعتبر عاملا أساسيا في انجاح كل الرهانات؟
#أين النقاش الداخلي الحامل للهم الوحدوي والقادر على اجتياز محنة التشرذم وعملية التشتيت المخدومة من طرف الإدارة وبأيادي داخلية ؟
إن رسالة الأستاذ دحمان  في حدها الأدنى تسعى للم شمل هذا الشتات وتحقيق وحدة الصف والمطلب إنها فرصة ثمينة تحتاج لمن يلتقطها في اللحظة المناسبة  كما اعتبرها شخصيا إبراء ذمة أمام الساحة التعليمية، في ظل كل هذا التسويف والتماطل والتعنث  وغلق باب الحوار الذي مافتئت تنهجه الوزارة واعتقد جازما أنها  المستفيد الوحيد من الوضع الحالي  وإلا كيف نقبل الإستمرار في وضع لاينتج سوى السراب والعدمية والفراغ.؟
 تأملوا معي هذا المؤشر فلوحده أعتبره دليلا كافيا لمانعيشه الآن من مظاهر التردي والضعف وغياب أفق نستشرف من خلاله مستقبلا مطمئنا. منذظهور عملية التعاقد سنة 2016  وبقدرما يزداد العدد ووثيرة الإحتقان وبالنظر لنضالات الساحة والتضحيات الجسام التي قدمت على أرض الواقع لم نحسم هذه المعادلة  ولم نوقف زحف  هذه الإجراءات المكلفة  وكل المؤشرات تدلل على أن الخصخصة ماضية في التطبيق واللجن لم تنعقد لأن الإنتخابات لن تكون سوى سنة 2021.
كل هذا الأمر يضعنا أمام خلاصة صادمة ومخيبة للآمال، ضياع مطلبنا الأساسي في نظام أساسي منصف وعادل ودامج لكل الفئات، لم ير النور لحد الساعة، كنا نراهن عليه كجيل قتله الإنتظار واغتالته التواطؤات.
أغلبنا سيغادر الوظيفة دون أن يستفيد منه لأن حساباتنا النقابية خارج وحدة الصف إنما هي ضرب من الخيال ومطاردة للسراب.
وسيسجل التاريخ أننا فوتنا فرصة كانت الوزارة فيها الأقوى بالمناورة والتدليس ونحن ما أضعفتنا سوى الحسابات الصغيرة والضيقة مع كامل الأسف.
فمن يلتقط الإشارة لرسالة تحمل هم الوحدة.