تحتل المسيرة الخضراء مكانة متميزة ومشرقة في نفوس ووجدان المغاربة لكونها ملحمة وطنية سطر فيها المغاربة تاريخا جديدا عبروا من خلاله على حبهم و ولائهم لوطنهم وإيمانهم الصادق له.
المسيرة الخضراء محطة تاريخية بامتياز وستبقى منقوشة في سجل تاريخ المغرب ومفصلية مهمة. فهي لم تكن خطب ولا دروس، نظرية في العمل الوطني بل ممارسة واقعية وسلوك حقيقي واقعي ترجم قيمة إنسانية نبيلة وهي حب الوطن.
ان روح المسيرة الخضراء هي احدى دعائم الهوية المغربية الصادقة بل الدولة المغربية ككل. فقد كان لهذا الحدث التاريخي المتميز آثار إيجابية في تعميق الهوية الوطنية المغربية. وتمثل المسيرة الخضراء كذلك درسا في التخطيط القانوني والعملي الدبلوماسي .فقد حملت المسيرة الخضراء في طياتها عبرا ودروسا بالغة في الأهمية. فحدث المسيرة الخضراء هو تعبير تاريخي فريد ومتميز أبدعه المغفور له الحسن الثاني وجسد مكونها السياسي والثقافي الملك محمد السادس الذي لازال يواصل الحرص على قيم الأصالة ويقف على تاريخ بلاده باستمرار ويمتلك مهارة وكفاءة الربان الرزين والمتبصر والحكيم الذي يستطيع الامساك بدفة القيادة بحكمة وتبصر في أوقات الأزمات.
إن الصحراء مغربية وستظل مغربية بالرغم من مناورات الخصوم، لأن هواءها وسماءها ورمالها رويت بدماء المغاربة. والمغرب ليس بحاجة لمن يضفي الشرعية على سيادته في صحرائه مهما كان الطرف الذي يعتقد أن في اعترافه بذلك قيمة مضافة.
لقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية في حاجة إلى اعتراف المغرب بوجودها يوم أسست،لانه بلد التاريخ المتجذر والضارب في القدم. ومن المفروض أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية أول من يقر بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه ردا على جميله السابق.
إذا كانت المسيرة الخضراء قد مكنت بلادنا من استرجاع أقاليمه الصحراوية الغالية، فإن بلادنا تقود مسيرات تنموية تهدف إلى ترسيخ الحقوق المدنية والسياسية وتمضي قدما في النهوض بالحيل الجديد من الحقوق السوسيو اقتصادية والبيئية والثقافية. ورغم المحاولات اليائسة لخصومنا للمس بسمعة بلادنا وسيادته، فالمغرب سيواصل بثبات تعاونه مع هيئة الأمم المتحدة ومع مبعوث أمينها الخاص ومع الدول الصديقة من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي للصراع المفتعل حول وحدتنا الثرابية في إطار مبادرة الحكم الذاتي المشهود لها بالمصداقية وبروح الواقعية.
إن المشاريع الضخمة التي أطلقها الملك محمد السادس وخاصة في إطار النموذج التنموي الجديد، سيجعل بكل تأكيد من الصحراء المغربية قطبا اقتصاديا مندمجا يؤهلها للقيام دورها كصلة وصل بين المغرب وعمقه الافريقي وكمحور للعلاقات بين بلدان المنطقة.
إن تخليدنا لذكرى المسيرة الخضراء واستحضارنا لخطاب محاميد الغزلان، هو مناسبة لاستلهام قيم الوطنية الصادقة والوفاء لمقدسات الأمة والتضحية في سبيل الوطن.
وصفوة القول، المسيرة الخضراء حدث تاريخي متميز وملحمة من الكفاح الوطني الذي تعود جذوره الأولى إلى مرحلة ما بعد الحماية.