Thursday 15 May 2025
كتاب الرأي

محمد سالم: قنصلية الإمارات.. لاعب جديد في الحرب الدبلوماسية

محمد سالم: قنصلية الإمارات.. لاعب جديد في الحرب الدبلوماسية محمد سالم عبد الفتاح
افتتاح قنصلية لدولة بحجم الإمارات بمدينة العيون، معطى سياسي هام من شأنه أن يعزز موقف المغرب في الحرب الدبلوماسية التي يخوضها مع البوليساريو، قد تنخرط فيها الإمارات لتسخر لها حضورها وشبكة علاقاتها الدولية، كما من شأنها أن تفتح المجال لخطوات مشابهة قد يقدم عليها حلفاء المغرب التقليديون وشركاءه الاقتصاديون مستقبلا..
ينبغي التذكير أن الاعتراف الدولي يعد أحد العناصر القانونية الأساسية التي تشرع لأي واقع سياسي قائم، سواء إعلانا لتأسيس دولة، تكريسا لسيادة أو انضماما لدولة أخرى.
فالبوليساريو في أوج زخمها وحضورها الدوليين بالكاد حققت 84 اعترافا بالدولة المعلنة من جانبها، غالبيتهم العظمى من بلدان العالم الثالث، قبل أن تتراجع نسبة مهمة من تلك البلدان عن اعترافها، تحت مبرر سحب الاعترافات أو تجميدها..
في السابق كانت هناك عدد معتبر من الاعترافات لعديد الدول والهيئات بالدولة المعلنة من طرف البوليساريو، ولم يكن في المقابل هناك أي اعتراف رسمي بالسيادة المغربية على الإقليم، ما عدى اعترافات غير مباشر من خلال التفاهمات والشراكات الاقتصادية التي تهم الاقليم، أما اليوم فتفتح 16 دولة قنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة، آخرها الإمارات، ما يعني إمكانية التأثير على قرارات المحاكم والهيئات القانونية الدولية التي قد تتداول حول النزاع، باعتبار اختلال أحد أهم العناصر القانونية المكملة لوجود أي دولة معلنة، وهو معطى "الاعتراف الدولي"..
تطورات تكرس واقع النكوص والتراجع اللذين تعيش على وقعهما البوليساريو، واللذين تترجمهما هزائمها الدبلوماسية، لكنهما ليسا سوى مؤشرين على ترهل سياسي داخلي يعانيه تنظيمها وجبهتها الداخلية، ويشمل مختلف المجالات العسكرية والخدمية وحتى التنظيمية، وينجم بالأساس عن جمود ركود فكري وسياسي وعدم قدرتها على تجديد أساليبها ووسائل اشتغالها، حيث لا تزال وفية لخطابها ودعايتها السياسوية المتجاوزة، والقائمة على تصدير الأزمات الداخلية وخلق التوتر والتصعيد في كل مرة يعوزها الانتصارات والمنجزات.
أما علاج هذا الواقع المزري، فلا يكون بتغطية الشمس بالغربال، والقفز على الواقع السياسي المزري لتنظيم بات فاشلا ومترهلا، من خلال النيل من خصومها وتسفيه منجزاتهم وانتصاراتهم الدبلوماسية، بل بمواجهة الحقيقة المرة، المتثلة في كون التنظيم السياسي الذي كان يحتكر التمثيل الحصري للصحراويين طيلة نصف قرن من الزمن، بات عاجزا عن مواكبة تطورات العصر، حبيسا لعقليات التحكم والاستبداد.