الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

عبد الرحيم لقلع يبوح شعرا بأسرار "السلطانة الهلالية"

عبد الرحيم لقلع يبوح شعرا  بأسرار "السلطانة الهلالية" عبد الرحيم لقلع، وغلاف ديوانه الزجلي
عن مطبعة دار القرويين بالدار البيضاء، صدر للشاعر الزجال عبد الرحيم لقلع، ديوانا جديدا تحت عنوان "السلطانة لهلالية" حيث يعتبر الديوان الثالث بعد "الراس بحار" و"سلطان لحروف".
صمم غلافه الفنان التشكيلي شفيق الزكاري وزين غلافه بلوحة للفنان مارك شكال كما عمل على تصفيفه محمد لعروصي، وجاء في مقدمته إهداء الشاعر على الشكل التالي:
"أهدي هذا الديوان إلى روح والدي العزيز موسى لقلع لهلالي وروح والدتي الغالية طامو يحيا لهلالية وروح أستاذي الجليل المناضل الفذ محمد أشركي وإلى كافة الصديقات والأصدقاء".
شفيق الزكاري:
عادة ما لا ننتبه للغة زماننا، ولا لحيويتها وعدميتها إلا في وقت لاحق، أي بعد مرور حقبة زمنية تأتي بما بطن منها وما ظهر، من خلال كتابات تعيد استنبات مفهومها معنى واصطلاحا، سواء عن طريق المؤرخين والنقاد المهتمين بالتراث الشفوي، أو عن طريق الشعراء الزجالين الذين يحفرون في أسرار اللغة بسمك عمقها ودلالتها، مع إحيائها لتصبح محط انبهار الأجيال اللاحقة، لما كانت تحتوي عليه من دلالات وتشبيهات تحمل تعددا في المعنى والخيال، وهذا ما لمسناه مؤخرا في النصوص الزجلية لبعض الشعراء من بينهم أحمد لمسيح، مراد القادري، ادريس أمغار المسناوي، ادريس الزاوي، ادريس بلعطار، عزيز محمد بن سعد، محمد مومر، عزيز غالي، عبد اللطيف البطل، بوعزة الصنعاوي وغيرهم..
 لكن تجربة الزجال عبد الرحيم لقلع، باستقلاليتها وتميزها، هي التي أثارت فضول اهتمامي بهذا المعطى التراثي، الذي يحبل بالمشاهد الوصفية للأمكنة والأزمنة، وهي التي تركت في ذاكرتي شذرات من تفاصيلها، على مستوى التركيب اللغوي في شقه الإبداعي والفني، بعدما سمعتها من خلال الإلقاء الممتع والمتكرر لهذا الشاعر المخضرم في إبداعه الآتي من تخوم التاريخ القديم والحديث، من مدينة (فضالة) (المحمدية حاليا)، التي تركت في وجدانه شرخا عميقا، والتي استوحى من فضاءاتها كل الدلالات والمعاني والأفكار، محملا بثروة لغوية غابرةأو تكاد تنعدم، ليحيي وينقذ ما تبقى منها، مستعينا بحسه وإدراكه المعرفي بكل الأجناس الإبداعية المرتبطة بقول الزجل، من الطرب الغرناطي والأندلسي مرورا بالملحون والشكوري ووصولا إلى مملكة العيوط بكل أعلامها وأصنافها وأصولها وأمكنتها مع دراسة حيثيات وظروف وجودها، تلك الظروف التي نشأت في أحضان سوق فضالة بكل ما كان هذا الفضاء يحتويه من فرجة بأنواعها المختلفة، وبصناع الفرحة أمثال (خليفة) وغيره من (الحلايقية)، ليجعل من هذا الفضاء موضوعا لأحد نصوصه الزجلية الممتعة، التي أرخت لفترة زمنية بطقوسها وعاداتها وحرفها..
لكن ما يميز هذا الديوان الجديد، هو أنه أخذ منحى مغايرا على مستوى الشكل والمضمون، حيث تناول جانبا جماليا في التعبير عن الخوالج والإحساسات بنبرة تكريمية للذين تركوا بصمة واضحة في مشروعه الشعري، وخاصة أبويه، مما جعل الشاعر أن يختار عنوانا دلاليا عن هذا الاعتراف الجميل.