الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

أنس الملحوني: "الأندلس الآن"، ملامح سيرة ذاتية ومنجز مشاريع فنية بتوقيع نعمان الحلو (2)

أنس الملحوني: "الأندلس الآن"، ملامح سيرة ذاتية ومنجز مشاريع فنية بتوقيع نعمان الحلو (2) أنس الملحوني (يمينا) ونعمان لحلو

في قراءته المتأنية بالدراسة والتحليل والتمحيص، لألبوم "الأندلس الآن.. موسيقى عمرها أكثر من 1000 سنة.. رؤية جديدة للفنان نعمان الحلو"، والذي قام بتوزيعه الموسيقي الفنان كريم السلاوي، اعتبر أستاذ التربية الموسيقية أنس الملحوني أن الفنان الحلو هو أحد فرسان ومناصري الرأي "المؤمن بضرورة الحفاظ على موسيقى المؤسسين الماهدين، وإبداعاتهم المتنوعة"، إلا أن نعمان الحلو "لا يمنحها قداسة مطلقة"، على اعتبار أن التراث الموسيقي "القديم لا يموت قطعا، والجديد لا يولد من العدم".

"أنفاس بريس" تتقاسم مع المهتمين بالتراث الفني والموسيقي ورقة الحلقة الثانية من صرخة الموسيقار نعمان (عصارة سيرة ذاتية ومنجز مشاريع فنية بتوقيع نعمان الحلو) انطلاقا من قراءة ألبوم "الأندلس الآن.." التي قام بها الأستاذ أنس الملحوني.

 

استطاع الفنان نعمان الحلو أن يـَكتسب كفايات موسيقية وأدبية هامة جدا، أهلته اليوم ليـُدلي بدلوه في هذا البحر الموسيقي الأندلسي ـ المغربي المتعدد الأطراف، مستعينا بعدد غير يسير من المشاريع الموسيقية التي وقــَّع عليها -من قـَـبل- بعوده ووجدانه وقلبه وثقافته الأدبية والموسيقية العاليتين، أذكـُر باقتضاب شديد بعضها كما يلي:

 

ـ مشروع الأغاني ذات النفحات الوطنية، والتي جاءت مُحفـِّزة عـَلى حــب الوطـــن ومؤكدة على العناية به والذود على ثغوره، والانخراط في تطويره وتثمين الإصلاحات الكبرى التي انخرط فيها، ومن هاته القطع الغنائية: (ابلادي يا زين البلدان، أمانة عليك يا مركب، بـْلادَكْ بـْلادَكْ، مزِّينْ صْباحْ ابـْلادِي، الغادي لـَبـْلادي، مَاشـْيـَة للقدام ديما مَحْروسَة يَا ابْلادي،...).

 

- مشروع الأغاني "التربوية والمُـثـَقـِّـفة"، التي تدق ناقوس الخطر، لتـُسلط الأضواء على إشكالات اجتماعية مـُقـَدِّمة لها بعض الحلول، ومن هذا النوع: (شكونْ أنا، آدم الإنسان، الماء، رحمة، سعادة الوزير، الأطفال مرضى السرطان، لمدينة القديمة، الضوء الأحمر، قوارب الموت، فيروس كورونا، رجل التربية والتكوين،...).

 

- مشروع أغاني المدن المغربية، الذي توخى التعريف بها وبتاريخها، وبأشهر أعلامها، والتذكير بفسيفسائها البشرية، ومنها: (مَـرَّاكـَـشْ يَا بهْجة لِـيَّام، شــفــشـاون، تـافـيـلالت، وزان، إشبيليا، زاكورة،...).

 

- مشروع الأغاني العاطفية المتوسلة بالحب والمحبة، ومنها أذكر: (رغم الغياب للدكتور عبد العزيز خوجة، حَبـِيـبتـِي مغربية، إقلِبْ رمَادَك، وَحْدانِي، يوم العيد، راضية، الجُوكاندا،...).

 

نعم، نحن بين يدي فنان تجمع فيه ما تفرق في غيره: إنه الباحث الموسيقي، العازف المتمرس على آلة العود الشرقي، وهو الملحن الموهوب، والشاعر الغنائي الذي امتلك ناصية الصورة الشعرية الغنائية، وهو كذلك المطرب الذي قدم لنا إنتاجا فنيا فاق عشر ألبومات غنائية، ضمت أكثر من خمسين عملا فنيا، هذا إلى جانب العديد من الألحان التي ترنمت بها قامات فنية يـُشهد لها بالكفاءة العالية، أذكر منهم على سبيل الاستئناس: جبل لبنان الشامخ، الراحل وديع الصافي، نعيمة سميح، لطيفة رأفت، كريمة الصقلي، حياة الإدريسي، أسماء لمنور، جنات مهيد، فدوى المالكي، نزهة الشعباوي، ماجدة اليحياوي، رشيدة طلال، ماريا ديلمار من اسبانيا، نجاة الرجوي، شهرزاد من هولندا، خولة بن عمران، اللبناني مروان خوري، سناء عبد الحميد، فؤاد الزبادي، البشير عبدو، عبد العالي الغاوي، محمد رضى،...

 

واجهة أخرى اشتغل عليها الفنان نعمان الحلو، وتهم جانب المحاضرات التي قدمها في العديد من المنابر العلمية الجامعية الوطنية والدولية، مقربا من خلالها قضايا الموسيقى المغربية والعربية.

لقد تنقل أستاذا محاضرا أو مشاركا في لقاءات علمية في كل من: جامعة الأخوين بمدينة يفرن، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس، كلية علوم التربية بالرباط، جامعة جورج تاون بمدينة الدوحة القطرية، وبأكثر من خمس جامعات بالولايات المتحدة الأمريكية،...

 

وأختم حديثي في شأن إبراز بعض مواطن القوة في السيرة الفنية للأستاذ نعمان الحلو متوقفا عند اعتماده في تسعينيات القرن الماضي:

1ـ كمطرب وملحن باتحاد الإذاعة و التلفزيون المصري سنة 1991؛

2ـ كمطرب بدار الأوبرا المصرية سنة 1992؛

3ـ كمطرب بالإذاعة المغربية سنة 1992؛

 

إنها محطات متنوعة وغنية ومتعددة الاختصاصات والاهتمامات، تـَـوجت مسيرة فنان مُـثـَابـر بحصوله على العديد من الجوائز والأوسمة، أذكر بعضا منها:

ـ وسام المكافأة الوطنية من طرف صاحب الجلالة محمد السادس سنة 2015؛

ـ جائزة العود الذهبي من اتحاد الفنانين العرب ونقابة الموسيقيين سنة 2015؛

ـ اعتـُبر إلى جانب ثلة من السياسيين، ورجال الدولة، ورجال الاقتصاد، من بين الشخصيات المغربية البارزة التي أثـرت ووضعت بصمتها في مجريات سنة 2015 على الساحة الوطنية؛

ـ جائزة أحسن فنان بالإذاعة والتلفزة المغربية سنة 2013؛

ـ اختياره سفيرا للبيئة بعد إصداره لأغنية " الماء " سنة 2013؛

ـ جائزة الأغنية المتكاملة عن مهرجان الإذاعة والتلفزيون المصري سنة 2005؛

وعليه، فإننا نضع ألبوم "الأندلس الآن ـ موسيقى عمرها أكثر من 1000 سنة.. رؤية جديدة" في خانة تجليات جهد صادق دام أكثر من ثلاثين سنة من البحث والتـنــقيب والإنتاج.

 

فلماذا اعتبره الفنان نعمان "رؤية جديدة"؟ وأين تكمن مواطن القوة فيه؟ وما الذي يميزه عن المقاربات الموسيقية السابقة التي تناولت الموسيقى الأندلسية المغربية بمنظور "غير تقليدي"؟.

للإجابة عن هاته الأسئلة، سأعمل على تقديم محتوى ألبوم "الأندلس الآن... رؤية جديدة"، متوسلا بقراءة في النصوص الشعرية المختارة والطبوع الموسيقية والإيقاعات المستعملة، مع الوقوف عند بعض المشاريع التجديدية السابقة.