الجمعة 26 إبريل 2024
سياسة

ناشيد: نأمل أن يخضع «البيجيدي» لمراجعات فكرية وليس مجرد مراجعات في الموقف السياسي

ناشيد: نأمل أن يخضع «البيجيدي» لمراجعات فكرية وليس مجرد مراجعات في الموقف السياسي سعيد ناشيد

يرى سعيد ناشيد، مفكر وباحث في شؤون الإسلام السياسي، أنه كي يصبح "الإسلام السياسي" ضمن الأحزاب الطبيعية، ويقوم بوظائفه كحزب مثل سائر الأحزاب، عليه أن يقوم بمراجعات وعمليات تصحيحية.. مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية في المغرب، وأمثاله في سائر بلدان العالم الإسلامي، يمكن أن تصبح أحزابا طبيعية، في وضع طبيعي، في حالة ما إذا قامت بمراجعات حقيقية لا لبس فيها...

 

+ كيف تقرأ بروز حركة تصحيحية داخل حزب العدالة والتنمية، علما بأن بعض المراقبين يرون أنها مجرد محاولة لتلميع صورة الحزب مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية 2021 وإضفاء نوع من الطهرانية على أدائه السياسي؟

- أولا، كي نكون واضحين، نحن مبدئيا مع أي حركة تصحيحية من باب إحسان الظن، ليس من حقنا أن نسيء الظن بشكل مسبق في أي حركة تصحيحية، ونحن دائما نطالب بأنه كي يصبح الإسلام السياسي ضمن الأحزاب الطبيعية، ويقوم بوظائفه كحزب مثل سائر الأحزاب، عليه أن يقوم بمراجعات وعمليات تصحيحية. وفي الحقيقة وفي هذا الظرف الذي يعيشه المغرب، لاحظنا بروز عدد من الحركات التصحيحية في الكثير من الأحزاب، وليس فقط في حزب العدالة والتنمية.

 

+ لكن ما يعزز الشكوك في مدى جدية هذه الحركة، هو أنه في فترات سابقة ظهرت عدة من أصوات من المعارضة لتدبير شؤون الحزب، لكنها سرعان ما تخفت وكأن شيئا لم يكن، خذ مثال القيادي أفتاتي، أمينة ماء العينين وغيرهم من يوصفون بـ «الصقور»؟

- يجب أن يكون موقفنا واضحا، نحن نقول إنه يمكن لحزب العدالة والتنمية في المغرب وأمثاله في سائر بلدان العالم الإسلامي أن تصبح أحزابا طبيعية، في وضع طبيعي، في حالة ما إذا قامت بمراجعات حقيقية ولا لبس فيها، وسؤالي المطروح هو ما هي طبيعة المراجعات المطلوبة؟ ومرة أخرى بدون إساءة الظن بشكل مسبق، فإن كان الأمر يتعلق بحركة تصحيحية بالمعنى التقليدي الذي تعرفه سائر الأحزاب الأخرى، فإن الأمر يندرج ضمن إعادة إنتاج نفس المرجعيات ولو بوجوه جديدة، وما نأمله هو أن تكون هناك مراجعات في مستوى المرجعية. نحن لا ننتظر مجرد مراجعات في الموقف السياسي، سواء تعلق الأمر بالموقف السياسي من الدولة أو من اليسار أو من المرأة، أو من الأقليات أو من الحريات الفردية، قد تغير بهذا القدر أو ذاك أو تطور بهذا القدر أو ذاك. نحن نأمل أن يكون هذا الموقف جديدا بالفعل، وأن يكون مؤسسا بشكل مرجعي، فهذه هي ضمانتنا الحقيقية، لأن الموقف السياسي قد يتغير بين عشية وضحاها، هذه هي طبيعة السياسة، ولكن أنت ليس لديك حزب سياسي عادي يشتغل بالسياسة، أنت لديك حزب سياسي لديه مرجعية منذ البداية، وقد قدمته منذ البداية بكونه يحمل مرجعية. فهناك أسماء مرجعية فقهية، إيديولوجية بنصوصها وبأسمائها، وبأعلامها، أعلنتها في البداية، وأقحمتها في منظورك وفي مرجعيتك، إذاً ما مصير هذه النصوص والأعلام والأسماء التي أقحمتها في مرجعيتك؟ حتى نفق على حقيقة بناء مرجعية جديدة قائمة على إسلام بمنظور إيديولوجي أو بمنظور روحاني أو قرآني أو مدني أو ما إلى ذلك من المسميات.

 

+ هل يمكن اعتبار هذه الحركة التصحيحية مجرد مغازلة للناخبين مع اقتراب مع موعد الاستحقاقات الانتخابية؟

- في الحقيقة، وبقدر قليل من العقل والتعقل، سيدرك شباب حزب العدالة والتنمية أن صلاحية هذا الحزب في الإطار المرجعي الذي استند عليه منذ سنوات السبعينيات إلى الآن قد انتهى مفعوله، ولا يمكن أن يستمر بهذا الشكل. فكي يستمر يحتاج إلى نفس جديد، وإلى رؤية جديدة، ولكن ما أتخوف منه هو أن يكون الأمر مجرد رجة مؤقتة، ومجرد حسابات في المواقع والتموقع، ولاسيما وأن ما يسمى بـ «تيارات» داخل حزب العدالة والتنمية لم ترق بعد إلى النقاش الفكري للمرجعية، ليكون مجرد تموقعات إلى حد الساعة، ولا نعرف مصير هذه الحركة بعد الانتخابات. ونأمل مرة أخرى، بصرف النظر عن الخريطة الانتخابية القادمة فالأزمة هي أعمق من ذلك، نأمل مرة أخرى أن يدرك شباب حزب العدالة والتنمية أنهم بحاجة فعلا إلى مرجعية جديدة.. فلما يعبرون عن ذلك، آنذاك يمكن أن نستبشر خيرا بحركة تصحيحية، وهذا ليس موقفا مسبقا من هذه الحركة، فنحن لا نزال نتابع ونراقب ما يجري داخل حزب العدالة والتنمية. وكما قلت لك إن لم يكن الموقف السياسي مستندا إلى بناء مرجعي فسيكون مجرد قشرة فوقية قد تتغير بين عشية وضحاها.

 

+ وربما قد يتم استنساخ نفس التجارب السابقة في حقل الإسلام السياسي، إذا استحضرنا تجربة حزب النهضة والفضيلة الذي انشق عن حزب العدالة والتنمية؟

- صحيح.. لكن لا ننسى أيضا أن هناك حزب العدالة والتنمية الأردوغاني في تركيا الذي خرج من حزب العدالة والتنمية الآخر، وهي تجربة مختلفة عن الحالة المغربية. ففي الحالة التركية تمت التضحية بالأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا أربكان، من أجل الخط الأردوغاني الذي يحلم بإعادة مجد الإمبراطورية العثمانية، والمسار هنا يختلف. وما ننتظره هنا في المغرب هو العكس تماما، فنحن نأمل أن يشتغل الإسلام السياسي كحزب طبيعي، في جو طبيعي، وفي رؤية طبيعية، كسائر الأحزاب، يعني يترشح ويسير، ولكن بمنطق الأحزاب، وليس بمنطق جماعة فقهية بكل ما تعنيه الكلمة من جهاز مفاهيمي لا يخدم منطق الدولة، وقد يدمر منطق الدولة نفسها في آخر المطاف، لأن منطق الجماعة لا يزال لحد الساعة منطقا مخاصما لروح منطق الدولة الوطنية.