الأربعاء 8 مايو 2024
سياسة

عبد الدايم: تمثيل البوليساريو للصحراويين بدعة واستمرار المغرب في القبول بها ضلال

عبد الدايم: تمثيل البوليساريو للصحراويين بدعة واستمرار المغرب في القبول بها ضلال مصطفى عبد الدايم
الحوار مع مصطفى عبد الدايم حول ملف الصحراء، ليس مثل باقي الحوارات مع المتابعين لهذا الملف، لأنه أولا كان مقربا لدوائرها السياسية، قبل أن يعلن الدخول في مراجعات فكرية مبنية على معطيات ميدانية، ثم أنه العارف بخبايا تحركات ما يسمى بوليساريو الداخل في الأقاليم الجنوبية، من هنا فإن تحليل مصطفى عبد الدايم، يؤخذ بخلفية العارف لخبايا وأسرار جبهة البوليساريو.

أيام قليلة بعد تفكيك إطار "حقوقي" يدعى "كوديسا" تابع لبوليساريو الداخل من قبل امينتو حيدار، أسست هذه الأخيرة إطارا سياسيا مناهضا للوحدة الترابية، ما قراءتك لهذا التحول من الحقوقي للسياسي؟
لأن أي حدث مهما كان لا يستقيم إلا بوضعه في سياقه الزمني، فإن تفكيك أو حل "كوديسا" يستحيل أن يكون  قرارا خالصا لأمينتو حيدار أولا لأنه يخالف الطبيعة، فكل "رصيد" أمينتو حيدار مسجل حصريا باسم "كوديسا"، واللجوء إلى تفكيك أوحلها يشكل نوعا من الانتحار، ليس السياسي والحقوقي فقط ولكن الأخلاقي أيضا، أقصد اغتيال التعاقد الأخلاقي بين امينتو حيدار ورفاقها الأحياء منهم والأموات..
لذلك فإن قرار تفكيك أو حل "كوديسا" هو قرار قيادة البوليساريو، ونفذته امينتو حيدار لماذا؟ لأن هذا القرار تزامن مع تأسيس تنسيقية لحقوق الإنسان بإشراف مباشر من إبراهيم غالي، وهو ما يعني من جهة أن قيادة البوليساريو تريد الاستفراد بملف حقوق الإنسان، ومن جهة أخرى أن قيادة البوليساريو تيقنت أن التوظيف السياسي لملف حقوق الانسان لم يعد ممكنا تحت ضغط تفشي انتهاكات حقوق الإنسان داخل المخيمات بتندوف، ومن ثمة سارعت لوقف هذا التوجه الحقوقي الذي أصبح محرجا للتنظيمات الحقوقية الصحراوية ولقيادة البوليسايو.
إن ماسبق ذكره هو المعلن والظاهر وأما الخفي وغير المعلن أن إقبار التنظيمات الحقوقية وتجميعها (باستثناء علي سالم التامك ومن معه / الكوديسا) في تنظيم سياسي واحد (الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي) يعكس في نظري تحضير البوليساريو لفريقها (برئاسة حنان عشراوي أخرى) يزاحم أي نزوع دولي للقبول بحركة صحراويون من أجل السلام كطرف في المفاوضات المستقبلية..
القصد أن البوليساريو التي تستشعر سقوط عنها (الممثل الوحيد)، ومنازعة حركة صحراويون من أجل السلام هذه الصفة فرضت على البوليساريو أن يصنع بديلا عنه متحكم فيه.
 
ماهي دلالات اختيار شخصيات المؤتمرين، امينتو اختارت لهيئتها اسم محمد عبد العزيز والتامك اختار لهيئته اسمي صيكا والوالي؟
أن تُسمي امينتو حيدار مؤتمرها بمؤتمر محمد عبدالعزيز وهو زعيم  سياسي، فهي رسالة سياسية واضحة  مضمونها الارتباط الكامل والتام بقيادة البوليساريو والإذعان لإرادتها.. بينما اختيار علي سالم التامك ومن معه تسمية مؤتمرهم مؤتمر حسنا الوالي وابراهيم صيكا، فعلى العكس رسالة ظاهرها التشبث بالمسار الحقوقي وبالمكتسبات التي تحققت عبر النضال الحقوقي الشاق والمؤلم .. بينما باطنها انكشاف الصراع المستحكم داخل البوليساريو بين المناضلين المنتمين للجنوب المغربي (أسا وطنطان..) وبين من يعتبرون انتماءهم القبلي وحده يمنحهم شرعية نضالية وامتياز الانتماء الحتمي لأطروحة البوليساريو.
وباختصار فكلا المؤتمرين مؤتمر محمد عبدالعزيز، مؤتمر المنفذون لتوجيهات قيادة البوليساريو الجديدة، كما مؤتمر  حسنة الوالي وإبراهيم صيكا، مؤتمر الممانعون لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، أقول كلا المؤتمرين إنما يكشف عن مرحلة اصطفاف جديدة داخل البوليساريو فبعد مرحلة توظيف التنظيمات الصحراوية الحقوقية سياسيا، وما تلاها من محاولات ضبطها وتحكم فيها كلما صعد نجم بعض نشطائها خوفا من إمكانية أن يتحول هؤلاء النشطاء الى رأي سياسي بديل على مسافة من البوليساريو ومن الجزائر.. اليوم وقد تبدلت المعطيات على الأرض وبعد بروز حركة صحراويون من أجل السلام كنقيض للبوليساريو بقاعدة جماهيرية واسعة قادرة على وضع قضية تمثيلية الصحراويين موضع استفهام كبير، وبالتالي فرض نفسها دوليا كمتحدث باسم الصحراويين وهذا ما فرض على البوليساريو تجميع كل النشطاء تحت يدها وصناعة ما يسمى (الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي) بغرض فرضها كمخاطب أيضا يزاحم حركة صحراويون من أجل السلام، إنها المرة الأولى منذ انطلاق النزاع التي تقبل فيها البوليساريو بوجود فاعلين سياسيين بالداخل ما يعكس شعورها بخطر حركة صحراويون من أجل السلام.

 
هنا يطرح سؤال تمثيلية الصحراويين، وكيف أن البعض يتحدث باسمهم، رغم أن لهم ممثلون عنهم جماعيا وبرلمانيا، في نظرك من له الحق في الحديث باسمهم؟
المؤكد أن استغلال البوليساريو صفة " الممثل الشرعي والوحيد " كان نتيجة أخطاء سياسية مغربية، وتجاذبات دولية، ولكن الآن يستحيل أن يمتلك أي تنظيم سياسي صحراوي هذه الصفة، هناك بعض الصحراويين الذين يؤيدون البوليساريو وأطروحتها، وهناك صحراويون آخرون ومن داخل المخيمات يعارضون البوليساريو واطروحتها، لا أحد يستطيع أن يقول الآن انه يمثل كل الصحراويين لأنه لا إجماع حول رأي سياسي واحد أو حول حل سياسي واحد..
غير أننا يجب أن نقر بتزايد عدد الصحراويين الذين اقتنعوا أن حالة الجمود وإطالة أمد النزاع حول الصحراء الذي لا تستفيد منه إلا قيادة البوليساريو لم يعد مقبولا، وبالتالي أصبح غالبية الصحراويين يفكرون في ضرورة تجاوز حالة الجمود تلك والبحث الجدي عن حل سلمي لهذا النزاع الذي عمر طويلا، والشاهد على ما ذكرت تنامي المنتمين لحركة صحراويون من أجل السلام لأنها حركة أولا انبثقت ضدا على هذا الجمود، ولأنها ثانيا لا تدعي امتلاك حل لقضية الصحراء ولكنها تدعو كل الصحراويين للانكباب الجدي بحثا عن حل سلمي يؤخذ بعين الاعتبار التحولات العالمية ويعتمد على العبقرية الإنسانية القادرة على تحويل المستحيل إلى ممكن.
الخلاصة أن الوقت قد حان لأن يقدم كل الصحراويين رأيهم حول مستقبلهم، ولا يحق لأي كان أن يدعي تمثيل جميع الصحراويين لأن الصحراويين غير مجمعين على رأي واحد، وهو أمر طبيعي فلا وجود لإجماع في أمر مهما كان والأمثلة متعددة، وبالتالي استغلال البوليساريو شعار تمثيل الصحراويين بدعة واستمرار المغرب في القبول بها بتلك الصفة ضلال. 

 
هل نحن أمام صراع بين امينتو حيدار وعلي سالم التامك، أم هو إعادة لتوزيع الأدوار بشكل متكامل؟
الصراع بين امينتو حيدار وعلي سالم التامك ليس صراعا بين شخصين ولكنه صراع بيت تصورين وتوجهين مختلفين، امينتو حيدار تمثل التوجه الذي يؤمن أن دولة القبيلة ممكنة، وأن التراتبية القبلية التي سادت منذ عقود لازالت لها راهنيتها ومقبوليتها، بينما يمثل علي سالم التامك توجها يؤمن أن الانتماء السياسي للبوليساريو لا يخضع لا للقبلية ولا المناطقية أوغيرهما.