في غضون الساعات والأيام الماضية، حاز المغرب انتصارات، بفضل تألق كفاءات أبناءه بالخارج، الذين نجحوا في حيازة احترام و سمعة دوليتين، بفضل مسارهم المهني الواعد، وطموحهم العلمي والفكري والأكاديمي، ليبرهنوا للعالم أن مغاربة الخارج حين تتاح لهم فرص الدعم المهني وتشجيع البحث العلمي يبرزون ككفاءات لا تقل أهمية عن عقول ونخب الغرب المتقدم، فينجحوا في انتزاع ثقة رؤساء وحكومات دول متقدمة ومنظمات دولية لها احترامها وصيتها العالمي.
آخر كفاءات مغاربة العالم، هي الدكتورة اسمهان الوافي شخصية قيادية ذات فكر عالمي في ميدان علوم التنمية المستدامة والأمن الغذائي والتغذية، وتتبوأ مرتبة رفيعة بين أكثر النساء المؤثرات في مجال العلوم في العالم العربي.
الدكتورة الوافي شغلت مناصب علمية وقيادية رفيعة، نذكر منها منصب المستشار الأول لمساعد معاون الوزير لدى وزارة الزراعة والأغذية الزراعية في كندا، فرع البحوث في أوتاوا، كندا (2006-2007)؛ والمدير الوطني لقسم بحوث النبات لدى الوكالة الكندية لفحص الأغذية، ومديرة شعبة إدارة البحوث والشراكات في الوكالة ذاتها.
إلى جانب ذلك، عملت الدكتورة الوافي كخبيرة في العديد من المنظمات الدولية للبحوث، ومن تلك المنظمات المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA)، والمركز الياباني الدولي لأبحاث العلوم الزراعية (JIRCAS) والمركز الدولي لتحسين الذرة الصفراء والقمح (CIMMYT).
الدكتورة الوافي شاركت في عضوية العديد من لجان الخبراء في الاستراتيجيات والفرق الاستشارية، ومنها لجان وفرق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، واللجنة العالمية للتكيف، ومنظمة HarvestPlus.
وثاني هذه الشخصيات التي أكسبت المغرب مكانة مرموقة، السيد عز الدين فرحان، الذي عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سفيرا لجلالته لدى جمهورية النمسا وجمهورية سلوفاكيا وجمهورية سلوفينيا، في 18 ماي 1966 بالدار البيضاء.
وكان السيد فرحان منذ أكتوبر 2016 سفيرا لجلالة الملك بجمهورية فيتنام الاشتراكية. وشغل السيد عز الدين فرحان قبل ذلك العديد من مناصب المسؤولية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، لاسيما مدير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من مارس 2009 إلى أكتوبر 2016، ورئيس قسم الأمم المتحدة من شتنبر 2006 إلى فبراير 2009، ورئيس مصلحة حقوق الإنسان والقضايا الإنسانية من شتنبر 2000 إلى يوليوز 2002.
والتحق فرحان بالمصلحة الدبلوماسية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، في بداية حياته المهنية سنة 1990، ليعمل سكرتيرا أولا ومستشارا من 1994 إلى 2000، بسفارة المغرب في لاهاي. وعين ممثلا دائما مساعدا للمغرب لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف ما بين 2002 و 2004. ومن مارس 2005 إلى غاية فبراير 2006، شغل منصب القائم بالأعمال المؤقت للبعثة الدائمة للمغرب بجنيف.
وخلال مسيرته الدبلوماسية، كان السيد فرحان من 2001 إلى 2016، عضوا بالوفد المغربي في أشغال الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، ومثل المغرب في العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية. كما تولى، من سنة 2011 إلى 2016، مهمة خبير للمملكة المغربية في مؤتمرات القمة الثلاثة المعنية بالأمن النووي (سيول ولاهاي وواشنطن).
هذه المسارات والسير الذاتية الممتازة التي نقصد عرضها، هي غيض من فيض، تظهر إصرارا منقطع النظير على النجاح.
بلادنا تتوفر على كفاءات مغربية عالية التأهيل، حاصلون على مؤهلات كبيرة، فأزيد من 400.000 مغربي مقيم بالخارج يتوفرون على مستوى باكالوريا + 5 فأكثر.
هذه المؤشرات والأرقام، تظهر وجود رغبة كبيرة لدى مغاربة العالم للمساهمة في تنمية بلدهم الأصل، فهم معبؤون دائما للانخراط في عدة أوراش ومشاريع. لقد كشفت دراسة تحت عنوان: الكفاءات المغربية بالخارج: " 25 سنة من سياسات التعبئة"، والتي أشرف على إنجازها الأكاديمي المغربي المقيم ببلجيكا، فريد العسري، أهمية وضع حصيلة لما تم القيام به بخصوص تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج، وذلك من أجل بلورة سياسة متجددة ومندمجة في هذا المجال بالنظر لما يفرضه سياق العولمة من جعل اقتصاد المعرفة يتبوأ مكانة مهمة في السياسات العمومية.
ومن بين التوصيات التي انتهت إليها هذه الدراسة، هو ضرورة وضع تعريف موسع لمفهوم الكفاءة المغربية بالخارج يأخذ بعين الاعتبار جميع الأشخاص المقيمين بالخارج بصفة مؤقتة أو دائمة، واعتماد مقاربة شاملة لمفهوم التعبئة مع الحركية، وكذا مرافقة هذه الكفاءات طيلة فترة الإقامة في الخارج، بالإضافة إلى أهمية استمرار الدولة في لعب دورها المركزي في القيام بالعديد من الأعمال في هذا المجال، وهو ما يفرض جعل التعبئة أولوية في السياسة العمومية، وعقد شراكة قوية ودائمة بين القطاعين العام والخاص وتشجيع المبادرات الخاصة في هذا المجال.
إن ما ينقصنا اليوم ونحن نفتخر بما حققته كفاءاتنا المغربية ببلاد المهجر، هو القطع التام مع سياسة التجاهل والأذن الصماء، و الروح الانتهازية للحرس القديم، الذين تعاقبوا على تحمل المسؤولية لهذا الملف، ولا يزالون، هو استمرارهم في عرقلة كل المبادرات والتوجهات السياسة التي راهنت على كفاءات مغاربة العالم.
لكن أمثال هؤلاء من السياسيين التي تقلدوا مسؤولية هذا القطاع، فشلنا بسبب نزعتهم للهيمنة، من تحويل مجموعة من المشاريع والتوجهات إلى برامج ناجحة، تدعم مغاربة الخارج، وتدمجهم.
لكل هؤلاء المسؤولين، والسياسيين، نقول توقفوا عن استغلال مغاربة العالم سياسيا، لتحقيق رغباتكم في الحصول على مناصب حكومية أو ديبلوماسية، فمغاربة العالم غير قاصرين فباستطاعتهم أن يحققوا نجاحات يفخر بها وطننا الحبيب وتحقق لبلادنا سمعة دولية في منتديات ومؤسسات ومحافل عالمية وفي عدة مجالات.
عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط
رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية
رئيس مكتب غرفة التجارة المغريية الافريقية البرازيلية بالمغرب.
رئيس مكتب غرفة التجارة المغريية الافريقية البرازيلية بالمغرب.