في خضم القلق الذي يعيشه الشباب المغربي من تحول فصل الشتاء القادم إلى فصل المجاعة ، عادت الأحزاب السياسية المغربية خلال عطلة نهاية الأسبوع لتخلق الجدل وسط منصات التواصل الاجتماعي ، من خلال مبادرة ما يسمى ’’بالحملة الوطنية للتوعية بخطورة فيروس كورونا ” والتحسيس بأهمية التدابير الاحترازية لمواجهة كوفيد 19 ، وذلك بآلية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها فاشلة تجر معها أذيال خيبة سنة بيضاء من حيث الفعل السياسي.
كالعادة ، فشلت الأحزاب السياسية وشبيباتها وأخلفت الموعد ولم تستطع أن تعمل علي أن تكون الصـلة بين الحـكومة وأفراد الشـعب، ولم تنجح في لفت اهتمام أفـراد الشـعب الى ضرورة التجاوب الإيجابي مع دعواتها وذلك راجع بالأساس الى عدم قدرتها على إسترجاع الثقة التي فقدتها منذ سنوات خلت .
ولم يسلم حزب إلا وتلقى أمينه العام ومكتبه السياسي انتقادات كثيرة عبر منصات التواصل الإجتماعي، ولعل آخرها ما يوصف "بالحملة الوطنية للتوعية والتحسيس " التي اتخذتها الأحزاب السياسية "حصان طروادة " وهدية جميلة بداخلها مفاجئة غير سارة قد تعصف بما تبقى من بياض وجه الشبيبات الحزبية المغربية.
ويبدو أن شبيبات الأحزاب السياسية اختلطت عليها الأدوار، وغابت عن أهم محطة كان يجب ان يكون لها دور فيها، وتحولت إلى ملحقة ثقافية تقوم بنشر ملصقات كيفية غسل اليدين ووضع الكمامة بطريقة صحيحة مع العلم أن الإعلام المغربي والسلطات المغربية وجمعيات المجتمع المدن منذ تسجيل أول إصابة في المغرب شهر مارس تقود حملات بشكل يومي للتوعية والتحسيس، ما جعل المواطن المغربي يألف الحملات وخطابها المتكرر، ويطرح علامة تعجب عن معنى أن تخرج الأحزاب في 30 غشت كي تنصح المواطن بأن يرتدي كمامته، كما سبق وأن أشرت سابقا أن الشبيبات الحزبية اختلطت عليها الأدوار ولم تعد لها مواقف سياسية ولا حتى استقلالية تنظيمية، بل لبست جلباب الشـركات والشـبكات التي تطبـق مبـدأ حـرية الاجتماع والمشـاركة، وتعمل على تنمـية وتـطوير المجـتمع، وذلك عن طريق العـمل كقـناة للتـواصل بين الأفـراد والدولة لكن بشكل صوري، ولتوضيح هذه الجملة أذكر النقاش حول حذف الكوطا التي خاضت الشبيبات الحزبية معركة تدرس في الترافع والمواقف وحتى التحليات والمقالات التي تنهل من قشور الأنوار ليس كحملة "لبس كمامتك تحس بها حملة بدون وجهة بدون هدف وحتى بدون روح ".
الحملة مدعومة من قبل الأمناء العامون للأحزاب لكن من الواضح أن الحملة ليست انتخابية لكنها وسيلة أنيقة للقيام بتسليط الضوء على مدى تحدي سياسيينا لإلحاح اللحظة من خلال القيام بأمور غير منطقية وغير مفهومة ، في الوقت الذي ينظر فيه مئات الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل إنضاف اليهم شباب فقدوا وظائفهم جراء الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الجائحة ، أجوبة عن قلقهم من المستقبل ، الشبيبات الحزبية تقول للشاب " يجب أن تتعلم كيف تغسل يدك بالماء والصابون وتحافظ على التباعد الاجتماعي " هي بهلوانيات تجعل احتمال استمرار عزوف الشباب عن العمل السياسي أمرًا يمكن تخيله بشكل بارز .
الفكرة التي يتم الاشتغال عليها في جوهرها ، هي مظهر آخر لتسابق قيادات الشبيبات الحزبية على مكسب يعلمه كل من انخرط في عبث هو نفسه غير مقتنع به ، جديد سياسة القرن الحادي والعشرين التي يمكن العثور عليها بين محاولة التنظيم والفوضى.
الشبيات الحزبية اتخذت تحت إشراف زعماء الأحزاب السياسية المبادرة بشكل بسيط متمثل في الجمع بين مجموعات متفرقة من الأشخاص الذين يمثلون القواعد الشبيبية، بشكل عام لمحاولة رسم طريق من خلال تقلد منصب الواعظ والناصح، وبالتالي البدء في التقليل من شأن الشباب المغربي الذي يعيش أوقات مضطربة، لتيقنه من فشل الحكومة في تدبير ملف كورونا خلال الأشهر الأخيرة التي رافقت رفع الحجر الصحي ليفقد الأمل حتى في الشبيات الحزبية التي جائته بأحدث الطرق لارتداء الكمامة انه لشئ مؤسف حقا .
أثناء كتابة هذا المقال، تتبادر إلى الذهن حتماً بعض الأسئلة هل فعلا يشعر الشاب المغربي حقًا أن معاناته يتم التداول حولها ومناقشاتها أو بثها ، وألا يستبعد قبح وسائل التواصل الاجتماعي والتنمر عليها الآن؟ بالنظر إلى أنه يمكن بسهولة تصوير أي أزمة تمس حياة الشباب ، وإن كان ذلك بشكل غير عادل، على أنها ورقة توت للسياسيين ، فكل محاولة للخروج عن نقل ما يروج في الشارع سيقطع حقًا السخرية التي غالبًا ما تحدد وجهة نظر الجمهور للسياسة؟ أولا يجدر أن تجيب الشبيبات الحزبية نظرًا للفشل الواسع النطاق لسياستها ما الذي قدمته بحملتها هذه؟
حتى أن مظاهر احتفالات عاشوراء التي تحولت إلى عصيان وتعريض حياة الأمن و الأطفال القاصرين إلى الخطر، سائلت الشبيبات عن سبب غياب دورها في التأطير والتكوين وإنجاز المذكرات ...
في هذه اللحظة، يتيح لنا استقلالنا إبلاغ القراء دائمًا بحقيقة ما يتم الترويج له تحت يافطة النضال المزيف والحلول القائمة على نتر الرماد في العيون، وليس التحيز السياسي أو المصالح التجارية. هذا يجعلنا مختلفين.
نعتقد أن كل شاب مغربي يستحق أن يمثله شباب قادر على الإبداع وله قرارات مستقلة وليس ممثلين بدون استقلالية فكرية