الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

غريب :ميزانية الجامعة العمومية بين مطرقة جائحة كوفيد-19 وسندان التعويضات

غريب :ميزانية الجامعة العمومية بين مطرقة جائحة كوفيد-19 وسندان التعويضات عبدالحق غريب
عرف يوم الأربعاء 5 غشت 2020، تنظيم مباراة وطنية لولوج كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان برسم سنة 2020-2021. وما يميز هذه المباراة هو أنها لأول مرة في تاريخ المغرب يتم تنظيم مباراة وطنية مشتركة في 42 مركزا جامعيا موزعا على كافة أرجاء التراب الوطني، عِوَض تنظيم 11 مباراة، كما كان معمول به سابقا.
وعزت وزارة التربية الوطنية هذا الإجراء الاستثنائي إلى اتخاذ التدابير الوقائية والاحترازية الضرورية جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، وتقريب مراكز المباراة من مقرات سكنى حاملي شهادة الباكالوريا، حفاظا على صحتهم وسلامتهم.
وقد جرت أطوار هذه المباراة الوطنية في مدرجات وقاعات مختلف المؤسسات الجامعية بالمغرب (كليات الطب والعلوم والآداب والحقوق...)، وأشرف على الحراسة الأساتذة الباحثون المنتمون لهذه المؤسسات.
وفي هذا السياق، أصدر كل من الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة قرارا مشتركا بشأن تعويض الأساتذة الباحثين المكلفين بالحراسة المتعلقة بالمباراة الوطنية لولوج السنة الأولى في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان.
وهنا نطرح سؤالاً قد يبدو مستفزّاً :
هل قرار حصول أساتذة جامعيين على تعويض جزافي يُقدر ب 1000 درهم مقابل قيامهم بحراسة الامتحانات، هو قرار صائب؟
نطرح هذا السؤال ليس لأن المباراة تنظم في ظروف استثنائية مرتبطة بتداعيات جائحة كوفيد-19، والتي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد المغربي وعلى ميزانية الدولة، ولا لأن الأستاذ الجامعي/ الأنتلجنسيا، الذي يمثل نخبة المجتمع، يجب عليه أن يكون قدوة في التضامن الوطني وسبّاقا لأي مبادرة في هذا الباب، ولو بدرهم رمزي.. بل نطرحه لأن القرار المشترك المشار إليه أعلاه، ينص على أن هذه التعويضات سيحصل عليها الأساتذة من ميزانية الجامعة، أي أن كل جامعة ستتحمل تعويضات الأساتذة التابعين لها، وهنا مربط الفرس.
إن ما يحز في النفس كثيراً، هو أن هذا القرار جاء مباشرة بعد قرار تقليص ميزانية التعليم في قانون المالية 2020 المعدل، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة عازمة على تنفيذ مخططاتها لوأد التعليم العالي العمومي والبحث العلمي، بالرغم من أن جائحة كوفيد-19 بيّنت للمغرب وللعالم أهمية التعليم والبحث العلمي وأثبتت ضرورة دعم هذين القطاعين الحيويين.
وللأسف الشديد، لا أحد قال اللهم إن هذا منكر، سواء المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي أو المكاتب الجهوية والمحلية أو أعضاء مجالس الجامعات ومجالس المؤسسات أو الأصوات الحرة، والذين يُجمِعون على أن التسيير بمؤسساتهم يعاني من مشاكل جمّة بسبب ضعف الميزانية، والتي لا بد أنها ستزداد تأزماً، هذه السنة، بعد تقليص ميزانية التعليم في القانون المالي 2020 المعدل، ومستقبلا بسبب تداعيات جائحة كورونا.
من جهة أخرى، لا بد من الإشارة إلى أن القرار المشترك السالف الذكر يتضمن فقرة تشير إلى غياب نصوص تشريعية وتنظيمية لتعويض الأساتذة المشرفين على عملية الحراسة. وعليه نطرح السؤال التالي:
إذا كان التعويض عن عملية الحراسة غير منصوص عليه في القوانين والتشريعات الجاري بها العمل، كيف يُسمح لرؤساء الجامعات بصرف هذه التعويضات من ميزانية الجامعة؟
أليس هذا تشجيعا للمسؤولين على التحايل على القانون من أجل الحصول على أي تعويضات مالية؟
في الختام، أريد أن أوجه تحية تقدير واحترام لكل الأساتذة الشرفاء الذين قاموا بدورهم في الحراسة ولم يترددوا في تلبية الدعوة بنية واجب التضامن وروح المسؤولية، وأؤكد أنني ما كنت أعبر عن رأيي في هذا الموضوع الحساس لولا أن ميزانية الجامعة هي التي ستتحمل عبء التعويضات عن الحراسة..
كما أتمنى صادقا من مجالس الجامعات ومجالس المؤسسات بمختلف المواقع الجامعية أن تتحمل كامل مسؤولياتها، وذلك برفض أي تعديل في الميزانية يرمي إلى تخصيص تعويضات عن حراسة مباراة ولوج كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، لأن البحث العلمي والتدريس في أمس الحاجة إلى تلك الميزانية.
 
عبدالحق غريب، أستاذ التعليم العالي