الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

حليم المذكوري: بين النسوية والأنثوية ضاعت من الرجل البوصلة

حليم المذكوري: بين النسوية والأنثوية ضاعت من الرجل البوصلة حليم المذكوري

في الماضي القريب كانت هناك فيمينيستات ونساء. وكان الرجل يميز بينهن بسهولة. لم تكن الفيمينيست تهتم بمظهرها، فتترك كل شعر جسدها على حاله إلا شعر رأسها الذي كانت تقطعه إلى أقصى حد مقبول. وكانت تكن عداء ظاهرا لشركات مواد التجميل وعلى رأسها أدوات ومواد التخلص من شعر الجسد. كانت لا تنزعج من دورتها البيولوجية إذا ظهرت بعض أعراضها للعيان. وكانت تكره الرجل إلا إذا أرغمتها الضرورة البيولوجية للاقتراب منه. وإذا فعلت فلم تكن تقبل منه أي شكوى عن الغابات المغطية لجسدها ولا عن روائح العرق وأشياء أخرى.

 

وطبعا كانت النساء عكس كل ذلك. كن يطلقنا شعر الرأس و"ينتفن" الباقي رغم الألم الذي كان يصاحب ذلك. وكن غالبا ينتظرن فارس الأحلام في صمت. في ذلك الوقت كان الرجل واثقا من نفسه. يحتفظ بمسافة جد محترمة بينه وبين الفيمينيست ويتظاهر بالقوة والنخوة تجاه النساء. وكان ينسج في خياله حكايات سوريالية عن الفيمينيستات ككونهن كلهن سحاقيات ويتبولن واقفات!

 

أما المرأة المعاصرة فحكايتها "حكايه" من منظور الرجل الذي لم يعش مراحل التطور التي عاشتها المرأة. وإذا كان هناك تطور ما فليس عن طيب خاطر. أنثى اليوم أخذت ما يروقها من كلا الطائفتين. تعتز بأنوثتها وتهتم بها إلى أقصى الحدود. وتعتبرها جزءا منها ومن ترسانتها الدفاعية/الهجومية. اعتزازها بأنوثتها لا يقابله إلا تشبثها بحريتها. لا تكره الرجل لكنها تريد تدجينه. الزواج منها أو العيش معها في علاقة حميمية ليست ضمانة لبقاء الأمور "على طول". لا يا عزيزي؛ عليك أن "تصطادها" كل يوم وبطرق مختلفة. إياك وتكرار "لعيبة" أمس! العيش معها نعمة. لكنه قد يتحول إلى نقمة إذا لاحظت فيك علامات العياء لأي سبب، أو النسيان. عيد ميلادها، ذكرى زواجكما أو علاقتكما الحميمية من أقدس المقدسات. نسيانها من أكبر الكبائر التي لا تغتفر بسهولة. حتى وإن تظاهرت بالصفح فالنسيان أو هو. ستأتي مناسبات كثيرة لتسمعك إياها. أنثى اليوم لا تكره شركات مواد التجميل. العكس. تحفظ أسماءها عن ظهر قلب و تترقب كل جديد يصدر منها.

 

مزاجية، تفرح لأبسط الأمور وتغضب لأمور أكثر بساطة. ومن أدوارك الجديدة خفة الدم والقدرة على رسم الابتسامة على محياها؛ أن تكون لديك روح الفكاهة. لكن إذا رافقتها لزيارة عائلتها فعليك أن تلعب دور ولد الدار. إذا كانت تتحدث لا تقاطعها ولا تضحك كثيرا وإذا تكلمتَ فزن كلماتك بميزان ابن رشد والغزالي. ضحوكة ولعوبة وما عليك إلا تثمين سلوكها هذا. وتنتظر منك مصاحبتها في غزواتها لسبي الموضة وأدوات ومواد التجميل. تريد مرافقتك من حين لآخر إلى جلسات أصدقائك. لكن أنت ما تديرهاش فراسك تمشي معها لصحاباتها.

 

أنثى اليوم جميلة، تشتهيها نفس الرجل (وربما حتى المرأة)، مثقفة، متحررة وعقلانية حد الاختناق. لكن حدسها، إحساسها وعواطفها لم تتخل عنهم بعد!

 

أنثى اليوم تجمع الجنة والجحيم معا. إن كنت من غير المغضوب عليهم فجنتها مأواك. أما إذا كنت من  البئيسين فلن تنفعك معها صلاة.