الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

سليمة فرجي: حين يتحدث البعض عن منجزات جهة الشرق

سليمة فرجي: حين يتحدث البعض عن منجزات جهة الشرق سليمة فرجي

لما يتحدث البعض عن منجزات جهة الشرق، لا بد من إبداء الملاحظات الآتية:

 

- أزيد من110 مليار درهم تم ضخها في البنية التحتية منذ الخطاب الملكي السامي التاريخي لسنة 2003؛

 

- البطالة تعدت نسبتها 18، 8 في المائة في جهة الشرق، جهة مستهلكة بالأساس وغير منتجة؛

- عدم وجود مشاريع استثمارية ومعامل ومصانع وقطاع خدماتي، والاكتفاء بالمقاهي وقاعات الحفلات ومشاريع تبييض الاموال وترك القطب الصناعي اسما رنانا فارغا من محتواه باستثناء فضاءات العروض..

 

من حقنا أن نطرح السؤال التالي: لماذا تعذرت عملية الإقلاع رغم المجهودات الملكية الجبارة منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش اسلافه المنعمين سنة 1999 خصوصا بعد خطاب مارس 2003؟

لماذا يفضل مواطنونا الأثرياء الذين اغتنوا متعهم الله بالثروات، المنحدرون من جهة الشرق والريف وهم كثر، الاستثمار في مجال العقار والمعامل والمصانع والخدمات والمشاريع الفلاحية الكبرى والصناعة التحويلية والمطاحن، في مدن الدار البيضاء وطنجة وتطوان والقنيطرة وجنوب إسبانيا وأوروبا؟ هل يرجع السبب إلى عقدة المركز، أو نهج سياسة الذوبان في المدن الكبيرة؟ أم تفادي مضايقة إدارة الضرائب التي لا تكف عن إرهاق ومراجعة نفس الشركات القليلة المتواجدة في مدننا؟

ألا يتحمل هؤلاء، أي رجال المال والأعمال، جزءا كبيرا من المسؤولية بحكم أن جهة الشرق حارسة الحدود وباب إفريقيا وأوروبا كانت سبب اغتنائهم، ويتحمل الجزء الآخر الحكومة التي لم تتفاعل مع مطالبنا المتمثلة في التحفيزات العقارية والضريبية والتأطير والمواكبة؟

 

جميل أن نصب غضبنا على مدن كوجدة وبركان والناظور والحسيمة وفكيك وتاوريرت وجرادة التي لم تشهد قفزة في مجال الطاقة المتجددة، ولكن الأمر المحزن ماذا قدم أثرياء ورجال المال والأعمال خصوصا كفاعلين سياسيين وضع المواطن ثقته فيهم، باستثناء التسويف وبرمجة برامج لم تر النور؟ هل يكمن الخلل في الوعاء العقاري، أم لعنة المغرب غير النافع أم عدم كفاءة المسؤولين أم أنانية رجال المال والأعمال المنتمين والمستفيدين من منافع هذه المدن وأصوات الناخبين التي توصل إلى مواقع القرار.

 

وحتى نكون إيجابيين، وبعد جائحة كورونا، ماذا لو استغل المستثمرون ظرفية تراجع وانهيار الاقتصاد والتضامن الأوروبي لتتم دراسة وضعية العقار وجودة اليد العاملة والتحفيزات الضريبية مع ملاحظة أن ميناء الناظور سيكون واعدا، وآبار الغاز الطبيعي في الجنوب الشرقي قد تبعث بعض الأمل، والتفكير في الطاقة المتجددة التي تعتبر ذات راهنية في دول العالم، قد تكون من ضمن البرامج، للنهوض بالاستثمار في الجهة، خصوصا أن البنية التحتية متوفرة وتم ضخ مبلغ 110 مليار درهم منذ 2003 وهي السنة التي القى فيها صاحب الجلالة خطابه التاريخي من أجل اقلاع جهة الشرق التي تعتبر مؤهلة لاستقبال مشاريع تنموية ضخمة ذات صلة حتى بالخارج، ولم لا؟

 

ولا يسعني في هذا الصدد إلا استحضار نطق ملكي سامي، اقشعر بدني لما استمعت إليه، مؤرخ في 29 يوليوز 2017:

"وأمام هذا الوضع، فمن حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء والولاة والعمال، والسفراء والقناصة، إذا كانوا هم في واد والشعب وهمومه في واد اخر؟ فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي وعن المشاركة في الانتخابات لانهم بكل بساطة. لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين افسدوا السياسة، وانحرفوا عن جوهرها النبيل. وإذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟

لكل هؤلاء أقول: "كفى، واتقوا الله في وطنكم... أما آن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون".. انتهى النطق الملكي السامي.

 

- سليمة فرجي، محامية وبرلمانية سابقة