الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

سمير الشقوري: هل باتت مؤسسات التربية والتعليم في القطاع الخاص عبئا على الوزارة الوصية؟

سمير الشقوري: هل باتت مؤسسات التربية والتعليم في القطاع الخاص عبئا على الوزارة الوصية؟ سمير الشقوري

إن القارئ للمادتين 13 و 14 من القانون-الإطار 17-51  والذي يراد منه أن يكون خارطة طريق للارتقاء بمنظومة التربية و التكوين والبحث العلمي ببلادنا بجميع مكوناتها وعلى كافة مستوياتها للعشر سنوات القادمة يقف على خلاصة وحيدة و هي أن مؤسسات التربية والتعليم بالقطاع الخاص أصبحت بحكم النتائج الطيبة التي تحققها سنة تلو الأخرى تحرج الوزارة الوصية.

لذلك وجب تقليم أظافرها و قص أجنحتها و تكبيلها بسلسلة من القوانين و القرارات المجحفة و التي سيكون من أول ضحاياها التلميذ المغربي.

فعوض البحث عن حلول جدية للارتقاء بالمدرسة العمومية و التي تكلفنا كدافعي الضرائب ما يقارب 70 مليار درهم سنويا من الميزانية العامة للدولة نرى أن البعض يحاول من حيث يدري أو لا يدري الإجهاز على المدرسة الخصوصية والتي لا تكلف الدولة سنتيما واحدا وتعفي ميزانيتها من مبلغ يناهز 12 ملياردرهم في السنة  تتعلق فقط بنفقات التسيير دون احتساب نفقات بناء المؤسسات وتجهيزها وسيكون على الوزارة صرف هذا المبلغ لو تكفلت بتعليم أكثر من مليون تلميذ مغربي مسجلين حاليا بالمدارس الخصوصية،هذا دون الحديث عن عشرات المليارات من السنتيمات كضرائب تضخها المدارس الخاصة في خزينة الدولة سنويا.

فماذا قدم القانون-الإطار لتلاميذ المدارس الخاصةو ماذا قدم لأولياء أمورهم لتشجيعهم على البقاء في القطاع الخاص أو لآخرين لتمكينهم من الولوج إليه إذا أصبحت الخدمة التربوية في المدرسة الخصوصية لا تختلف عنها في نظيرتها العمومية وفوق هذا مؤدى عنها من جيوب الآباء أي منطق هذا ومن يقبل به؟

وبالعودة إلى المادة 13 من القانون-الإطار نجدها عوض البحث عن أجوبة للإشكالات المطروحة على الساحة التعليمية تفرض وضعيات جديدة ستطرح بدورها مشاكل في السنوات القادمة سنحتاج معها ربما لقانون-إطار جديد وهكذا .

فهل من الإنصاف و المساوات إلزام المؤسسات التعليمية الخاصة بتوفير خدمة التربية و التعليم و التكوين لأبناء الأسر المعوزة و هل ستعمل الوزارة على إنشاء سجل اجتماعي خاص بالتلاميذ المتمدرسين على غرار السجل الإجتماعي للآبائهم  لمعرفة الفقير من الغني حتى يؤدي هذا و يعفى الآخر ؟هل يعقل هذا الأمر؟ من منا يدفع باتجاه تعميق الشرخ الموجود أصلا داخل مجتمعنا بين الفقراء و الأغنياء؟

كثير من المؤسسات الخاصة في بلادنا تستقبل سنويا تلاميذ من أسر معوزة بالمجان دون أن يعلم بأمرهم لا الوزارة الوصية  ولا حتى زملائهم في الفصل الدراسي .صحيح أن هنالك مؤسسات خصوصية محسوبة على القطاع الخاص لكنها لا تتقاسم معه نفس المشاكل و لا نفس الهموم و ربما كثير منها يعتبر نفسه فوق الوزارة ذاتها.

وهذا الصنف من المؤسسات له مريدوه من أبناء العائلات الغنية حتى لا أقول النخبة من المجتمع.

و مادا عسانا نقول عن مدارس البعثات الأجنبية و التي بات عددها يفوق 50 مؤسسة تعليمية و تستقبل داخل فضاءاتها تلاميذ مغاربة من أسر ميسورة يتلقون تعليما أجنبيا بامتياز دون أن يكونوا حاملين لأسماء من قبيل ألبير، جاك أو غيرها ...و هاته المؤسسات لم يأت على ذكرها القانون-الإطار إلا في فقرة يتيمة في المادة 31 حيث ألزمها بتدريس اللغتين العربية والأمازيغية لكل الأطفال المغاربة الذين يتابعون دراستهم بها.

و بالإضافة إلى ما سبق، نجد أن المادة 13 من القانون-الإطار تلزم المؤسسات التعليمية التابعة للقطاع الخاص بتوفير حاجاتها من الأطر التربوية المؤهلة و القارة .

فلماذا يمنع أساتذة التعليم العمومي من القيام بساعات اضافية في المؤسسات الخاصة المرخص لها في السلكين الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي بعد استكمالهم الغلاف الزمني الرسمي في مؤسساتهم الأصلية؟

ما العيب في ذلك؟

ألا تعلم الوزارة الوصية أن كثير من أساتذة التعليم العمومي يقومون باعطاء دروس خصوصية إما في منازلهم أو منازل أولياء أمور التلاميذ أو في كتاتيب أو بعض مدارس التعليم الأولي دون أن تكون بحوزتهم التراخيص القانونية  التي تسمح لهم بالقيام بهذا النشاط ؟

ألا تعلم الوزارة الوصية كذلك أن مؤسسات التربية و التعليم  الخاصة تؤدي 17%ضريبة على الدخل عن التعويضات التي تدفعها لفائدة مدرسين لا ينتمون إلى مستخدميها الدائمين؟

ثم عن أي تفاعل وتكامل بين كافة مكونات المنظومة يتحدث القانون-الإطار إذا كانت لغة المنع هي سيدة الموقف؟

و لكي يكتمل المشهد تأتي المادة 14 من القانون-الإطار لتخير المدارس الخصوصية بين العصا أي مراجعة التراخيص بمعنى سحبها إذا أردنا أن نكون أكثر دقة وعدم الإعتراف بالشهادات في حالة عدم التقيد بمواد القانون-الإطار أو الجزرة أي نظام تحفيزي لا أحد يعلم مضمونه .

وقد سبق أن نصت على ذلك الدعامة 18 من الميثاق الوطني التربية والتكوين و التي اعتبرت التعليم المدرسي الخصوصي شريكا للدولة في النهوض بمنظومة التربية و التكوين وحث الدولة  على وضع نظام تحفيزي ملائم كان ذلك قبل أكثر من 20 سنة لكنه بقي حبرا على ورق.

أما في ما يتعلق بتحديد ومراجعة رسوم التسجيل و الدراسة كما نصت عليه المادة 14 من القانون-الإطار وحتى تظل خدمة التربية والتكوين في منأى عن منطق السوق وبعيدا عن التصنيفات المعول بها في قطاعات خدماتية أخرى كالسياحة مثلا ولكي لا يتم اضفاء الصبغة القانونية على الأثمنة الخيالية المطبقة في كثير من المؤسسات الخاصة و التي ترهك كاهل الأسر المغربية، أقترح على الوزارة الوصية وضع تسعيرة مرجعية حسب كل مستوى دراسي وسلك تعليمي  يتم تحديدها بناءا على معايير موضوعية من قبيل أجور العاملين بحيث يجب أن لا تقل عن نظرائهم في المدارس العمومية والبنية المادية للمدرسة الخاصة من فضاءات استقبال و ملاعب رياضية و تجهيزات وما شابه... ويتم مراجعة التسعيرة المرجعية من طرف الوزارة الوصية بشكل دوري بناء على تطور كلفة المعيشة.

وكما هو معمول به في قطاع الصحة، يحق لأولياء أمور التلاميذ استرجاع نسبة من التسعيرة المرجعية.

وهذا النظام الجديد ان تم اعتماده  سيطبق فقط على المؤسسات التعليمية الخاصة التي ستلتزم في اطار شراكة مع الوزارة الوصية بتوقيع دفتر تحملات ملزم للطرفين.

ولتنزيل هذا الورش الهام يمكن الإستعانة بمنظومة مسار للتدبير المدرسي.

أن بعض التصرفات المشينة من بعض المؤسسات المحسوبة على القطاع الخاص والتي نشجبها جميعا يجب أن لا تنسينا أن المدرسة الخصوصية مدرسة مواطنة وجزء لا يتجزء من المدرسة المغربية و شريك موثوق به ولا محيد عنه في النهوض بمنظومة التربية والتعليم ببلادنا إلى جانب شقيقتها الكبرى المدرسة العمومية.

ويبقى الحوار المباشر بين الوزارة الوصية  و جمعيات مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي وجمعيات آباء و أولياء التلاميذ السبيل الوحيد لإزالة سوء الفهم وتصحيح الصورة النمطية للمدرسة الخاصة في الإعلام و المجتمع وتقريب وجهات النظربين جميع الأطراف حفاظا على المصلحة الفضلى لبناتنا و أبنائنا التلاميذ.