".....لقد كانت سنة 2019 سنة حافلة جدا بالنسبة للمجلس: فبالموازاة مع استكمال هياكله، وإنشاء لجنة علمية لمعهد الرباط إدريس بنزكري لحقوق الإنسان، وتحديث فلسفته وإطارعمله، تبنى المجلس رؤيته الجديدة التي تربط بين التفكير والتشاور والفعل الحقوقي..."-مقتطف من كلمة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الواردة في التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019 ، الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال شهر مارس من سنة 2020، والذي أثار ملاحظات متنوعة، تتعلق خاصة بمنهجية إعداده وصياغته وإصداره، أكثر من حجم النقاشات المفروض أن تحيط به على مستوى مضامينه، من منطلق أن تقارير المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تشكل رصيدا وثائقيا يتيح للباحثين المتخصصين إمكانية القراءة الكمية والكيفية للتطور الحقوقي.
فإذا كان من الطبيعي أن يتوقف التقرير، في المحور المتعلق بالنهوض بثقافة حقوق الإنسان،عند مسالة إعادة هيكلة معهد الرباط- إدريس بنزكري- لحقوق الإنسان، لجعله مركزا مرجعيا في مجال حقوق الإنسان وتعزيز القدرات، من خلال إحداث لجنة علمية له تتألف من خبراء وباحثين وأساتذة وقانونيين مغاربة وأجانب ،بالنظر لرمزية الاسم الذي يحمله ،كمناضل ساهم في وضع اللبنة الأساس لنشر ثقافة حقوق الإنسان،فان الوفاء الحقيقي لروح فقيد الحركة الحقوقية، ادريس بنزكري، يقتضي استكمال وضع اللبنات بالاغناء، لان الفقيد رحل بعد أن أكمل رسالته، إيمانا منه أن التاريخ تراكمات وانجازات، من المفروض في من يأتي، من بعده أن يحرص على الإضافة والتطوير، ليس فقط من خلال استحضار فلسفة التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، التي أكدت على إرساء توازن بين الأهداف على اختلافها وتنافسها، والتي تجاوزت، على مستوى الممارسة، استهداف إنصاف ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، من خلال النهوض بالحق في معرفة الحقيقة وجبر الأضرار، إلى استخلاص العبر.
من الماضي، للتأسيس لمستقبل يضمن فيه عدم تكرارالانتهاكات، بل من خلال العمل بمقارباتها عند قيام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإجراء التحقيقات والتحريات اللازمة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، وانجاز التقارير المرتبطة بها، لأن الحق في معرفة الحقيقة، في كل الانتهاكات والتجاوزات، يرتبط ارتباطا وثيقا بالحق في الإنصاف.
والحق في معرفة الحقيقة ،يعتبر حقا موضوعيا وليس مجرد حق إجرائي، وانتهاك هذا الحق يساوي انتهاك الحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة.
إن إبداء بعض الملاحظات على تقرير المجلس الوطني، لا تقلل من قيمته ،حيث انه جاء غنيا بالمعلومات والمعطيات، لكن استحضارالمسار المؤسساتي للمجلس من جهة ،وقيمة التقارير الصادرة عنه منذ مرحلة إنتاج تقارير التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، تقتضي تحقيق التراكم والتطوير ،على الأقل على مستوى منهجية إعداد التقارير ،فمن غير الطبيعي أن يصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريرا لا ينسجم عنوانه مع مضمونه، بل إن محاوره تداخل فيها ما يدخل في أنشطة المجلس وما يتعلق بحالة حقوق الإنسان، اكثر من ذلك نجد إن المحور الواحد تداخل فيه ما يتعلق بحماية حقوق الإنسان وما يتعلق بالنهوض بها ،مما يجعل القارئ يبذل مجهودا مضاعفا لتتبع فقراته لاستيعاب ما تحقق من تقدم أو تراجع وتلمس وضعية الخروقات والتجاوزات والتعرف على المؤشرات الملموسة حول مسار التطور .
إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة دستورية ملزم حسب الفصل 160 من الدستور بتقديم تقرير عن أعماله ، مرة واحدة في السنة على الأقل، الذي يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان ،كباقي المؤسسات والهيئات المشار إليها في الفصل 161الى الفصل 170 من الدستور
كما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ،بمقتضى المادة 35 من القانون المتعلق بإعادة تنظيمه مطالب بإصدار تقرير سنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب.
إسماعيل بلكبير/ ناشط حقوقي