الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

حسن العطافي: مصاحبة أهم من رفع الحجر

حسن العطافي: مصاحبة أهم من رفع الحجر حسن العطافي

ونحن على مشارف العاشر من يونيو، آخر أيام المرحلة الثالثة من الطوارئ الصحية، يبدو أن التنبؤ برفعها وإنهاء عهد الحجر الصحي أو التمديد من جديد، هو مجرد قراءة فنجان، ومغامرة أصعب من تلك القراءة.

 

لا شك أن البشرية جمعاء في مرحلة اختبار، واكتشاف لفيروس كورونا المستجد، نجم المرحلة بدون منازع. وبالتالي فإن كل ما يقال يبقى في درجة الاحتمال، ولا يرقى إلى اليقين، طالما أن أقصى ما بلغه المرء في مواجهته للوباء هو وسائل الوقاية التي يبقى الحجر الصحي أهمها.

 

الكل يتلمس الطريق في دروب كورونا، ومن العبث أن يزعم أي من بني البشر أنه على درجة أعلى من المعرفة بالوباء، وطرق علاجه و...

 

إن الدول التي توفقت حتى الآن في محاصرة الوباء سيكون من الصعب عليها أن تزعم انتصارها، بل إنها تبدو أكثر حذرا من السابق بعد أن عانت الأمرين قبل أن تبلغ مرحلة المحاصرة، التي كانت أرواح الآلاف ثمنا لها.

 

مع تنامي عدد الدول التي رفعت الحجر، يبدو أن صبر الكثير من الذين يعيشون في ظله بدأ ينفد إن لم يكن نفد بالفعل، لا نتحدث هنا عن الذين استأنسوا بالخرق، بل الذين أصبح فكرهم في مرحلة ما بعد الحجر، وإن كانت أجسادهم محصورة حتى الآن بين الجدران.

 

تكفي جولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما ينشر فيها لنتأكد أن الناس مستعدون لسماع قرار واحد، وليس واحدا من اثنين، وهذا موقف صعب بالنسبة لأصحابه، سواء تقرر الرفع أو التمديد، لأن العودة إلى الحياة الماضية من سابع المستحيلات، فحرية التصرف إلى حد الطيش صارت وستصير مقيدة في العالم كله، من باب الوقاية وتفادي انتكاسة، طالما أنه لا أحد من الخبراء تجرأ على تقديم تطمينات بأن هذا الكوفيد يقضي بالفعل أيامه الأخيرة.

 

نعم الحرية ستظل مقيدة، لأن الأمر لا يتعلق بمصلحة خاصة، ولأن ما بدر من الناس من تهور في أي بقعة من العالم، يشكل درسا للدول الأخرى. ومثلما استفادت بلادنا من أخطاء الآخرين واتخذت تدابير احترازية منحتها التقدير والاحترام، فإنها ستستفيد مما يصلنا من البلدان التي رفعت الحجر الصحي وبلغت مراحل متقدمة في التدرج.

 

أثبتت الصور التي جرى تداولها حول ما صدر من سلوكات عن الشعوب، التي جرى الترخيص لها بالانتقال إلى مراحل متقدمة من رفع الحجر أنه من الصعب التخلي عن المرء أيا كان مستواه أو انتماؤه في أول طريق الحجر الصحي، لأن النفس البشرية تطغى وتقود المرء إلى حماقات قد تصل إلى التدمير وما يشبه الانتحار.

 

إن التدرج أمر لا بد منه، وإلا ذاب جليد ما تردد حول الالتزام والانضباط والتقيد، مع إرسال شمس العودة أول خيوطها الدافئة.

 

مثلما كان المرء في حاجة إلى المصاحبة أو "الكوتشينغ"، الذي وصل إلى حد التحرش عله يعي بما يحيط به ويقدر المخاطر المحدقة في فجر انتشار كوفيد 19 يحتاج إلى مصاحبة أكبر وهو في طريق العودة إلى ما نحن مؤمنون أشد الإيمان بأنه مجرد شبيه لحياتنا الماضية.

 

فالازدحام الذي ظهر في مقاه أوروبية وتطليق عادة ارتداء الكمامات يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المصاحبة بكل أشكالها ضرورية في مرحلة ما بعد الحجر الصحي أكثر منها خلاله.

 

في البدء كان الخوف من العدوى والاختناق والعناية المركزة والموت من العوامل، التي ساعدت على الانضباط في حين تكفل الخوف من العقوبات الجزرية بالبقية.

 

أما بعد أن انجلى ليل كورونا عن شطر معين من الكرة الأرضية فلم يعد بين بني البشر من ينظر إلى الجزء المظلم وهنا يكمن الخطر، ويتأكد أنه لا بد من نوع من الوصاية على فئة من بني البشر لحماية أخرى تأكد أنه لا ذنب لها في ما فعله أو سيفعله المنفلتون، ومن أجلها تبدو المصاحبة أهم من رفع الحجر.