الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد جعفر :المسألة النسائية من التقرير الإيديولوجي إلى الآن.. هل نفهم جيدا تحولات المجتمع ووسطه المرأة؟

سعيد جعفر :المسألة النسائية من التقرير الإيديولوجي إلى الآن..  هل نفهم جيدا تحولات المجتمع ووسطه المرأة؟ سعيد جعفر
النقاش حول المرأة والمسألة النسائية في الاتحاد الاشتراكي ليس موسميا ويشكل ورشا قائما، ويطرح في مقدمة الأولويات والمطالب في المؤتمرات والمذكرات و الأرضيات التوجيهية كما يحدث الآن.
وعلى الأقل منذ المؤتمر العاشر، آخر مؤتمر توجيهي للمرحلة، ومذكرة الحزب للجنة النموذج التنموي والأرضية التوجيهية التي طرحها الكاتب الأول للنقاش العمومي، هناك خيط رابط ومتماسك في الموضوع وهو لا يزيح عن المنطلقات العامة التي تأسست عبر كل محطات الاتحاد وحضرت بهذا الشكل أو ذاك في التقرير الإيديولوجي.
نصت أوراق المؤتمر العاشر على أهمية المرأة في البناء الديمقراطي وتنمية المجتمع وترقيه، ولهذا كان موقفه واضحا من ضرورة اعتماد رؤية مستعجلة لمناهضة تجليات الفكر المحافظ الرجعي والتقليدي المناقض لمبدأ المناصفة والمساواة وتكافؤ الفرص، وفي تفعيل المقتضيات الدستورية في هذا الصدد بما في ذلك إقرار آلية قانونية في الموضوع.
وخص الاتحاد النساء بمرتكز كامل ضمن مذكرته للجنة النموذج التنموي حيث أكد على ضرورة التأويل المنفتح والحداثي للدستور على قاعدة المساواة والمناصفة.
"فليس من حل إلا أن نعيش زماننا وأن نتوجه نحو المستقبل بمساهمة كاملة من المرأة التي يجب أن تتبوأ قائمة الأولويات في النموذج التنموي الجديد لأنها فاعل محوري في البناء الديمقراطي وطرف أساسي في معادلات التنمية وفي المجتمع كذلك".
وقد احتفظ بهذه الفقرة من مذكرة الحزب للجنة النموذج التنموي كما هي في أرضية الكاتب الأول لدلالتها وحمولتها، وعززها الكاتب الأول بمعطيين إثنين، اول رصد فيه أشكال العنف الذي يطال النساء قبل جائحة كورونا وأثناءها وربما بعدها وحددها في العنف الاقتصادي والاجتماعي والصحي والثقافي، وثان إجرائي تقني يرتبط بكيفية توزيع الدعم الذي يجب أن يمس النساء و التجنيد الأمني والقانوني لحماية النساء وأخيرا مراجعة المقتضيات والقوانين تناغما مع الدستور وخاصة الفصل 19.
وفي الحقيقة فما طرحته أرضية الكاتب الأول منضبط لمرجعية الحزب ومخرجات المؤتمر الوطني العاشر ولا يزيح عنهما، وهو يساعد على فهم التصاق الحزب بجزء من أدبياته وهويته واستحضارها ليس فقط في الأزمنة السياسية العادية والطبيعية ولكن ايضا في الأزمنة الاستثنائية بغض النظر عن عمق وصواب توجهنا كله من خطئه.
ولأن النقاش مفتوح ومباح علنا بعد أن كنا نناقشه داخليا على الأقل من خلال لجنة قضايا النساء والشباب والمناصفة والمساواة وتكافؤ الفرص التي أنا عضو فيها، فهي مناسبة لإثارة وجهة نظر شخصية في الموضوع أكثر نقدية وفيها غير قليل من الجرأة في الطرح.
سأبدأ من التقرير الإيديولوجي للحزب في 1975 لأنه لا بد أن يستمر مؤطرا لفهمنا للسياسة والمجتمع، إذ نصت فقرته الأخيرة على ما يلي:
"إن الغاية النهائية من البناء الاشتراكي هي تشييد مجتمع اشتراكي وحضارة لهما خصوصيتهما، تشييد هذا المجتمع المغربي مع تحرير وتغيير الإنسان المغربي"،
"إن الفكر التقدمي منطلقه ومنتهاه التفاؤل، وإلا فلن يبقى مبرر للنضال إذا ادعينا احتكار الحقيقة"،
" لذلك فلزوما أن نعتبر مجهودنا هذا بداية في التوضيح، وأن تبقى عقيدتنا متفتحة وقابلة للتغيير والاستفادة من الدروس والتجارب"،
والآلية هي" تحليل الواقع الحي والملموس من أجل تغييره لصالح الشعوب" وهي ما نتفق عليها في أدبياتنا بالتحليل الملموس للواقع الملموس.
إن الشرط الموضوعي الذي يضعه التقرير الإيديولوجي في تشييد المجتمع وبطبيعة في كل علاقاته الأفقية والعمودية هو مجتمع اشتراكي في مجتمع له خصوصيته، وهو ما يعني تشييد المجتمع الاشتراكي في ارتباط بسرعة المجتمع، أي الا نتقدم عليه فنصطدم بالمجتمع فنعزل وألا نتأخر عليه فنصبح ماضويين، ووسط هذا يجب أن نكون تقدميين.
إن هذا يطرح سؤالا جوهريا يرتبط بالكيفية التي يجب أن نتعامل بها مع المجتمع؟
 يطرح التقرير الإيديولوجي معادلة عقلانية ومنطقية "تحرير وتغيير الإنسان المغربي وعدم إدعاء الحقيقة"، 
ولهذا يوصي التقرير بالإبقاء على عقيدتنا متفتحة وقابلة للتغيير والاستفادة من الدروس والتجارب عبر إعمال التحليل الملموس للواقع الملموس.
والحال أننا فعلا طبقنا هذه المعادلة في لحظات حاسمة من تاريخ الحزب، في قضية الوحدة الترابية وفي الموقف من الاستفتاء في الصحراء، ومن دستور 1996 و تجربة التناوب واستكمال الأوراش! وغيرها،
ولكن ما هي ما هي اللحظات التي حاولنا فيها مثلا تحرير وتغيير الإنسان المغربي من منطلق تشخيص رأينا أنه صائب وأن ظرفه مؤاتيا واكتشفنا غير ذلك؟
ما هي هذه التجارب والدروس الحزبية والمجتمعية التي يجب ان نستفيد منها وأن تبقى عقيدتنا متفتحة وقابلة للتغيير إزاءها.
بدون تردد في العشرية الأخيرة عشنا تجربتين اثنتين كان رد فعل المجتمع عنيفا تجاهنا، ورغم أننا في العمق على صواب ورأينا متقدم جدا بالنسبة لمعطيات الواقع، هما النقاش حول الإرث و قانون تنظيم وسائل التواصل الإجتماعي والشبكات المماثلة.
إني شخصيا أتفهم جيدا أن يدعو الحزب إلى مجرد فتح النقاش حول موضوع الإرث لأنه يخلخل البنى الذهنية والثقافية في الحد الأدنى وأتفهم كذلك عمله من أجل دولة الحق والقانون وتغطية كل المجالات قانونيا.
إن سؤالي الذي أطرحه باستمرار بيني وبين نفسي هو ما هي السرعة التي يجب أن نتحرك بها مقابل سرعة المجتمع؟ وهل فعلا نحن نقيس فعلا سرعة المجتمع؟
أذن وقبل تقديم رأيي في المسألة النسائية سأسجل بعض الملاحظات الأولية حول فلسفتنا وحول وسائل عملنا وحاملي المشروع:
- إن أول ما يجب أن ننبه له هو أننا قاطرة للتغيير في مسألة النساء وأننا نصرح بمواقفنا دون اية حسابات انتخابية او غيرها.
إننا في هذه النقطة ونقط أخرى وطنيون جدا ونفهم جيدا أن الآخرين بيساريتهم وليبراليتهم وتعادليتهم "يتكتكون" في موضوع المرأة.
المحصلة أننا بقدر ما نغير في المجتمع من نظرة للمرأة وتمكينها من حقوق، بقدر ما نخسر انتخابيا وحتى تنظيميا، إذ آلاف النساء والشابات اللواتي ندافع عن حقوقهن وقضاياهن، ليس فقط لا يلتحقن بالحزب أو يصوتن لمرشحيه أو يتعاطفن معه، بل ربما يتبين أفكار ضده وفي أحسن الحالات يكن محايدات.