الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: شبكات التواصل الاجتماعي والارتباك الحكومي

صافي الدين البدالي: شبكات التواصل الاجتماعي والارتباك الحكومي صافي الدين البدالي

كان لشبكات التواصل الاجتماعي دور أساسي في تعرية الواقع المغربي في كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية؛ فساهمت بشكل كبير في إسقاط  الحواجز بين أفراد المجتمع حتى أصبحت تشكل إزعاجا وإرباكا للحكومة ولخصوم الديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة وأن لها امتدادات على أوسع خارطة في العالم. لقد لعبت دورا أساسيا في خروج الشعب المغربي إلى الشارع في إطار حركة 20 فبراير في سياق مناخ الربيع العربي الذي حمل تغييرات عميقة على المستوى السياسي بسقوط أنظمة وظهور أخري بسلبياتها وإيجابياتها. منذ ذلك الحين والنظام السياسي بالمغرب يحاول أن يقطع دابر شبكات التواصل الاجتماعي، لأنها لم تترك للحكومات، بعد الربيع العربي، أي فراغ للمناورة على الشعب المغربي، الذي أصبح يتواصل فيما بينه، ويحبط المناورات تلو الأخرى.

 

وبدل أن يلجأ النظام السياسي في بلادنا إلى التربية على ثقافة التواصل في المؤسسات التربوية وفي مدارس تكوين الأطر لوزارة الداخلية والأمن الوطني والقوات المساعدة، قوامها التسامح واحترام  الرأي الآخر والتحلي بالحكمة وبالتبصر وبالكياسة في التعاطي مع المواطنين والمواطنات،  كيفما كان موقعهم الاجتماعي أو انتمائهم السياسي، لجأ بدل ذلك إلى سياسة قمع الحريات وتكميم الأفواه. ما نتج عنه ممارسات في زمن الكورونا عودة بعض الباشاوات وقياد ورجال أمن إلى تعنيف المواطنين والمواطنات وحجزهم تحت ذريعة قانون الحجر الصحي. أي العودة إلى أزمنة الجمر والرصاص. فكلما ازداد الحجر الصحي كلما ازداد مستوى الشطط في استعمال السلطة، وكلما ازداد عدد المتابعات وخنق الحريات.

 

إنها ظاهرة ليس لها من تفسير، إلا تفسير واحد، وهو فشل الحكومة في تدبير المرحلة، لأنها لا تتوفر على الكفاءة والنظرة الشمولية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والإنسانية وتجعل المواطن والمواطنة شركاء من أجل تجاوز أزمة كورونا دون خسائر، مما جعل الشعب المغربي لا يثق في خطاباتها، ولم تجد أمامها إلا سبيل القمع والتعنيف والحط من كرامة المواطنين والمواطنات وإخراج مشاريع قوانين تتنافى وحقوق الإنسان كمشروع قانون 20/22 الذي تتوخى منه إغلاق أبواب الشبكات الاجتماعية التواصلية حتى تنفرد بالشارع وبالجماهير الشعبية لتفرض إرادتها والتستر على عيوبها وفشلها في تدبير الشأن العام في البلاد، مما اعتبره الرأي العام الوطني والخارجي وصمة عار على جبين هذه الحكومة..

 

و ما وزير العدل صاحب هذا المشروع 20/22، أي مشروع كل ما من شأنه في صيغة متجددة، إلا أداة استعملته الجهات التي ما زالت تحن إلى ماض ما زالت أثاره السيئة قائمة في نفوس المغاربة، وخاصة في نفوس قوى اليسار حتى الآن. وهو قانون جاء أيضا في هذه الظروف خدمة للوبيات الفساد ونهب المال العام وأصحاب بعض الشركات التي أصبحت لا تطيق شبكات التواصل الاجتماعي التي تقوم بفضحها وفضح الغش في بعض منتجاتها، فكانت سببا في مقاطعة هذه المنتجات متسببة لأصحابها خسائر معتبرة.

 

فعلى الحكومة ألا تنسى بأن الشعب المغربي قد راكم تجارب تلو الأخرى، و تعلم من التاريخ، وبذلك فإنه سيظل يكافح من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان.

 

- البدالي صافي الدين، عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وناشط حقوقي