الجمعة 26 إبريل 2024
منبر أنفاس

زهير العوري : المراقبة والمعاقبة بموجب قانون 22.20

زهير العوري : المراقبة والمعاقبة بموجب قانون 22.20 زهير العوري
لا غرابة أن نصادف قانونا يقيد الحريات، ويمنع المواطن المغربي من التعبير عن آرائه ومواقفه السياسية ،وهذا راجع بطبيعة الحال إلى الاحتجاجات الالكترونية التي عرفها المغرب مؤخرا ،والمتمثلة تحديدا في حملة مقاطعة لبعض المنتوجات الاستهلاكية ،ناهيك عن حملة "شدونا كاملين" التي جاءت كردة فعل بسبب اعتقال الزفزافي...
لكن المتغير المثير في كل هذا هو الإقبال الواسع من قبل مختلف الشرائح الاجتماعية ،التي أصبحت تعبر عن آرائها بطرق جديدة ،وذلك من خلال الاستعانة بالهواتف الذكية والمشاركة في الحملات الفيسبوكية عن طريق نشر مقاطع مصورة أو التعليق على بعض التصريحات أو السخرية منها بطريقة كوميدية،كما لا ننسى كذلك أن هذا القانون تم طرحه في سياق حالة الطوارئ التي يعرفها المغرب بسبب تفشي وباء كورونا المستجد حتى يسهل عليهم تمريره بطريقة سهلة ،ومن هنا يتبن لنا بان العملية كانت مقصودة الهدف منها تقييد حرية المواطن بأساليب ميكيافيلية مبينة على  استغلال الأزمات من أجل تمرير العديد من القوانين الماضوية ،التي تعيد بنا إلى الوراء في الوقت الذي قلنا فيه بان زمن التكميم الأفواه انتهى ،وان المغرب دخل إلى مرحلة جديدة بدءا من دستور 2011 الذي جاء بالعديد من القوانين التي تنص على الحرية التعبير للمواطنين...
وها نحن اليوم أمام عهد جديد للسلطة السياسية التي أرادت أن تحاسبك عن تعليق أو التقاط الصورة ....في الوقت الذي كان عليها أن تفكر في النموذج التنموي الجديد ،الذي يمكن أن يساهم في إصلاح ما يمكن إصلاحه،بعدما تبين بالملموس بان المغرب يعاني من هشاشة اجتماعية كبيرة جدا ،التي جعلت المغرب يتخبط في العديد من الإصلاحات الترقيعية في تدبير هذه الجائحة ،التي حرمت العديد من المواطنين من مزاولة مهامهم الاعتيادية التي كانت تمكنهم من توفير لقمة العيش للابنائهم ،كما لا ننسى كذلك غياب التام للضمان الاجتماعي لهؤلاء الفئات الذين يشتغلون في القطاع الغير مهيكل ،الذي لولا الحس التضامني الذي يميز المغاربة لكان الوضع أكثر سوء مما هو عليه الآن ،هذه من بين الأمور التي ينبغي للحكومة أن تناقشها بالإضافة إلى ضمان تغطية صحية شاملة للكافة أفراد المجتمع ،وهذا الأمر يتطلب جرأة سياسية التي تضع قيمة المواطن في المرتبة الأولى ،الشيء الذي من شانه أن يساهم في تحقيق تلك الثقة الغائبة بين المواطن والمؤسسات السياسية، لكن أمام هذا الوضع العشوائي الذي أصبحنا نعيشه كل يوم نتيجة تصريحات غير مسؤولة وقرارات ارتجالية لا تراعي مصلحة المواطن ،الذي أصبح يعيش حياة سيزيفية ومع ذلك اختارت الحكومة منحنى آخر وهو التفكير في الهاجس الأمني الذي يقيد من حرية المواطنين في التعبير عن آرائهم وموافقهم السياسية التي ينبغي أن نتعامل معها على أساس أنها معطى ايجابي نظرا لقيمته في تحريك النقاش السياسي الذي ظل راكضا لفترة طويلة من الزمن بسبب هيمنة برامج التفاهة المضللة التي تساهم في إنتاج جيل من الضباع على حد تعبير محمد جسوس، لذلك فعلى الحكومة أن تكون حكيمة في طرحها لان الزمن التي نعيش فيه لن يعد يسمح بمثل هذه القرارات في الوقت الذي أصبحت فيه المقاربة التشاركية هي آلية الديمقراطية التي تجعل المواطن يشعر بقيمته الوجودية داخل المجتمع .