الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

سفيان مديلي: الحكومة فشلت في تأمين مداولاتها، ولم تعد جديرة بالثقة ولا بالأهلية

سفيان مديلي: الحكومة فشلت في تأمين مداولاتها، ولم تعد جديرة بالثقة ولا بالأهلية سفيان مديلي

لا يخفى على المتتبع الحصيف لمجريات النقاش الدائرة رحاها بخصوص مشروع قانون المنصات الاجتماعية، وما أثاره من جدل واسع، خبايا وخفايا هذه الضجة المفتعلة، التي يقف وراءها، من أَبْصَرَ وجوده، ذات سواد رجيم، في الدهاليز المظلمة، تماما كما الخفافيش، التي تصير أشد فتكا في حُلْكَة الأوبئة الضَّاجة كذلك، بفحيح الأفاعي وهي تخرج متربصة، كي تنفث سمومها وأحقادها المزمنة الدفينة، في محاولة يائسة لعزل حزب الاتحاد الاشتراكي، وحصره في الزاوية الضيقة، بتحميله مسؤولية الوقوف وراء مشروع القانون 20ـ22، مع العلم أن أي نزوع نكوصي تراجعي مُكَمِّم للأفواه، مُنَافٍ للمقتضيات الدستورية، ولتطلعات المغاربة إلى الحرية والكرامة، قد يحمله هذا المشروع، هو أمر مرفوض حقوقيا وديموقراطيا...

 

لذلك فلا مجال إطلاقا، للدفع بواجب التحفظ والاجتهاد في تبرير ما لا يُبَرَّر، وتكرار نفس أخطاء الأمس القريب، بامتصاص الضربات والطعنات، والركون إلى الصمت... كل هذا تقدير سياسي في غير محله، لن يفيد في شيء، بل على العكس من ذلك، سيزيد الأمور التباسا وسيضعف من موقع الحزب، الذي يتعرض لحملة مسعورة ممنهجة، لا تخفى دوافعها وخلفياتها، وهو ما يستوجب لزاما وبالضرورة التوجه إلى الرأي العام ووضعه في صورة ما يقع، وكشف خيوط هذه المهزلة الحكومية المائعة، وهذا المستوى المُؤسِفّ الذي انحدرت إليه آليات التدبير الحكومي، بوجود أحزاب تنتمي للحكومة وتتنكر لها في نفس الوقت، أحزاب تملك قلوبا مع الحكومة، لكنها تشحذ في الآن نفسه السيوف ضدها...

 

مشهد حكومي سوريالي، يفوق كل الأشكال والتعابير الفنتازية المفتوحة على أقصى درجات الخيال الجامح... فالحكومة التي تفشل حتى في تأمين مداولاتها، هي حكومة لم تعد جديرة بالثقة ولا بالأهلية لإدارة شؤون البلد الذي يجتاز ظروفا استثنائية لامجال فيها للبهلوانيات وألعاب السيرك والحسابات الخاوية الوفاض...

 

كما أنه من صميم المسؤولية السياسية والأخلاقية، الخروج بمواقف واضحة لا مواربة فيها، مواقف مشهودة دوما، تنتصر لتاريخ حزب القوات الشعبية وهويته التقدمية ومرجعيته الحداثية، ونضالاته المريرة من أجل الحقوق والحريات في شموليتها الكونية، لبناء مغرب حر، ديمقراطي، عادل ومتضامن... يقطع مع الخلط المُتَعَمَّد للأوراق، والرقص البهلواني على الحبال، والتلون الحربائي، والدجل السياسي، والتباكي الكاذب على حقوق الإنسان... وغير ذلك من الأساليب الدنيئة التي يتقنها تجار الدين وسدنة الظلام الذين وضعتهم جدلية التاريخ وسياقاته الحادة، بجانب أَحْلاَفِهِم الموضوعيين من أحزاب مزيفة، فاقدة للهوية، تحمل في تلابيبها كل عوامل تآكلها المنذور للتاريخ الشاهد على جريرة الولادة والنشأة.

 

- سفيان مديلي، فاعل ساسي وجمعوي