الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحق غريب: ألا يُشكل الدكتور محمد الفايد تهديدا وخطرا على سلامة الناس؟

عبد الحق غريب: ألا يُشكل الدكتور محمد الفايد تهديدا وخطرا على سلامة الناس؟ عبد الحق غريب

في سياق الجدل الذي يدور هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من يدافع عن محمد الفايد وعن كفاءته العلمية وسيرته الذاتية، ومن ينتقده إلى حد الاستهزاء مما يقول.. وسأحاول بإيجاز أن أعرض بعض المعطيات التي ربما يجهلها الكثير وبعض الحقائق التي تبيّن بشكل جليّ أن الرجل بعيد كل البعد عن البحث العلمي الرصين ويشكل خطرا وتهديدا على صحة وسلامة الناس!!.

 

يجب التذكير بالمعطيات التالية:

أولا- إن القيمة والمكانة العلمية لكل باحث تُحدَّد بعدد منشورات أبحاثه والمجلة العلمية التي ينشر فيها، والمؤتمرات العلمية الدولية التي يشارك فيها ويقدم نتائج أبحاثه؛

ثانيا- المجلات العلمية ذات السمعة والمصداقية عالمياً هي المجلات العلمية المحكمة بمراجعة الأقران (Revues scientifiques à comité de lecture)، وهي مجلات تسمح بالنشر بعد أن تقوم بتحكيم هذه الأبحاث من قبل عدد من المتخصصين في نفس المجال، والمجالات ذات عامل التأثير عالٍ (Facteur d’impact)؛

ثالثا- تعتبر مجلةNature  ومجلة Sciences من أرقى المجلات العلمية العالمية، حيث يتعدى عامل التأثير 40 ألف، وهي مجلات لا ينشر فيه إلاّ كبار الباحثين.. وهناك مجموعة أخرى من المجلات العلمية المحكمة في مختلف التخصصات تأتي بعد المجلتين السالفة الذكر، بعامل التأثير مرتفع، يَنشُر فيها أغلبية الباحثين المرموقين عالميا (...Journal of biology)؛

رابعا- الأبحاث والمقالات التي يتم نشرها في المجلات العلمية، تحمل دائما أسماء الباحثين المساهمين والمشاركين في البحث، ويكون العدد إما اثنين أو أكثر، ونادرا ما يكون اسم باحث واحد؛

خامسا- ترتيب أسماء الباحثين المساهمين والمشاركين في أي مقال يُنشر في هذه المجلات العلمية له دلالة: الاسم الأول (First author) هو من يرجع إليه الفضل في نتائج البحث أو في جزء كبير منه (العمل في المختبر..)، وباقي الأسماء كل واحد يساهم بشكل أو بآخر..

 

وهكذا؛ بما أن موضوعنا هو الدكتور محمد الفايد، الحاصل على دكتوراه بجامعة    Clermont-Ferrand  بفرنسا وعلى عدة شواهد عليا، واشتغل أستاذا باحثا بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، يتكلم بصفته دكتورا باحثا متخصصا في علم التغذية ويقدم نصائح إلى عموم الناس، فإننا نطرح الأسئلة التالية:

- لماذا لا ينشر ما ينصح به الناس في المجلات المحكمة السالفة الذكر، وينشر أبحاثه العلمية فقط في مجلات إما متواضعة وإما غير معروفة، بعامل تأثير (Facteur d’impact) ضعيف جدّاً؟

- لماذا في مساره العلمي والأكاديمي الطويل نشر مقالات علمية تعد على رؤوس الأصابع  بصفته First author ؟

- لماذا جميع مقالاته المنشورة، أو أغلبها، لا علاقة لها بتخصصه؟.. ولماذا لم يسبق له أن نشر مقالا في المجلات المحكمة المتخصصة في التغذية (Annual review of nutrition, American journal of clinical nutrition…)

- إذا كانت المؤتمرات الدولية والندوات العلمية مناسبة يلتقي فيها الباحثون لتقديم جديد أبحاثهم ومناقشتها أمام ذوي الاختصاص، لماذا يكتفي بالكلام مع الناس البسطاء عبر اليوتوب، ويخاطب أناس أغلبهم عاديين داخل المساجد؟

- لماذا لم ينشر ولو مقالا علميا واحدا يحمل اسمه بمفرده في مجلة محكمة حول مثلا فوائد بخار الأوكاليبتوس أو شرب بول الإبل أو عصير براز الإبل وما إلى ذلك؟... وعندما نشر مقالا علميا باسمه وحده لم تقبله أي مجلة علمية بما فيها المجلات الضعيفة، ونشره فقط في موقع إلكتروني؟...

 

خلاصة القول، عندما يتوجه الفايد، بصفته دكتورا باحثا متخصصا في علم التغذية إلى عموم الناس: ويوصيهم جازما بأن جميع المرضى وبدون استثناء (مرضى السكري والقلب والضغط والسرطان..)، عليهم صيام رمضان ولا خوف على صحتهم وسلامتهم، دون أن يستند إلى دراسات ميدانية وأبحاث علمية، وضدا على ما يوصي به كل أطباء العالم... فهنا يمكن القول أن الرجل يشكل خطرا و تهديدا على أرواح وسلامة الناس ويدفع الأبرياء إلى التهلكة؛!؟

 

وعندما يجزم  أن شرب بول الإبل كشرب العصير، لا لشيء إلاّ  لأنه لا يتوفر على حمض اليوريك (Acide urique)، ولأن الله يقول في كتابه الكريم: "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت"،  فهو ينسى أو يتناسى  أن البول سائل تنتجه الكلى أثناء عملية تصفية الدم وبالتالي  فهو من السموم والفضلات تطردها الكلى  من الجسم ؛ويمكن أن يحمل ميكروبات مضرة بالإنسان قد تؤدي إلى أمراض خطيرة، بالإضافة إلى التحذير الذي أصدرته المنظمة العالمية للصحة (OMS) في 6 يونيو 2015، توصي من خلاله العرب بتجنب شرب بول الإبل.!؟.. وهذا كله يمكن اعتباره أن الرجل لا علاقة له بالعلم ولا بالبحث العلمي.

 

وأكثر من ذلك  فالدكتور فايد عندما يقسم بالله العظيم أن كل من يتناول عشبة لن يصيبه أبدا مرض السرطان، بينما هذا المرض لا تزال المختبرات العالمية وكبار العلماء والباحثين منكبين منذ عقود على البحث في إيجاد علاج للمرض دون جدوى… وهنا يثبت مرة أخرى أن الرجل ما هو دكتور متخصص في علم التغذية ما ستّة حمّص؟!؛ وخاصة عندما يقول أن التقدم التكنولوجي الذي وصل إليه العالم هو لا شيء بالنسبة إليه، والرجل ينعم في حياته بفضل التقدم التكنولوجي (يتنقل عبر الطائرة والسيارة وليس فوق الجمال، ويستعمل الأنترنت، والهواتف الذكية، الكمبيوتر...)... هنا يعني أن الرجل مصاب بانفصام الشخصية.

 

ولعل الغريب في أمر الفايد هو عندما يؤكد أن فيروس كورونا سيختفي مع شهر رمضان، وهو الفيروس الذي أرعب العالم وقلب الدنيا رأسا على عقب وفرض الحجر الصحي على ملايير من البشر وعجز العلماء والباحثين عن إيجاد لقاح ضده، ويحصد الألاف من الأرواح يوميا... وهو ما يوضح بشكل جلي أن المشكل ليس في الرجل، بل في أتباعه ومريديه، وفي صمت الدولة والهيئات الطبية والحقوقية تجاه حركاته؟!!!

 

- عبد الحق غريب، أستاذ جامعي.