الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

العلمي الحروني:  تقارب الاستقلال والبيجيدي أو السيناريو الممكن لدعم تحالف الاستبداد والفساد

العلمي الحروني:  تقارب الاستقلال والبيجيدي أو السيناريو الممكن لدعم تحالف الاستبداد والفساد العلمي الحروني

يمكن القول إن كلا من حزب الاستقلال والعدالة والتنمية يجسدان إلى درجة كبيرة الجانب التقليدي بالمجتمع المغربي. فكلاهما متشبث بإمارة المؤمنين، باعتبارها في نظرهما مؤسسة ضامنة للوحدة، وبالفكر المحافظ الذي يرى أن التغيير لا يمكن أن يأتي إلا جرعة وفي إطار "الاستمرارية" لكي لا يتغير أي شيء.

 

فإذا كان حزب الاستقلال الذي يرفع شعار "الوسطية والتعادلية" يستمد وجوده من الفكر السلفي الذي رسمه له الراحل علال الفاسي، فحزب العدالة والتنمية يستمد كينونته من مزيج من الفكر الإخواني والوهابي التلفيقي.

 

من جهة أخرى، فقراءة سريعة لأدبيات وبرامج الحزبين (بما فيه برنامجيهما الانتخابي) تفيد عموما وجود قاسم مشترك كبير بينهما على المستويات الفكرية والايديولوجية والسياسية والاقتصادية.

 

وعليه، فإن تحالف الحزبين ليس فقط منطقيا بل مطلوبا؛ وأكثر من ذلك، فإن إمكانية اندماجهما متاحة إذا تم نكران الذوات الفردية والجماعية لكليهما.

 

غير أن الملاحظ أن تقارب الحزبين في الفترة الأخيرة من خلال لقاءات قيادتيهما والتسريبات والصريحات الإعلامية المتاحة للمتتبع، تفيد أن الأمر لا يعدو كونه لقاء لتذويب "الخلافات العنيفة المصطنعة/ الموجهة عن بعد خلال فترة شباط وبنكيران" لفتح المجال لتنسيق انتخابوي موسمي يعكس "انتهازية" الطرفين، وسيكون ذلك، في الأخير، من المصلحة الضيقة لبعض القيادات وفي مصلحتهما كأحزاب وفي مصلحة النظام المخزني فوق هذا وذاك.

 

كما أن ذلك التحالف، في نظري، أتى لتعويض توجه رسمي مخزني ردعته حركة 20 فبراير المجيدة سنة 2011، وعاد، من جديد، من النافذة قبيل انتخابات 2015 وأفشله الحراك الشعبي للريف، خصوصا (البام والأحرار وتوابعهما). لذلك، وأمام ضعف القوى اليسارية، يبقى سيناريو "تحالف الاستقلال والبيجيدي" هو الوحيد الممكن كصمام أمان في مواجهة تنامي قوة الاحتجاجات الاجتماعية التي تعكس الظلم والخلل الاجتماعيين ولضمان استمرار تحالف الاستبداد والفساد. ومن المتوقع أن تحالف الطرفين سيفضي، بعد انتخابات 2021، الى تشكيل حكومة يقودها حزب الاستقلال ويشارك فيها البيجيدي الذي لن يسمح له بقيادتها أكثر من ولايتين.

 

أما ما يتعلق بعمق الأمور، فأعتقد أن المصلحة العامة للشعب المغربي وفئاته الواسعة ومطالبه المشروعة المتمثلة في الحرية والانعتاق وفي العدالة الاجتماعية والمجالية، فهي غير مدرجة في جدول أعمال تحالف الاستقلال والبيجيدي، بدليل عدم مساندتهما لحركة العشرين من فبراير المجيدة وحراك الشعب المغربي وعلى رأسه الحراك الشعبي للريف الذي نعثه كلا الطرفين أمام الملأ بالانفصال والعمالة للخارج دون دليل.

 

مقابل ذلك التحالف الظرفي، أعتقد أن القوى التي عليها التكتل هي القطب الديمقراطي المؤمن بالفكر التنويري وبقيم حقوق الإنسان الكونية وهو القطب الذي له المصلحة في التقدم والتغيير الديمقراطي المتمثل في الهيآت والتيارات اليسارية الديمقراطية وكل الفعاليات والديناميات والحركات السياسية والاجتماعية.

 

- العلمي الحروني، قيادي من الحزب الاشتراكي الموحد