الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى العراقي: نمط الاقتراع أم إفساد الاقتراع؟؟

مصطفى العراقي: نمط الاقتراع أم إفساد الاقتراع؟؟ مصطفى العراقي

وضع ملف "نمط الاقتراع" على طاولة اجتماعات الأحزاب والحكومة. وهو موضوع من مواضيع عدة تتعلق بالمنظومة الانتخابية التي تضم كذلك التقطيع الانتخابي واللوائح الانتخابية والعتبة... وتعد المطالب التي قدمتها بعض الهيآت السياسية، ومنها تلك التي شكلت من قبل "الكتلة الديمقراطية" تعبيرا على تظلمها من نمط تعتقد أنه أضعفها وقلص من عدد مقاعدها في مجلس النواب. ورأت أنه خدم حزبا واحدا هو العدالة والتنمية الذي تصدر النتائج في استحقاقي 2011 و2016 بأرقام قياسية..

 

لكن، هل نمط الاقتراع باللائحة، والذي تم اعتماده منذ 2002، هو الذي أنهك هذه الأحزاب وساهم في تراجعها؟؟ أم أن هناك عوامل أخرى أكثر تأثيرا من النمط هي التي تفرز النتائج وترسم الخريطة؟؟ لقد عرف انتخاب مجلس النواب على العموم ومنذ استحقاق 1963 إلى اليوم نمطين تم اعتماد الأول، وهو الاقتراع الأحادي الاسمي في دورة واحدة وأطر ستة انتخابات آخرها سنة 1997، والثاني جرت في ظله الانتخابات الأربعة الأخيرة.

 

في رأيي هناك ثلاثة عوامل لهما الدور الحاسم في صياغة المشهد الانتخابي والتحكم فيه :

- أول هذه العوامل، الفساد الذي يطبع العملية الانتخابية بدأ بوضع اللوائح وانتهاء بإعلان النتائج. محطات كثيرة يستهدفها هذا الفساد بأوجهه المتعددة. هناك ما تعتمده السلطات من خلال إغراق اللوائح الانتخابية بأسماء وهمية أو منع التسجيل فيها.. هناك التقطيع الانتخابي الذي يصنع دوائر على مقاس مرشحين.. ردم الصناديق يوم الاقتراع بلون معين.. منع المراقبين ممثلي أحزاب معينة.. التزوير في محاضر الفرز... كل هذا وغيره عرفت جل الانتخابات...

- ثاني هذه العوامل، استعمال المال وشراء الذمم من طرف مرشحين، والذين أصبح جزء منهم يتوفر على شبكة متخصصة ذات خبرة في هذا الفساد ابتداء من جمع البطائق الانتخابية إلى حشد الناس يوم الاقتراع... وقد ساهم صمت السلطات في محاربة هذه الظاهرة وملاحقة أصحابها من مرشحين وممارسين لها في تجذرها بدوائر عديدة. بل أصبحت هذه الشبكات تقدم خدماتها لكل من يدفع أكثر.. وهناك استعمال الخطاب الديني في العملية الانتخابية وبناء شبكات تستغل العمل الخيري لأغراض سياسية ...

- ثالث العوامل، ومن أبرز ضحاياه أحزاب تقهقرت وتراجعت نتائجها بشكل مثير هو الصراعات الذاتية ذات العمق المصالحي، والتي أثرت بشكل كبير على حجم العضوية والالتزام والتعبئة. ورسمت هذه الصراعات صورة سلبية قاسية لدى الناخبين عن هذه الأحزاب، خاصة أن من بينها من تحمل إدارة الشأن العام  وتبين أن هناك فرق شاسع بين خطابه وممارساته...

 

هذه هي أبرز العوامل التي تحكمت في نتائج الانتخابات، وبعض هذه العوامل سيؤطر دون شك استحقاق 2021. ولها تأثير مباشر على نسبة المشاركة التي تراجعت في الاستحقاقات الأخيرة.. لذلك لا نزاهة للانتخابات دون تخليق مسارها وحمايتها من الفساد بكل أوجهه. وأما تلك الأحزاب التي... فأمامها خياران: إما إعادة بنائها الفكري والتنظيمي واعتماد الديمقراطية الداخلية في حسم خلافاتها، أو... الاندثار.