الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

د. تدمري عبد الوهاب: معارك أدلب وبداية نهاية مشروع الشرق الأوسط الجديد

د. تدمري عبد الوهاب: معارك أدلب وبداية نهاية مشروع الشرق الأوسط الجديد د. تدمري عبد الوهاب

في إطار التتبع الموضوعي لمستجدات الوضع السوري، خاصة في منطقة ادلب وأريافها، وما تشهده هذه المنطقة من تكثيف للصراع في بعديه العسكري والسياسي بين مختلف القوى المتدخلة في الشأن السوري؛ كان لا بد من الوقوف عند مختلف هذه التدخلات لفهم طبيعة الصراع القائم في محافظة ادلب وما تختزله هذه الأخيرة من رهانات تفيض في أبعادها على ضيق جغرافيا المنطقة لتطال :

- من جهة أجندات تلامس التمفصلات الدقيقة لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي ترعاه أمريكا وإسراىيل وتركيا بتمويل من امارات وممالك الخليج، والذي تتشكل عناوينه الرئيسية من صفقة القرن وتجزئة سوريا والعراق ومحاصرة إيران .

- من جهة أخرى تطال الإعلان الواضح عن الإرادة الجماعية لشعوب المنطقة من خلال محور مقاوم والذي برز بشكل مضطرد في العقد الأخير، ويعمل جاهدا على مواجهة هذا المشروع التقسيمي، والذي تعد ادلب احدى الحلقات المفصلية لكسر عظم هذا المشروع مستفيدا من التحولات التي بدأ يشهدها العالم في السنوات الأخيرة تجاه تشكل عالم متعدد الأقطاب، بما أتاحه هذا الوضع من إمكانيات للكثير من دول العالم، ومن ضمنها محور المقاومة للتموضع من جديد في أحلاف عالمية جديدة مناهضة في طبيعتها للهيمنة الامريكية والاوروبية. وهو الوضع الذي لم يكن متوفرا لعقود خلت، خاصة بعد انهيار جدار برلين وانفراد امريكا بالعالم.

كما أن هذه التدخلات اضحت مع امتداد عمر الأزمة علانية وأكثر وضوحا، بعد أن عجز الوكلاء عن إنجاز مهامهم وانهزموا في أكثر من محطة أمام إرادة محور المقاومة، الشيء الذي أجبر الأصيل على الدخول مباشرة على خط المواجهة، وهو ما رفع من إيقاع المعارك والتصريحات ودفع بقوى المواجهة والممانعة وحليفتهما روسيا الى الإعلان عن نواياها الصريحة لمواجهة العدوان الأمريكي التركي الإسرائيلي المباشر على سوريا، وذلك من خلال ما لمسناه في بيان غرفة العمليات المشتركة للمقاومة الذي ظهرت فيه إيران لأول مرة كقوة قائدة لهذا المحور إلى جانب سوريا، ومن خلال ما لمسناه كذلك من مواقف عملية للحليف الروسي الذي يعمل جاهدا على تعزيز علاقاته الاستراتيجية بدول المنطقة معتمدا في ذلك على ديبلوماسيته الهادئة وعلى ما ابان عليه من مصداقية في علاقاته الدولية .

وبما أننا بصدد الحديث عن التدخلات الخارجية فوق التراب السوري عامة ومحافظة إدلب خاصة، فلابد كذلك من توضيح ما يدعيه محور التقسيم الذي يساوي تواجده فوق التراب السوري بتواجد محور قوى المقاومة وحلفائها، وبالتالي لابد من التمييز بين تلك المنضبطة للشرعية الدولية، والتي يأتي تواجدها على الاراضي السورية بما لا يتعارض والقانون الدولي الذي يحمي سيادة الدول ووحدة أراضيها. وهو القانون الذي يتيح للدول والحكومات عقد اتفاقات عدم اعتداء، وشراكات اقتصادية ومعاهدات للدفاع المشترك، بما يحفظ المصالح المتبادلة فيما ببنها، وذلك مع من تراه حليفا وصديقا، سواء كانت دولا اقليمية أو عالمية. وهو ما يجعل من تواجد هذه الدول في الحالة السورية تواجدا شرعيا، كونه يأتي استجابة لنداء هذه الاخيرة، كدولة ذات سيادة، كاملة العضوية في الهيئات والمحافل الدولية، بغية تفعيل هذه الاتفاقيات في شقيها الاقتصادي والسياسي وحتى العسكري. والتمييز كذلك بين قوى يعد وجودها عنوة على الاراضي السورية خروجا عن الشرعية الدولية وميثاق الامم المتحدة، وهو ما يحول هذا التواجد الى احتلال وغصب للقانون الدولي، حتى وإن تحججت كل من تركيا وامريكا بدعم وحماية المعارضة المسلحة المعتدلة والمدنيين وآبار النفط من إرهاب داعش في توليفة غريبة لا يمكن فهمها إلا من داخل المعادلة التي تجعل من الحرب والدمار والمآسي الإنسانية للمهجرين ورقة للمساومة في أسوق بورصة الاقتصاد والسياسة. وذلك نظرا لخلو القانون الدولي من المواد التي تبيح احتلال أجزاء من دول ذات سيادة من أجل حماية المعارضات المسلحة، اللهم إذا كانت هذه المعارضات تمثل أقليات دينية أو عرقية مضطهدة تستجيب لتعريف القانون الدولي لحقوق الانسان الذي يجعل من مبدأ سيادة الدول أمرا سبيا، وهو ما لا ينطبق على المعارضة المسلحة السورية التي تم تصنيف أغلب فصائلها دوليا في خانة الإرهاب الدولي الذي يتفق العالم على محاربته. والمدنيون المتواجدون ضمن مناطق سيطرة هذه الجماعات المسلحة الارهابية هم في غالبيتهم من عوائل هذه الجماعات المتعددة الجنسيات التي تم تجميعها في محافظة ادلب، ضمن اتفاقات مؤقتة، بعد أن حاصرها الجيش السوري في المناطق التي كانت تسيطر عليها على امتداد الجغرافية السورية في وقت سابق، قبل أن تعود هذه المناطق الى حضن الدولة السورية. هذا بالإضافة الى الآلاف من الارهابيين الذين ادخلتهم تركيا الى المحافظة، عبر الحدود المشتركة التي اخلاها الجيش السوري مع بداية الازمة. وبالتالي بمجرد استحضار أعداد الإرهابيين المتواجدين بهذه المنطقة الذين تقدر أعدادهم الهيئات الدولية بين أربعين ألف وسبعون الف من مختلف الجنسيات والأعراق يمكن تصور حجم أعدادهم إن أضفنا عائلاتهم. والاكثر من ذلك حجم تداعيات خروجهم وعوائلهم في اتجاه بلدانهم الأصلية بما فيهم تركيا. وهو الامر الذي ترفضه هذه الدول وتعمل جاهدة بدل ذلك على ضمان استقرارهم في محافظة ادلب تحت عناوين مختلفة، ورغم رغم ما تعلن عنه من مواقف تؤكد على وحدة وسلامة الأراضي السورية وذلك لفرض سياسة امر الواقع، وتحويل وجودهم المؤقت تحت ذريعة الملف الانساني الى وضع دائم لإمارة متطرفة حاضنة للإرهاب الدولي وبؤرة توتر دائمة داخل الدولة السورية وفي نفس الآن خزانا لاستيلاد المليشيات الإرهابية التي يمكن توظيفها عند الضرورة في مناطق اخرى من العالم. وهو من جملة الاسباب التي حذت بالنظام التركي الى عدم الالتزام باتفاقات استانا والتهرب من تطبيق بنودها القاضية بإخراج الجماعات المسلحة المصنفة إرهابية من طرف الأمم المتحدة من محافظة ادلب، مع الحفاظ على منطقة منزوعة السلاح تؤمن عودة المدنيين و التنقل الامن نحو مختلف المحافظات السورية في انتظار الحل السياسي النهائي الذي يضمن وحدة وسلامة الاراضي السورية .

إذن فإن ما تعلل به تركيا احتلالها لدولة جارة ذات سيادة على كونها حريصة على حماية حياة المدنيين في ادلب من النظام السوري، وذلك إعمالا حسب زعمها لمقتضيات القانون الدولي الانساني المتمثل في ما تم إقراره من قوانين في مجال حماية حقوق الانسان بشكل عام، وحقوق الاقليات بشكل خاص، بعد نهاية الحرب الباردة في كل من مؤتمري باريز وبرلين للأمن والتعاون الأوروبيين 1990 و1991 والذي تم الاعمال بمقتضياتهما من طرف الامم المتحدة في صياغة كل من القرار الصادر ضد العراق في سنة 1991، ويوغسلافيا سنة 1992، لا يعدو أن يكون غطاء لأجندات سياسية تتأطر ضمن مشروع خارطة الشرق الاوسط الجديد. وما تدخلها العنيف في غرب الفرات بما تطلبه ذلك من قتل وتهجير جماعي لأكراد سوريا بدواعي حماية حدودها وأمنها القومي، وذلك في تماهي تام مع ما ترتكبه قوات الاحتلال الامريكية من فظاعات في حق ساكنة شرق الفرات بذريعة حماية آبار النفط والاكراد السوريين في خطة واضحة لإعادة تقسيم مناطق النفوذ، وما اعتراف هذه الاخيرة بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، إلا تأكيد على النوايا الحقيقية لهذا الاحتلال المتعدد الاطراف .

وإن كل ما يساق من مبررات انسانية لا يعدو أن يكون غطاء لأجندات خاصة، تتأطر ضمن مشروع خارطة الشرق الاوسط الجديد القاضي بتجزئة سوريا وباقي دول الشرق الأوسط. كل هذا يعكس مدى الانفصام الذي تتسم به السياسة الخارجية للسيد رجب اردوغان، ويبين حقيقة موقفه من المدنيين واللاجئين الذين يشكلون بالنسبة له ورقة للابتزاز والاتجار السياسي كما بينته الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها، والقاضية بفتح الحدود في اتجاه أوروبا أمام اللاجئين السوريين المتواجدين فوق الأراضي التركية منذ بداية الازمة، حين بنت لهم المخيمات وشجعتهم على النزوح اليها بعشرات الالاف، اعتقادا منها أنها بهذه الخطوة ستزيد من تأزيم الدولة السورية. وهو الاجراء الذي تحاول من خلاله إثارة المجتمع الدولي من جديد، بعد أن تراجعت الكثير من الدول الممولة للإرهاب في سوريا، والضغط على الدول الأوروبية التي عبرت عن عدم دعمها العسكري للخطوة التركية في محافظة ادلب؛ وذلك بما يمكن أن يحمله إجراء فتح الحدود من خطر تسلل الآلاف من الإرهابيين بين اللاجئين المدنيين.

إن هذا التوظيف البغيض للملف الإنساني من طرف النظام التركي، بعد أن غرقت قواته في المستنقع السوري وتراجع دعم حلفائه الامريكيين والاوروبيين والخليجيين الذين لم يجاروه في هذه المغامرة لاعتبارات مختلفة ، تؤكد ان النظام التركي قد تجاوز كل الحدود الاخلافية في التعاطي مع هذه المأساة الإنسانية وأنه فعلا حول المدنيين الى رهائن بعد أن منعهم من العودة إلى قراهم ومدنهم المحررة من الارهاب. والإبقاء عليهم بدل ذلك كورقة ضغط على حلفائه الاوروبيين الذين لم يجاروه في مغامراته التوسعية. بل إن موقفهم من خلال بيان بركسيل ليوم 4 مارس 2020 كان واضحا في رفضه لما ينتهجه النظام التركي من سياسات ابتزازية فيما يخص مسألة اللاجئين.

أمام هذه التحولات التي أصبحت تشهدها الأزمة السورية والتي أضحت من خلالها محافظة ادلب مجالا مكثفا للصراع المباشر بين مختلف المتدخلين، وذلك بعد ان توارى البعض منهم الى الوراء، وأخص بالذكر المملكة العربية السعودية والامارات، وذلك ليس حبا في الشعب السوري ولا لتصحيح غلط في تقديراتهما السياسية الخاطئة، ولا تكفيرا عن ما تسببتا به من دمار للشعب السوري. لكن فقط لكون هذه الحرب المدمرة التي خاضوها في البداية مجتمعين على سوريا أفرزت في نتائجها محاور جديدة في الشرق الاوسط.

محور يتشكل من قوى المقاومة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية تقوده ايران بتحالف وثيق مع روسيا والصين، ومحور سني إخواتي تركي قطري، برزت فيه تركيا كقوة اقليمية تنازع المملكة العربية السعودية على قيادته، وهو ما استشعرته هذه الاخيرة خاصة بعد ان تراكمت اخطائها وتورطت قياداتها في انتهاكات جسيمة لحقوق الأنسان، مما أثر على مكانتها الاعتبارية في العالم الاسلامي وفي المحافل الدولية، وهو ما استغلته تركيا العثمانية بشكل جيد من أجل الظهور بمظهر الدولة السنية القوية المؤهلة لقيادة العالم الاسلامي السني بديلا عن السعودية التي اكتفت بقيادة محور التطبيع مع الكيان الصهيوني.

 

يمكن الفول إذن أن هذه المحافظة، ورغم صغر رقعتها الجغرافية، الا أنها اضحت تكثف صراعا دوليا عنيفا امتد لعقد من الزمن. وبما أن الازمة بدأت تلوح بخواتمها، فإنها أصبحت كذلك مجالا كاشفا لحقيقة الصراع الذي توارى من خلاله الوكيل، بعد ان عجز على مواجهة تقدم الجيش السوري وحلفائه رغم كل الدعم العسكري والمالي واللوجستيكي الذي قدمه ويقدمه له الاصيل المتمثل في العثمانية الجديدة المدعومة أمريكيا رغم بعض التشنجات السياسية الظاهرية في علاقاتهما، والتي وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري وحلفائه من الروس ومحور المقاومة، بما يمكن ان يترتب عن ذلك من كلفة باهظة غير مبررة بالنسبة للشعب التركي الذي ينتقد هذه التدخلات العسكرية الخارجية لحكومة اردوغان. وهو ما دفع هذا النظام الى المزيد من التخبط بادعاءاته المتناقضة لتبرير تدخلاته خارج حدود بلاده، حين يعلل تدخله في ليبيا بالدفاع على شرعية حكومة طرابلس المعترف بها امميا، ويتنكر في نفس الآن لهذه الشرعية في سوريا كدولة كاملة العضوية في الامم المتحدة ويعمل على استباحة سيادتها ووحدة اراضيها. وهو بذلك كمن يكيل القانون الدولي بمكيالين ، ويفضح بشكل ملموس نزعته التوسعية في استعادة امجاد امبراطورية مفقودة ،ضمن شروط دولية شهدت الكثير من التحولات على مستوى موازين القوى، والتي لم تعد تسمح بهكذا مغامرات.

إن التحولات التي تشهدها الازمة السورية اذن تؤشر كلها على اقتراب الحل النهائي لصالح وحدة أراضي الدولة السورية. وهي التحولات التي طالت مستويات متعددة ابتداء من انفراط عقد التحالف الدولي المساند للمليشيات الارهابية المسلحة التي فقدت سيطرتها على الارض، ولمعارضات الخارج التي تأكلت بدورها نتيجة تورط الكثير من قياداتها في الفساد المالي ونتيجة ولاءاتها المتعددة التي أفقدتها استقلالية قراراتها. ومرورا بما يشهده الميدان من تقدم للجيش السوري في تحرير اراضيه من المليشيات الارهابية، مما جعله يحاصر محافظة ادلب، ليقف على مقربة من الحدود التركية السورية، وانتهاء بما يشهده العالم من تحولات في موازين القوى الدولية، التي تؤشر على بداية عالم متعدد الاقطاب، وهو ما لم يكن موجودا عند بداية الازمة السورية.

كل هذه المؤشرات الدالة تؤكد على عودة الامن والاستقرار لسوريا في الاجل المنظور، خاصة بعد التطورات السريعة الميدانية التي بدأت تشهدها الازمة السورية في اتجاه الحل لصالح الشرعية الدولية والقانون الدولي الذي ينص على حق الدول في حماية حدودها ووحدة أراضيها بما ينسجم والقوانين الدستورية للدول والحكومات التي تنص عليها دائما في ديباجاتها، أو في موادها الاولى وعلى ضرورة التزام الحكومات ورؤساء الدول على الوفاء بها، من خلال أداء القسم الملزم لأي مسؤولية من هذا القبيل.

وإن ما يجري في ريف ادلب من معارك عسكرية مباشرة بين الجيش التركي والجيش السوري وحلفائه في محور المقاومة، يحيلنا الى القول بصراحة أن مسارات جنيف قد تكسرت على صخرة صمود الشعب السوري والدولة السورية، وعلى ما أفرزه العالم من تعددية قطبية حالت دون تفعيل الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. وإن ما تشهده محافظة ادلب حاليا من مواجهة مباشرة بين الجيش التركي كقوة احتلال والجيش السوري مدعوما بحلفائه دفاعا عن وحدة اراضيه، يؤشر كذلك على نهاية مسارات استانا التي يبدو أنها قد استنفذت مهامها بالشكل الذي يسحب آخر ورقة تتعلل بها العثمانية الجديدة التي عليها واجب احترام القانون الدولي والانسحاب الى حدودها الدولية، وفتح مسارات جديدة للحوار مع الدولة السورية لإيجاد حلول سياسية للازمة السورية، والبحث في اليات ضبط الحدود المشتركة بما يخدم امن ومصلحة البلدين الجارين. لأن أي تصعيد للعمليات العسكرية من طرف النظام التركي، ستنعكس سلبا عاجلا ام اجلا على الدولة التركية التي اصبحت تعيش عزلة دولية نتيجة اخطائها الاستراتيجية في تدبير سياساتها الخارجية، التي حاولت دائما من خلالها اللعب بين ثنايا التناقضات التي تبصم العلاقة بين روسيا من جهة، وامريكا واوروبا من جهة اخرى. وكذا انعكاس تكلفة هذا التدخل العسكري المباشر على الوضع الداخل التركي الذي يعرف احتقانا سياسا واجتماعيا غير مسبوق، قد يعصف بحزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات المقبلة.

 

خلاصة القول إن كل المسارات السابقة قد انتهت، وأي مبادرة سياسية للحل ستكون جديدة في أشكالها ومضامينها وستكون الدولة السورية طرفا مباشرا وسياديا فيها آجلا أم عاجلا. وإن لقاء القمة بين اردوغان وبوتين قد عمل على تكريس الواقع الجديد على الأرض. وأقر التزام تركيا بوحدة وسلامة الاراضي السورية وعليها واجب استكمال باقي بنود الاتفاق السابق القاضي بإخراج المليشيات الإرهابية من محافظة ادلب مع التنصيص على حق سوريا في محاربة الارهاب.. وهو الاتفاق الذي حتى وإن بدا حافظا لماء وجه اردوغان مؤقتا، إلا انه يتناغم مع ما رسمته سوريا وحلفائها، من استراتيجية تروم التحرير الشامل للأراضي السورية. والتخوف التركي والامريكي من معارك تحرير محافظة أدلب مرتبط بتخوفهما مما بعد ادلب، ومن القادم في غرب الفرات وشرقه، وهو نفس التخوف الذي يدفع بإسرائيل الى تنسيف الهجمات العسكرية معهما على الأراضي السورية، انطلاقا من قناعتها بأن استراتيجية التحرير الشامل، ستشمل لاحقا كذلك الجولان السوري المحتل .

وإن ما يقع الآن من مناورات سياسية واعتداءات سافرة على سوريا من طرف تركيا وإسرائيل وامريكا، تروم مؤقتا إلى تعطيل هذه الاستراتيجية التي رسمها محور المقاومة.