الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد المرابط : مطالب الجبهة الريفية في قعر مرآة حراك الريف.. فهل من مذكر؟

محمد المرابط : مطالب الجبهة الريفية في قعر مرآة حراك الريف.. فهل من مذكر؟ محمد المرابط

في تأرجح الدولة ببن المقاربة الأمنية والسياسية، يأتي في 24/11/1958 وهو نفس تاريخ ظهير اعتبار "آقليم الحسيمة منطقة عسكرية"- تشكيل المغفور له محمد الخامس، لجنة تقصي الحقائق بالريف برئاسة مدير ديوانه عبد الرحمان أنكاي(الطنجاوي الريفي،الذي توفي في حادثة سير قرب تمارة في 30/1/1959).وقد احتفظ المؤرخ محمد داود(التطواني)،مقرر هذه اللجنة، بوثائق عملها.حيث زارت هذه اللجنة أيام:26،27،28،29،30/11/1958 عمالة تازة.في حين زارت أيام:1،2،3،4/12/1958 عمالة الحسيمة.أما عمالة الناظور،فقد زارتها أيام:5،6،7،8/12/1958 .

ومن جملة ما توصلت به اللجنة الملكية ضمن هذه الزيارات،" مطالب الجبهة الريفية التابعة لجيش الحرية والتطهير".فالنسخة الخطية توصلت بها في زيارتها للحسيمة، والراجح أنها لقائد الانتفاضة محمد الحاج سلام أمزيان. والنسخة المرقونة على الآلة الكاتبة، توصلت بأصلها في زيارتها لتازة،وبنسختها عن الأصل في زيارتها للناظور.

وسأعمل هنا على "تخريج" هذه المطالب ،بمقارنة النسخة الخطية بالمرقونة،علما أن دافيد مونتكومري هارت ، قد نشر في مؤلفه عن"أيت ورياغر" ج2 ،عناوين هذه المطالب"الثمانية عشر".

واعتبر أن محمد الحاج سلام أمزيان، هو من قدمها للملك محمد الخامس في 11/11/1958.وهذا غير دقيق،لأنه تم تقديمها للجنة الملكية،كما أسلفت،وليس مباشرة للملك.

ونحن إذ نضع هذه الوثيقة بين أيدي الباحثين والقراء،من أجل الحقيقة التاريخية أولا،وكذلك سيرا على نهج الاعتدال في ترشيد نزوع الغلو من أي مصدر كان .

فإن هذه المطالب وبصيغتها ومعجمها الدلالي،لا تبرر من جهة، الفظاعات التي تم ارتكابها من طرف القوات العمومية هناك.ولا تبرر من جهة أخرى، الاسقاطات الانفصالية في موضوع "الهوية" الريفية.وما أشبه اليوم بالأمس في موضوع الحراك أيضا.من هنا تتعاظم مسؤولية العقلاء في صف الدولة والمجتمع ،من أجل الحل السياسي لملف الحراك.

وتبقى بعض الإشارات التي تحف بانتفاضة 58-59،وما تلاها من هزات اجتماعية،في ارتباطها بمسحة الأمل التي تسكننا،مبثوثة في مقال سابق في "أنفاس بريس" بعنوان:"الوساطة المدنية في ملف حراك الريف،عنوان االتطور الديمقراطي للمغرب"،وأنا أتطلع بأمل يومئذ إلى خطاب الذكرى العشرين لعيد العرش.ولله الأمر من قبل ومن بعد!

"مطالب الجبهة الريفية التابعة لجيش الحرية والتطهير"

إن الجبهة الريفية التابعة لجيش الحرية والتطهير،تلح في تلبية هذه المطالب كأساس للرجوع بالحياة إلى حالتها العادية.وتتلخص فيما يلي:

- في الميدان السياسي:

1-جلاء الجيوش الأجنبية من تراب المغرب العزيز،بدون قيد ولا شرط.

2-إسقاط الحكومة الحالية نظرا لتدهورها وتعسفها،واستبدالها بحكومة شعبية يتوفر فيها التمثيل الصحيح.

3-حل الأحزاب السياسية، والعمل السريع على إنشاء اتحاد وطني قومي.

4-سعيا وراء التقارب والتفاهم بين الحاكمين والمحكومين،وانقطاع الصلة بين الفريقين،وتفهم العوائد الصالحة والتقاليد المحلية السامية،فإن الجبهة ترى:وجوب تعيين ذوي الصلة الحكومية من العامل فما دون،من نفس هذه الجهات،على أن تتوفر فيهم الأهلية العلمية والخبرة الصالحة.

5-وجوب إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والمختطفين.

6-نظرا لما قدمه المجاهد الأكبر محمد عبد الكريم الخطابي من خدمات جلى نحو هذا الوطن العزيز،فإن الجبهة تلتمس من صاحب الجلالة سيدي محمد الخامس نصره الله،أن يشمله برعايته حتى يعود هو وأفراد أسرته إلى الوطن العزيز.

7-إعطاء الضمانات الكافية لجميع الأفراد المنتمين إلى هذه الجبهة.

8-وجوب تعيين أكفاء نزهاء في الميدان القضائي،وإعادة النظر في بعض المواد المتعلقة بالأنكحة،والعمل على صوغها صياغة تتفق مع الشريعة الإسلامية،وتنقيحها مما يخل بشرف المرأة المسلمة.

9-وحيث إن توظيف الموظفين في سلك القضاء كان بإيعاز من الهيئة السياسية التي كانت هي السبب الوحيد في هذه لاضطرابات وتعميم التذمر إرضاء للشهوات والأغراض الشخصية.وسعيا وراء تطبيق العدالة ووضعا للأمور في نصابها الصحيح،فإن الجبهة ترى:

حل هذا الجهاز الفاسد واستبداله بهيئة صالحة تتوفر فيها الأهلية العلمية والأخلاق الحميدة.

10-محاكمة المجرمين من ذوي الحكومة الحالية عن الجرائم التي ارتكبوها بعد قيام الحركة،وعن الأموال التي ابتزوها من المواطنين.

11-نظرا لكون هذه النواحي الواسعة التي تكونت منها الجبهة،لم تشعر إلى الآن بنعمة الاستقلال،بسبب عدم تمثيلها في المنظمات السياسية والإدارية، ولو بنسبة من النسب،مثل المجلس الاستشاري،المعبر الوحيد عن أماني الشعب،والدوائر الوزارية،الأمر الذي أحدث هوة سحيقة بين هذه الجهات،فإن الجبهة ترى:وجوب تمثيل الريف في المنظمات المذكورة في مراكز ذي أهمية.

-في الميدان الاجتماعي والاقتصادي:

12-نظرا لضعف هذه الجهات وقلة مواردها ،ولما يتخبط فيه أهالي هذه الجهات من الفاقة والاحتياج ،فإن الجبهة ترى: وجوب تطبيق مشروع الخمس سنوات في الميدان الفلاحي بصورة فعالة في هذه الجهات للنهوض باقتصادياتها.

13-وجوب تخفيف الضرائب الحكومية إلى حد أدنى،وإسقاط الضرائب التي فرضت على الأسواق،سعيا في توحيد الأنظمة التي يجري لها العمل في كافة المملكة الشريفة.

14-إيجاد الشغل للعاطلين،وذلك بتطبيق مشاريع تعود بالفائدة على البلاد في هذه النواحي ،من تعبيد الطرق ،وتشجير الأشجار،واستغلال المعادن،وفتح المعامل،وخاصة إصلاح الميناء الموجود بالحسيمة،الذي هو وحيد من نوعه في البحر الأبيض المتوسط.

-في الميدان الثقافي:

15-نظرا لكون جل الطلبات المتقدمة من هذه الجهات إلى المصالح المختصة،في شأن توجيه بعثات علمية إلى الخارج،لا تحظى بأدنى اهتمام،وهذا ما اكتسبته لنا التجربة المتكررة،الأمر الذي أدى إلى حرمان هذه الجهات من التمتع بفائدة الاستقلال،فإن الجبهة ترى:تخصيص نسبة لائقة ليتمتع بها أبناء هذه النواحي.

16-إصلاح المناهج التعليمية بالمملكة الشريفة إصلاحا يكفل تمكن المواطن المغربي من زمام اللغة العربية،التي هي لغة البلاد الرسمية والأساسية.

17-سعيا وراء نشر الثقافة في البادية،فإن الجبهة ترى:وجوب تعميم المدارس لإيواء الأطفال الذين هم في سن التعليم،وإعانة أبناء الفقراء حتي يستطيعوا أن يحرزوا على نصيبهم من التثقيف.

18-وجوب إرجاع القسم الثانوي الإسلامي إلى الحسيمة.