الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

أيها المسؤولون...فرسان التبوريدة لا يمكلون "دجاجا يبيض ذهبا" لرعاية خيولهم !

أيها المسؤولون...فرسان التبوريدة لا يمكلون "دجاجا يبيض ذهبا" لرعاية خيولهم ! الراحل لمقدم الحاج الطاهر والد الخنوفي الناصري
في لقاء خاص مع المقدم الخنوفي عبد الكريم السايسي، وارث أسرار الطريقة الناصرية عن الراحل الحاج الطاهر الخنوفي، فتحت جريدتي "الوطن الآن" و "أنفاس بريس" ملف تكلفة فن التبوريدة التي يستثمرها فرسان المغرب من مالهم الخاص رغم واقع الحال المأزوم.. من أجل المحافظة على الموروث الثقافي اللامادي لفن التبوريدة.. حيث ينتصب سؤال دور الجامعة والحكومة في تحصين هذا التراث الذي يستثمر فيه الفرسان ما يقارب 300 مليار سم سنويا...؟
لماذا يتم تغييب التقييم المادي لفن التبوريدة ؟
دائما يتم تغييب التقييم المادي للتكلفة المالية الباهظة التي يتكبدها فرسان التبوريدة بالمغرب سنويا لرعاية خيولهم وإعدادها للتباهي بها وتقديم أجود عروض الفرجة والمنافسة سواء بجائزة الحسن الثاني بدار السلام بالرباط، وصالون الفرس بالجديدة، أو بالمواسم والمهرجانات المتخصصة في تقديم عروض فنون الفروسية التقليدية عبر ربوع جهات المملكة. وكأن الفارس المغربي يمتلك "دجاجة تنبيض ذهبا كل حين" ويعتمد على أرصدة خم "الدجاجة" في صرف أسهمه الذهبية على عشقه الأزلي لخيول الفروسية ومستلزمات فن التبوريدة. هذه اللامبالاة اتجاه الفرسان وخيولهم من طرف القائمين على شأن تراثنا اللامادي، تنعكس عليهم شدائدها وتشتد وطأتها خلال السنوات العجاف التي تكبدهم خسائر جسيمة مقابل رعاية خيولهم التي يتمثلون فيها أروع صور الشهامة والإقدام، و يستحضرون من خلالها تاريخ وحضارة الوطن.
هل تعلم الجهات الوصية على تثمين وتحصين الموروث الثقافي الشعبي اللامادي كم يصرف الفارس على حصانه في بورصة العلف؟ وكم تترتب عليه من الواجبات المادية لادخار معيشة جواده، ورعايته، ومواكبة حاجياته الأساسية إلى أن يحين موعد امتطاء صهوته ؟ ما هو حجم الغلاف المالي الذي يهدد الفرسان بالإفلاس على مستوى اللباس والزي التقليدي ليكون في مستوى الصورة البهية التي يرسمها تاريخ التبوريدة؟ وكم تتطلب مستلزمات كساء حصان البارود بـ "السناح التقليدي" (سرج ومكحلة وخنجر أو سيف ....) 
من الإنصاف جدا، أن نفتح ملف "بورصة" خيول التبوريدة، وقراءة أرقامها الصادمة التي تقتسم مع أسرة الفارس/الباردي كل شيء، بدء من المسكن والمأكل والمشرب والرعاية الصحية والاهتمام بتفاصيل معيشها، حيث يفضلها "الفارس" عن كل أفراد العائلة وتسترق من عمره كل الوقت لمرافقتها ومصاحبتها ليل نهار، وتتقاسم معه قوته اليومي حتى تسعد بتواجدها في الإسطبل معززة مكرمة.
"حصان التبوريدة في الإسطبل مثل الضيف العزيز الذي تستقلبه في بيتك"، هكذا وصف ابن زاوية الخنوفة معقل الطريقة الناصرية في فن التبوريدة الفارس/ لمقدم عبد الكريم السايسي عن معاملته لخيول التبوريدة التي كسبها منذ أن امتطى صهوتها سنة 1974 وهو فتى صغير افتتن بجمالها وقوتها وذكائها، بجانب والده، ورفقة الراحل لمقدم الحاج الطاهر وداد الخنوفي.
يحتاج حصان التبوريدة ـ حسب المقدم عبد الكريم السايسي ـ إلى "عناية فائقة ورعاية خاصة طيلة السنة على جميع المستويات، ويمثل جواد التبوريدة بالنسبة للفارس أهم شيء يملكه في البيت، بحيث يفضله على كل أفراد الأسرة". وحصان التبوريدة بالنسبة للخنوفي ابن الزاوية الناصرية هو "الأقرب إلى عقل وقلب وعين الباردي، فتجده يخصص له أحسن الإسطبلات ليحميه من البرد والحر وتقلبات الطقس، ويقدم له أجود الأعلاف وأثمنها، ويضعه باستمرار تحت مراقبة نصائح الطبيب البيطري". 
ـ فصل الرعاية والمراقبة الصحية: 33,000,00 درهم
في هذا السياق أكد السايسي أن " الحد الأدنى لمصاريف العناية والرعاية لحصان التبوريدة والحرص على تجويد وقفته ونظرته والتباهي به وسط الخيول سنويا يلتهم ما يقارب 33,000,00 درهم في المعدل المتوسط"، وفي التفاصيل يوضح بأن الحصان يستهلك يوميا 60,00 درهم على الأقل لتوفير (الكلأ ـ والعلف ـ والماء ـ والدواء ..) هذا بالإضافة إلى مستحقات المياوم/المستخدم (50,00 درهم يوميا) والذي يوضع رهن إشارة الحصان للقيام بأعمال تتبع أجندة المأكل والمشرب والتداريب ونظافة الإسطبل .
ـ فصل الألبسة والزي التقليدي والسناح : 30,000,00 درهم
وأضاف أنه من الضروري أن يجدد الفارس كل سنة متطلبات فن التبوريدة الخاصة به وبحصانه ليظهر أنيقا بين أعضاء كتيبة الفرسان الموحدة، ويعكس صورة تقاليد منطقته وخصوصية موروثها الثقافي الشعبي المتمثل في ( السلهام ـ الجلابة ـ التشامير ـ السروال القندريسي ـ العمامة ـ الدليل ـ الخنجر أو السيف ـ الحرافات ـ  التماك ـ المكحلة ـ  السرج.) مع العلم أن الضرورة تقتضي من الفارس/ لمقدم توفير هذه المستلزمات بشكل مزدوج لتغيير مظهر شخصيته ومظهر جواده كل يوم خلال عروض التبوريدة حيث تتضاعف هذه القيمة المالية.
ـ مصاريف التنقل والتغذية : 20,000,00 درهم
أما الحديث عن مصاريف التغذية والإقامة والتنقل والسفر من موسم لآخر ومن مهرجان لآخر، فحدث ولا حرج "يقول السايسي"، علما أن سربات الخيل تعتمد في ذلك على مساهمة كل الفرسان فضلا عن كرم وجود أبناء الدوار والقبيلة الذين يقتفون أثر فرسانهم وخيولهم، للاستمتاع بعروض التبوريدة وتشجيع كتيبتهم والتباهي بها بين سربات الخيل. وقد تتقل كاهل مول الشكارة "علام الخيل" لوحده في العديد من الحالات ويمكن أن نحددها في مبلغ 20,000,00 درهم سنويا.
ـ 300 مليار سم هي الحصيلة التقريبية التي يلتهما فن التبوريدة لفرسان المغرب
لنستخلص أنه على قاعدة مبلغ "63,000,00 درهم"، تتأسس قيمة امتلاك حصان واحد وتكلفة مصاريفه على طول السنة، استعدادا للتنافس و استعراض سربات الخيل المكونة اليوم من 15 فارس وجواد عروض فنون التبوريدة والمحافظة على هذا التراث اللامادي الذي يعشقه المغاربة، أي أن سربة الخيل تلتهم ما قيمته 945,000,00 درهم سنويا في الحد الأدنى، دون احتساب مصاريف التنقل والتغذية (20,000,00 درهم). علما أن منافسات جائزة الحسن الثاني بدار السلام يشارك فيها اليوم ما يقارب 300 سربة ينفق على فرسانها وخيولهم من مالهم الخاص ما يقارب 300 مليار سم. لينتصب السؤال الجوهري من باطن معاناة عشاق فن التبوريدة، ما هي انعكاسات هذه القيمة المالية الضخمة (300 مليار سم) التي يستثمرها فرسان المغرب على تراث ثقافة الخيل والبارود والتي تستفيد منها صناعتنا التقليدية خاصة والمحافظة على الفروسية التقليدية بشكل عام والمساهمة في الرواج والانتعاشة الاقتصادية خلال انطلاق مواسيم ومهرجانات التبوريدة؟.
                                                                          الزميل أحمد فردوس رفقة عبد الكريم السايسي