الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

يزيد البركة: التنمية المغاربية المكبلة..

يزيد البركة: التنمية المغاربية المكبلة.. يزيد البركة
في مارس الماضي، دعت الأمانة العامة للاتحاد المغاربي المستثمرين إلى المشاركة في تمويل تأهيل وتحديث الخط السككي المغاربي بين المغرب وتونس على مسافة 2350 كلم، كما قررت في ما بعد تمديد الخط إلى موريطانيا وليبيا، الدراسة التي قامت بها الأمانة تقدر التكلفة  بمبلغ 4 مليارات دولار.
في الحقيقة هذا المشروع لا يمثل طموح الشعوب المغاربية في التنمية الشاملة، لأنه لا يضيف شيئا كبيرا على ما هو قائم. إن أهم مشكلة يعيشها شمال افريقيا هي التصحر من جهة وعدم وضع سياسة اقتصادية تكاملية من جهة ثانية. ومن المعلوم أن شمال افريقيا توقفت فيه العلاقات الحسنة والتعاونية منذ نشوء روح الهيمنة من طرف بومدين ثم القذافي ثانيا، لتعود من جديد بقوة إلى الحكم في الجزائر بعد أن أصبحت هذه الروح تملك السلطة بكاملها.
كان الشهيد المهدي بنبركة في بداية الستينات يدعو في محاضراته وفي لقاءاته مع القيادة الجزائرية إلى التكامل الاقتصادي وإلى الاستغلال المشترك لثروات الصحراء الشرقية للمغرب المتنازع عليها، وأعلن هذا للرأي العام (وهذا يفند أيضا تصريحات المرضى بتحليلات المؤامرات البوليسية للتاريخ)، ومع الأسف سارت الأحداث وجهة الصراع وخلق النزاعات، لكن الشروط الحالية تسمح بالخروج من النفق المظلم الذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الكوارث.
من هذه الشروط المساعدة في ذلك صعود جيل من الشباب في كل البلدان المغاربية يريد تنمية حقيقية في المنطقة وفتح الحدود والتواصل الاقتصادي والتجاري والثقافي والعلمي والفني والرياضي، ومن الشروط كذلك هو قدرة وسائل التواصل الجديدة خصوصا منها وسائل التواصل الاجتماعية من تكسير دور الفضاء الإعلامي الرسمي الذي كان ينمط الأحداث السياسة لفائدة الأنظمة في المنطقة، ومن شأن هذا العامل الجديد أن يزداد تأثيرا وقوة.
1- قناة مائية/ بحرية: 
لماذا لا تدرس الأمانة العامة للاتحاد المغاربي إمكانية مد قناة مائية بحرية من ساحل ليبيا على البحر المتوسط إلى نقطة في الصحراء المغربية أو نقطة في شمال موريطانيا؟ فمردود مثل هذا المشروع على كل المنطقة اقتصاديا ومناخيا وسياحيا وفلاحيا هائل وحيوي.
فحاليا هناك في الخليج دراسات لمشاريع لحفر مثل هذه القنوات، أولا هناك قناة سلمان تربط بين الخليج العربي وبحر العرب على مسافة 950 كلم بعرض 150 م وعمق 25 م وتكلفة 80 مليار دولار، ورغم أن  القناة  تعترضها مشاكل منها العلو عن سطح البحر الذي يصل في السعودية إلى 300م وفي اليمن إلى 700م فإن السعودية ماضية في سعيها لأن القناة من شأنها أن تنقل النفط بعيدا عن مضيق هرمز.
ثانيا قناة طه التي تربط بين البحر الأحمر والخليج العربي على مسافة 1300 كلم على الأراضي السعودية وحدها بعرض 400 م وتكلفة 50 مليار دولار (تقدير قديم مر عليه أكثر من ثلاث سنوات).
بالنسبة لشمال افريقيا تمتاز نقاطه البحرية بانخفاض كبير عن سطح البحر بالقياس إلى النقاط البحرية في السعودية، ففي العقيلة في ليبيا يبلغ العلو 32 م فقط وفي مرسى البريقة قربها أقل ب 23 م أما في الصحراء المغربية فأقل بكثير، مثلا بوجدور 0 عن سطح البحر والداخلة 10 أمتار وعدد كبير من نقاط المغرب على ساحل المتوسط والاطلسي منخفضة جدا، بل ومهددة بأن يقضم منها البحر جزءا كبيرا في العقود القادمة. ومن العوامل المساعدة جدا هي أن طريقا ممهدا من ليبيا إلى موريطانيا كان قائما منذ تاريخ طويل استعملته التجارة البعيدة واستعملته العربات ذات العجلتين وذات الأربع عجلات وهي طريق عبارة عن بقايا وديان عميقة جفت وتركت أخاديد بين الجبال والهضاب والكثبان. والمشروع يجب بطبيعة الحال أن يتجنب مد القناة في مواضع تمر من أماكن الثرات التاريخي للحضارات القديمة في الصحراء.
أهمية المشروع إذا ما أثبتت الدراسات تحققه كبيرة لأنه سيحول المنطقة إلى جزيرة وهي حاليا شبه جزيرة، وستمتد على جنبات القناة شواطيء خلابة وسيقلب هذا المشروع المنطقة من بيئة صحراوية إلى منطقة فلاحية وسيسمح بعلاقات تجارية داخلية وخارجية واستغلال الثروات المعطلة في الصحراء بسبب بعدها عن أماكن التسويق. 
2- مشروع مغربي جزائري:
إذا كانت الأمانة العامة لا تستطيع أن تقوم بالدراسات حول المشروع أو أن المنطقة ستبقى تتخبط في الصراعات الكبيرة، يمكن للمغرب مع الجزائر أن يدرسا مشروع ربط قناة من السعيدية وسعيدة إلى منطقة على الصحراء في المحيط وانتظار توفر الشروط على مستوى شمال افريقيا، وهذا الحل سيمكن من القدرة على نقل الثروات الباطنية وصناعتها التحويلية الموجودة في الصحراء الشرقية للمغرب نحو البحر المتوسط أو الأطلسي حسب الحاجة ويسمح ببداية صفحة جديدة مع الجزائر، وإذا كانت مصرة الاستمرار في المراهنة على خلق دويلة في جنوب المغرب، يمكن لهذا الأخير وحده أن يحول المغرب إلى جزيرة تبدأ من السعيدية من الشمال مرورا بالحدود الجزائرية المغربية حتى نقطة في الصحراء المغربية أو نقطة في شمال موريطانيا إذا شاركت في المشروع.