الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

رشيد الصباحي: الإذاعات الخاصة فشلت في تقديم قيمة مضافة للمشهد السمعي الوطني

رشيد الصباحي: الإذاعات الخاصة فشلت في تقديم قيمة مضافة للمشهد السمعي الوطني رشيد الصباحي

انتقد الإعلامي رشيد الصباحي بشدة الأداء المهني للإذاعات الخاصة التي فشلت، في نظره، فشلا ذريعا في تقديم أية قيمة مضافة للمشهد السمعي الوطني، ولم تترجم أيضا الأهداف التي كان يرمي إليها قرار تحرير الفضاء السمعي البصري ومنها ضمان جودة المضامين والارتقاء بالذوق العام للمستمعين وخلق المنافسة الشريفة ما بين مكونات وسائل الإعلام.

 

وعوض أن تساهم هذه الإذاعات الخاصة، كما كان مطروحا على عاتقها في خلق سوق استثماري إعلامي جديد وتمكين الأجيال الجديدة من الصحفيات والصحفيين من فرص للشغل وظروف عمل لائقة، إلا أن الذى حصل، يقول الصباحي الذى بصم الإذاعة الوطنية ببصماته الخاصة، هو أن ما قامت به لحد الآن يتمثل في تقديم مواد وبرامج ضعيفة من ناحية الشكل والمضمون.

 

كما لاحظ الصباحي، الذي تحدث يوم الاربعاء 24 دجنبر 2019 لدى حلوله ضيفا على الطلبة الباحثين بالسنة الثانية من ماستر الطفولة بالمعهد الملكي لتكوين الأطر بالرباط (مادة التنشيط الإعلامي والرقمي)، أن غالبية هذه الإذاعات الخاصة تعتمد بالأساس على موارد بشرية تفتقد للمؤهلات المهنية الضرورية والخبرة التكوين اللازم مع سيادة ثقافة الارتجال وافتقاد غالبيتها للمردودية المهنية المطلوبة مناشدا الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) إلى مضاعفة جهودها في تنظيم وتقنين هذا القطاع انطلاقا من الصلاحيات التي خولها لها المشرع قانونيا.

 

وأكد الصباحي، رئيس نادى الصحافة بالمغرب، أن الأهمية التي تكتسيها الإذاعة يندرج في جانب منها في المساهمة في توسيع مدارك وخيال المستمعين وتنمية قدرتهم على الإبداع والاستنباط وتزويدهم بمستجدات الأخبار والمعلومات في شتى ضروب المعرفة فضلا عن تطوير مهاراتهم وتقوية ذاكرتهم.

 

وبخصوص مساره الإعلامي أوضح رشيد الصباحي، الفاعل المدني في ميدان حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، أنه بدأ كمتعاون مع الإذاعة الوطنية سنة 1973، حيث تولى خلالها إعداد وتقديم برامج إعلامية متنوعة، وبعدها التحق سنة 1979 بنفس الإذاعة في إطار الخدمة المدنية بعد إنهاء دراسته الجامعية، قبل أن يدمج رسميا بعد سنة واحدة من التحاقه بهذه المؤسسة الإعلامية.

 

وبعدما استعرض أهم المراحل التي قطعها والمسؤوليات التي تحملها والبرامج التي أشرف على تقديمها، قال رشيد الصباحي، أحد أوائل الصحافيين المسؤولين بأجهزة النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إن الإذاعة الوطنية "كانت مدرسة حقيقية بكل المواصفات" ومرت منها قامات إعلامية وفكرية وثقافية وفنية وموسيقية منها: محمد العربي المساري وعبد الجبار السحيمي وعبد الله شقرون والعربي الدغمي وأمينة رشيد وحبيبة المذكوري وعبد الرزاق حكم وغيرهم كثير، والتي تركت بصماتها في تاريخ الإعلام الوطني؛ مسجلا أن التنشيط الإذاعي أخذ في ثمانينات القرن الماضي، بعدا جديدا بعد فتح المجال للتفاعل المباشر بالهاتف مع المستمعين والتركيز أيضا على البرامج المباشرة رغم عدم توفر الإمكانيات التي أصبحت متاحة للإعلامين في الزمن الراهن.

 

وتوقف الصباحي الذي أكد أن فقدانه لحاسة البصر منذ الولادة، لم يقف حائلا دون نسج علاقات عادية مع محيطه خاصة زملائه الإعلامين، بل بالعكس كان ذلك يشكل تحديا وإصرارا رافقه طوال حياته، عند أهم المحطات والأحداث التي عايشها خلال مروره بالإذاعة الوطنية منها ذكرى المسيرة الخضراء التي فتحت أفقا جديدا في العمل الاذاعي.

 

 كما تطرق إلى نماذج مما كان يقدمه على أمواج الأثير من برامج سياسية وثقافية وفنية، فضلا عن التغطيات والأحاديث الصحفية التي أجراها مع شخصيات من عالم الثقافة والفن والسياسة على المستوى الوطني والعربي، منها على الخصوص حواره مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بغزة.

 

وبخصوص برامج الأطفال في الإذاعة الوطنية خلال مرحلة (الزمن الجميل)، قال الصباحي بحسرة كبيرة، خلال هذا اللقاء الذي يندرج في إطار انفتاح وتفاعل الطلبة الباحثين بالمعهد الملكي لتكوين الأطر التابع لوزارة الثقافة والشباب والرياضة، مع الفاعلين في التنشيط الإعلامي والرقمي، بأن هذه البرامج كانت عبارة عن "مشتل" لخلق أجيال في مختلف مجالات الإبداع الفكري والغنائي والمسرحي والإعلامي، علاوة على مساهمتها في تنمية الحس النقدي والتربية على قيم المواطنة؛ معتبرا أن ما كانت تقدمه هذه البرامج (برنامج باحمدون لإدريس العلام مثلا) بمثابة "ساعات إضافية في التعليم والتثقيف وتنمية الملكات خاصة منها اللغوية وادارة الحوار ..."

 

ولم يكتف رشيد الصباحي، الذي تحمل عدة مسؤوليات بالإذاعة الوطنية منها تعيينه رئيسا للبرامج بها، بتجربته الطويلة المتميزة أمام الميكرفون وعلى أمواج الإذاعة الوطنية، بل انتقل بعد استفادته من المغادرة الطوعية إلى الاشتغال في إحدى الإذاعات الخاصة بمراكش التي قضى بها فترة قصيرة لتركها لقناعته الراسخة بأن العمل الاعلامي لا يستقيم إذا ما سيطر عليه وتدخل في توجهه ووضع أجندته وبرامجه أصحاب المال (مالين الشكارة)، حسب تعبير الصباحي الذي غادر الإذاعة الوطنية إداريا ولم تغادره.

 

وقال في ختام هذا اللقاء، في معرض جوابه عن سؤال حول مستقبل الإذاعة الوطنية في ظل الثورة الرقمية "إذا كانت الإذاعة تعيش حالة مرضية الآن، فأكيد أنها ستشفى، وستظل محافظة على مكانتها كإحدى وسائط الاتصال الرئيسية إلى جانب وسائل الإعلام الأخرى" التي جاء بها التحول التكنولوجي.

 

وكان الطلبة الباحثون قد استضافوا في إطار لقاءات مفتوحة ضمن مادة التنشيط الإعلامي والرقمي عدة فعاليات إعلامية منها: عبد الصمد بنشريف مدير القناة الثقافية بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والاذاعي الصافي الناصري صاحب برنامج "زمن الحكي"، ومصطفى بوبكراوي الصحافي بوكالة المغرب العربي للأنباء، فضلا عن الفاعل المدني عبد الرزاق الحنوشي، ومحمد القرطيطي رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، وجهاد بلغزال المسؤولة عن المشاريع بالوسيط للديمقراطية وحقوق الإنسان.