الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الغني السلماني: في ذكرى اغتيال الشهيد عمر.. عيون الشهداء لا تنام

عبد الغني السلماني: في ذكرى اغتيال الشهيد عمر.. عيون الشهداء لا تنام عبد الغني السلماني

 18دجنبر 2019، تحل الذكرى 44 لاستشهاد المثقف والمناضل المغربي عمر بن جلون. كان حدثا مؤلما وغير مسبوق، مؤلم لأنه يكشف في كل لحظة عن الوحش الكامن في أحشاء المجتمع العربي الكبير المثقل بالتقاليد والفهم الجامد للنصوص، ربما القتلة المباشرون لقوا القصاص.. لكن ما قيمة القصاص إذا كان الفكر الذي اغتال عمر وبنعيسى والمعطي... لازال موجودا ويتقوى برعاية رسمية من المحيط إلى الخليج وبتفاوت هنا وهناك.

 

فبحلول ذكرى عمر نعيد النقاش ونذكر بالاغتيال السياسي من قبل قوى الغدر والظلام، كما نذكر بقيمة شخصية وطنية قدمت الكثير للحركة التقدمية المغربية، شخصية سياسية متميزة شغلت المشهدين السياسي والنقابي في مغرب ما بعد الاستقلال لكن الحسرة والأسى على فقدان مثقف وكاتب ومشاكس بحجم عمر لن يداويها هذا المتن ولا الزمن القاسي الذي يعاقب التنوير والمتنورين في كل الزوايا والممرات، ومن نعته بالكلب الأجرب ما زال بين المغاربة ويٌشغل الناس في السياسية والمستقبل.

 

عمر سافر إلى فرنسا وهو شاب طالب، أتم تكوينه الجامعي في باريس، مزاوجا بين الدراسات القانونية والتكوين في المدرسة العليا للبريد والمواصلات، التي تخرج فيها عام 1960، بالإضافة  لنيله الإجازة في الحقوق وشهادة دراسات عليا في القانون العام. شخصية فريدة متشبثة بالمعرفة والتكوين من أجل خدمة الوطن .

 

مع ذكرى اغتيال شهيد الطبقة العاملة المغربية، شهيد الحرية والكرامة والمساواة، نستحضر فيها قيم عمر بطرح السؤال نفسه الذي نطرحه على قتلة بنعيسى. من وراء اغتيال محرر التقرير الإيديولوجي لمؤتمر حزب عتيد في الفكر والسياسة؟ عريس قُتل غدرا بطعنة الجبن وبتوجيه من جهة ما، اغتيال مناضل يحمل في قناعاته بناء وطن ديمقراطي حداثي وعادل.

 

لابد أن نعيد القول ونطرح السؤال من جديد أن المستقبل يهمنا، ودم الشهداء نصب أعيننا، درس مستمر للمواطنين والمواطنات، تاريخ يعلمنا أن عيون الشهداء تراقبنا من بعيد كلما سهونا عن لحظة الألم والظلم والإرهاب الذي مورس في الجامعات والممرات والفضاءات العمومية، كل الأحداث التي مرت وكل الشهداء الذي رحلوا من أجلنا ومن أجل الوطن. لن نقبل أن نتركهم بلا جواب ولا تقدير  لعطاءاتهم.

 

لن  نطوي صفحة التاريخ دون قراءتها بالجدية اللازمة. ولن نقبل أن تٌرهق دماء أي كان؛ لأن القاتل لا مكان له بيننا. ولن نقبل نص الحكم في غياب الوثائق والدلائل والشهود! لن نقبل الالتفاف المبطن على حقيقة التاريخ و بكل المقاييس الموجودة.

 

طي ملف شهيد الشعب عمر بنجلون وبنعيسى آيت الجيد لحسابات نحن نعي جيدا أهدافها ومراميها، خيانة تتجدد على جبين المعارف والماسكين بحقيقة الماضي العنيد.

 

المحاكمة الصورية التي تقتصر على المنفذين دون المدبرين الحقيقيين يعتبر نصف الحقيقة، نريد الحقيقة كاملة غير منقوصة من قتل؟ من نفذ؟ من خطط؟

 

لن نترك الظلام ينتصر علينا، لن نترك مشعل الحقيقة في الضفة الأخرى التاريخ يلزمنا جميعا من أجل محاصرة التطرف والعنف والإرهاب. ليس إشباعا للذات أن الغاية هي معاقبة القتلة وفقط، غايتنا في اختيار ممر الوطن الذي يتسع للجميع وينصهر في بوتقة القانون والمواطنة الكاملة بكل المقاييس، الانصهار حتى لا يستفيد تجار المشترك بالدين والقيم، حتى لا يبقى أمل  للتجار الكراسي أن الاستثمار في الدين أفضل تجارة.

 

علينا أن نُذكر أن عيون الشهداء لا تنام.