الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

أنـس مـرزوق يقدم وصفته لإنهاء الحرب الكلامية بين الموثقين والعدول

أنـس مـرزوق يقدم وصفته لإنهاء الحرب الكلامية بين الموثقين والعدول أنس مرزوق
على إثر الجدل القائم بين هيأتي العدول والموثقين، بخصوص؛ المادة 63 من قانون المالية 2020.
"أنفاس بريس" ناقشت الموضوع مع أنس مرزوق، باحث في صف الدكتوراه؛ فأعد الورقة التالية:
لقد أثارت المادة 63 من مشروع قانون المالية رقم 70.19 لسنة 2020 جدلا بين الموثقين والعدول، والتي نصت على مقتضى جديد يعفي من الضريبة على الأرباح العقارية كل من فوت عقارا قبل انصرام ست سنوات من أجل اقتناء سكن رئيسى داخل أجل ستة أشهر شريطة الاحتفاظ بمبلغ الضريبة على الدخل برسم الربح الناتج عن تفويت العقار الذي كان يفترض أداؤه لدى الموثق إلى غاية اقتناء عقار آخر يخصص لسكنى رئيسية، وقد استعمل المشرع عبارة لدى الموثق مما يعني اقتصار الإعفاء على المحررات الرسمية التوثيقية العصرية دون العدلية، وهي ليست المرة الأولى التي يخلق قانون المالية نقاشا حادا بين المكونين الأساسيين للتوثيق الرسمي بالمغرب؛ فقد أعطى الفصل 92 من قانون المالية لسنة 2010 الحق للموثق دون غيره الحق في تحرير عقود البيع المتعلقة بالسكن الاجتماعي، مما يطرح تساؤلات حول الدوافع الموضوعية لهذا التوجه التشريعي من جهة أولى وعن أثاره على توثيق البيوعات العقارية من جهة ثانية.
الدوافع الموضوعية:
لا أعتقد أن المشرع لا يستحضر مسألة ازدواجية التوثيق الرسمي بالمغرب عند سنه لقوانين المالية، إذ أن المحررات الرسمية تكون أما عدلية ) منظمة بقانون 03-16 المتعلق بخطة العدالة (وأما توثيقية) منظمة بقانون 09-32 المنظم لمهنة التوثيق (فالقاسم المشترك بين المادة 63 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 والمادة 92 من قانون المالية لسنة 2010 هو وجوب الاحتفاظ بأموال -ودائع- لدى الموثق، مبلغ القيمة المضافة tva أومبلغ الضريبة على الأرباح العقارية، وهي إمكانية غير متاحة للعدول، إذ لا يمكنهم تلقي الودائع المالية بحسابات مهنية خاصة أو لدى صندوق الإيداع والتدبير.
إن المشرع قد أصر على جعل عقود البيع المتعلقة بالسكن الاجتماعي عقودا رسمية من اختصاص الموثقين دون غيرهم من باقي المهن؛ والتعليل الذي تشبث به وزير الاقتصاد والمالية، آنذاك، هو أن الموثق يضمن الأمن التوثيقي للمتعاقدين،على اعتبار أنه مؤهل دون غيره لقبض الضريبة على القيمة المضافة لحساب الدولة، ناهيك عن فصل ذمته المالية بين الحساب الشخصي والمهني.
يمكن القول على أن السبب الموضوعي الذي يفسر هذا التوجه التشريعي هو سبب تقني يكمن في عدم إمكانية تلقي العدول للودائع المالية و بالتالي الاحتفاظ بها لفائدة الدولة، خلافا للموثقين.
آثار هذا التوجه التشريعي:
إن كل سن لقانون المالية لا يراعي وجود مهن قانونية متعددة من اختصاصها توثيق التصرفات العقارية له آثار على منظومة التوثيق، نذكر أهمها:
1-إجبار المقبلين على اقتناء عقار رئيسي جديد للاستفادة من اللإعفاء المنصوص عليه في المادة 63 على تحرير العقد لدى الموثق دون غيره، ضدا على مبدأ الحق في اختيار طريقة توثيق التصرفات العقارية، فالفصل 4 من مدونة الحقوق العينية ينص على أنه:'' يجب أن تحرر- تحت طائلة البطلان - جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك''.
2-التقليص من نطاق اختصاصات العدول، حيث لا يسمح لهم المشرع بتوثيق العقود المتعلقة بالسكن الاجتماعي ولن يقبل عليهم زبناؤهم إذا تعلق الأمر باقتناء سكن رئيسي جديد قبل انصرام أجل ست سنوات.
3-عدم تحقيق العدالة الضريبية بين المواطنين في حالة ما إذا توفرت كل الشروط المنصوص عليها في المادة 63 باستثناء شرط تحرير العقد لدى موثق.
للتجنب الآثار السلبية للمادتين 63 و92 المشار إليهما أعلاه؛ أقترح أن يخول المشرع للعدل ما خول للموثق كل في حدود اختصاصه تحقيقا للعدالة؛ وأن نبدأ في التفكير جديا في توحيد إلية تحرير المحررات الرسمية.