الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف جبرو: وفي النهاية...انتصر محمد الخامس على الجنرال جوان

عبد اللطيف جبرو: وفي النهاية...انتصر محمد الخامس على الجنرال جوان عبد اللطيف جبرو
قام مجموعة من أصحاب الصدرات الصفراء في باريس بعملية تخريب الفضاء المخصص لنصب تذكاري للمارشيل ألفونس جوان. وأثارت تلك العملية ردود فعل مختلفة لدى الفرنسيين ممن يعتبرون أن الماريشال قدم لفرنسا عدة خدمات من خلال دوره في معركة تحرير إيطاليا إبان الحرب العالمية الثانية.
وكيفما كان الحال، فإن للماريشال جوان الذي كان جنيرالا عندما عينته فرنسا مقيما عاما في المغرب، كان له وجه آخر يتمثل في سجله الحافل بالسياسة الاستعمارية التي نهجتها فرنسا في بلادنا خلال فترات وجوده في المغرب كمقيم عام.
الجنيرال جوان من مواليد مدينة عنابة الجزائرية سنة 1888وحلت سنة 1947كمقيم عام لفرنسا في المغرب، ويقول ألفونس جوان في كتابه تحت عنوان"المغرب العربي يحترق" والذي صدر بعد استقلال بلادنا، بأن زيارة الملك محمد بن يوسف إلى طنجة كانت مفتاح كل ما جرى في المغرب. وكرد فعل على خطاب السلطان في طنجة، عينته حكومة رماديي مقيما عاما في الرباط مكلفا بالدفاع عن الاصلاحات التي قررت فرنسا إدخالها على الإدارة المغربية لجعلها إدارة ديموقراطية.
ويضيح الجنيرال في كتابه بأن اجتماعا لمجلس شورى الحكومة كان قمة الإهانة في حق فرنسا من طرف ممثلي حزب الاستقلال في المجلس الذين قدموا معلومات غير حقيقية عن إنجازات فرنسا بالمغرب، فكان رد فعلي الفوري، يقول ألفونس جوان، أن طردتهم من جلسات المجلس في الحين.
بعد ذلك كان المغرب قد استقبل في 1951سنة جديدة، هي سنة أزمة المقيم العام الجنيرال جوان الذي اندفع بسرعة جنونية في سياسته المعادية للملك. الذي وجد نفسه أمام أمرين: إما التوقيع على برنامج الإصلاحات الاستعمارية المعروضة عليه أو أن يستعد للذهاب إلى المنفى.
ذلك أن فرنسا، يقول ألفونس جوان، قد قررت اتخاذ تدابيرضد الملك وأن لا شيء يمكن أن يوقف تدابير أعدتها فرنسا ضد محمد بن يوسف إن استمر في عناده.
كان جوان يعتبر أن له كل الصلاحيات ليتخذ الإجراءات التي تروق مزاجه. لكن وزير خارجية فرنسا روبير شومان أفهمه بأن باريس لا تنوي عزل سلطان المغرب.
بعد فشل جوان في مؤامراته ضد العرش، أمر باعتقال الشهيد المهدي بن بركة وإبعاده إلى تافيلالت وعلق الجنيرال على نفي المهدي بن بركة بأن الأمر يتعلق بأخطر أعداء الحماية الفرنسية بالمغرب، وسيظل السي المهدي منفيا في تافيلالت من فبراير 1951إلى أكتوبر 1954
وفي شهر شتنبر 1951انتهت مهمة الجنيرال جوان كمقيم عام لفرنسا بالمغرب ولم يمنعه ذلك من استمرار ممارسة تأثيره على سياسة الوجود الاستعماري الفرنسي بالمغرب في عهد سلفه الجنيرال غيوم الذي تحمل مسؤوليات الاعتداء على العرش في غشت1953
وعندما بدأت فرنسا تفكر في حل أزمتها في المغرب تقول عدة شهادات، بأن المقيم العام السابق ألفونس جوان الذي أصبح ماريشال فرنسا قام بعدة محاولات وضغوطات ضد عودة الملك إلى عرشه.
ورغم ذلك سيعود الملك محمد الخامس إلى عرشه وهكذا انتصر الملك في النهاية على الجنيرال جوان.