الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

أبو أيمن الفارح: الدفاع الوطني.. الواقع والآفاق

أبو أيمن الفارح: الدفاع الوطني.. الواقع والآفاق أبو أيمن الفارح
" إذا كنا لا نخفي أن الميزانية المرصودة لقطاع الدفاع الوطني تبقى غير كافية، فإنه وجب التذكير بأن هذه الميزانية تمثل 3.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام لبلادنا ، في الوقت الذي تسعى جل الدول أعضاء حلف شمال الأطلسي إلى أن تصل ميزانياتها المخصصة للدفاع إلى 2 في المائة ".
هذا التصريح لعبد اللطيف لوديي، الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، أمام البرلمان يفرض علينا محاولة فهم التوجه الحكومي و إستراتيجية الدولة في قضايا الدفاع الوطني والأمن القومي.
هل تضع الدولة المغربية ميزانية الدفاع الوطني حسب الاحتياجات الواقعية للبلاد حاضرا وأخذا بعين الاعتبار للتحديات الأمنية للمستقبل ومن منظور التغيرات التي يعرفها العالم، سياسيا وأمنيا ، في ظل النظام العالمي الجديد الآخذ في التشكل بسرعة تفاجئ الجميع، تظهر انعكاساتها في التحولات والثورات والحراكات الاجتماعية عبر كل بقاع المعمور، بحيث لا تسلم قارة منها .
هذه التحديات وهذه التغيرات لم يعد خافيا بأنها في طريق الإجهاز على حلف شمال الأطلسي، هي مسألة وقت لا غير ؟
عندما يقارن الوزير المغرب بدول حلف ناتو فهو بدون شك لا يجهل بأن هذه الدول تصنع ذاتيا أسلحتها ومعداتها الدفاعية ، على الأقل الجزء الكبير منها، بالنسبة للحلقات الضعيفة، وتتلقى مساعدات مالية وعسكرية مهمة جدا من الحلف ، تخفف العبء على ميزانياتها وبالتالي فكل مقارنة بين المغرب وتلك البلدان، لا تستقيم.
إن شمال إفريقيا والمغرب على وجه الخصوص يتحول، يوما بعد يوم ، إلى بؤرة توتر جديدة أو هكذا يراد له، من أجل لعب الدور المرصود له وللمنطقة في النظام العالمي الجديد قيد التشكل. من هنا ضرورة اتخاذ ما يلزم من الحيطة والحذر ومن الإجراءات للخروج من المرحلة بأقل الأضرار الممكنة ، بل يجب العمل على استغلال الوضع الراهن لتحصين وتقوية منظومتنا الدفاعية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ووضع حد لما بات يشكل مرضا خطيرا في شخصية المغرب، هذا الاستثناء، الأول في كل شيء .
لم يعد جديدا ولا الحديث مثيرا عما يعرفه المغرب من تهديد خارجي من قبل خصوم وأعداء الوحدة الترابية أو من قبل الحركات والجماعات الإرهابية التي تبحث بكل الوسائل والسبل عن موطئ قدم في المنطقة وفي البلاد ،وكذلك جحافل المهاجرين السريين ومهربي المخدرات والأسلحة مستغلين ظروف عدم الاستقرار الذي تعيشه الجارة الشرقية الجزائر وجوارها وكذلك شساعة مساحة الدولة الموريتانية وعدم قدرتها على مراقبة كل ترابها وحدودها، الرهان أقوى وأكبر إنه يتعلق بالخارطة الجديدة للعالم ولتقسيم الأدوار المترتبة عنه.
المقارنات يجب أن تتم بين ميزانيات تلك الدول و ميزانية دولتنا وطرق صرفها وتصريفها، حتى يكون الترتيب حقيقيا، واقعيا ، صادقا ومطمئنا لنا على قدراتنا وعلى مستقبل أمننا، وهو الاطمئنان الذي لا يجب ولا يمكن فصله عن الوضع الحقوقي والاجتماعي والإنساني لمحاربينا ، المرابطين العاملين أو رفاقهم القدامى الذين أبلوا ويبلون البلاء الحسن داخل و على امتداد حدود الوطن.
أبو أيمن الفارح، ضابط سابق، مهتم بالشؤون الأمنية والعسكرية