السبت 23 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

عبد الرحيم هريوى: الثورة الرقمية إبداع وتحديات وآثار..!!

عبد الرحيم هريوى: الثورة الرقمية إبداع وتحديات وآثار..!! عبد الرحيم هريوى

أي الطرق السالكة قصد تعويد أبنائنا على القراءة؛ في ظل أوج الثورة الرقمية والمعلوماتية التي هيمنت على جل قنوات التواصل التقليدية..؟؟

 

مما لا شك فيه فإن أمة معجزة القرآن الكريم الذي أُوحِي لنبينا الكريم عليه أزكى الصلاة والسلام، لا تقرأ رغم أن أول سورة نزلت عليه هي "اقرأ "والدليل هي النسب المخجلة في هذا المجال كَمّاً وكَيْفاً، أي من حيث ما يتم تأليفه ونشره وما يتم بيعه عبر القطر الواحد والوطن العربي بأسره.. نعم نحن شعوب عربية لها نسب كثيرة في ما تستهلكه من أجهزة تقنية والكترونية وأغذية وأسلحة وهلم جرا، وكذلك ما نرميه من بقايا الأطعمة والمأكولات وللأسف الشديد فآخر ما نفكر فيه هو القراءة ومصاحبة الكتابة والتخلص من آفة الموبايل وما يحوم في فلكه ونحن أقرب الشعوب للاستيلاب الفكري والثقافي لضعف قدراتنا  الذاتية على المواجهة، وغياب تكويننا التكوين السليم والعقلاني وتضعضع برامجنا التعليمية وغياب كل ما من شأنه أن يخلق منا تلك الشخصية القوية القادرة على رفع التحدي في وجه أي غزو ثقافي او حضاري يمس بقيمنا ونمط عيشنا وأعرافنا وتقاليدنا وموروثنا القومي، بل نحن أمة أبوابها مشرعة وسهلة الاختراق من أي كان وما نراه اليوم ونعيشه كأسر ومجتمعات وطنية وقومية من تيه وانفصام وتبعية، لدليل قاطع على أننا أمة تابعة ومستهلكة لا تنتج؛ والشعوب والأمم عبر الحضارات الإنسانية تتقدم بما تنتج لا بما تستهلك ،وفي ظل الظروف الشبه استثنائية مع اكتساح الثورة الرقمية والمعلوماتية ومنتوجاتها لأوطاننا تغير نمط حياتنا ككل بدرجة 180درجة وأمست سلوكيات جديدة تعتبر عادية في حياتنا اليومية في وقت إنها دخيلة علينا وليست من ثقافتنا بالمرة سواء في الأكل أو الشرب واللباس والموضة والعلاقات الاجتماعية، مما أفقدنا خصوصياتنا كشعوب وكأوطان عربية..

 

وكل ذلك كان له تأثيره المباشر على مستوى تعليمنا القومي وثقافاتنا المحلية والوطنية. وغابت الأشياء الجميلة التي كنا نتوارثها كأجيال لتحل محلها ظواهر سلبية وسلوكيات لا تنسجم مع عاداتنا وتقاليدنا ومعها غاب سلوك القراءة ومصاحبة الكتاب وقراءة الجريدة المكتوبة وشرائها وأمسى الطفل الصغير في سنته الأولى يقلد أمه ووالده لأنه طيلة النهار وهو وسط ضجيج وصخب التكنولوجيا.. فصار يعشق ما تعشقه أمه وهي في اتصال مسترسل عبر الواتساب أو منشغلة بالرد على المراسلات أو التعقيب على حدث ما أو واقعة أو مشهد من المشاهد التي يتم تبادلها عبر منصات التواصل الاجتماعي.. فتعود أطفالنا بل عودناهم على مشاهدة الرسوم والاستماع لكذا مقاطع عن طريق الموبايل او اللَّوحات الالكترونية فصاروا من عُشَّاقها بل تراهم في هيستيريا حينما يحرمون من المشاركة "إيوا فكها يا لي وحلتيها".

 

- إنها حياة ليست لنا نمررها لأجيالنا القادمة، فيا ترى كيف سيكونون، وبأي حال من الأحوال سيواجهون صروف الدهر وتقلباته؟؟ وهم يلتقطون صور حياتنا التي أمست فوضى بكل المقاييس في غياب ما يفيدهم في حياتهم مستقبلا ..!!

 

ففي زماننا كنا نعيش حياة أخرى بدأت تنقرض بالتقسيط.. فكنا لا ندخن أمام أبنائنا ولا في بيوتنا حتى لا يظن الصغار بأن أي شيء يفعله الكبار وخاصة الآباء والأمهات فهو محمود وسليم ومقبول.. وكان لنا صداقة دائمة مع أنواع معينة من المجلات والجرائد اليومية والأسبوعية والشهرية.. وكان أفراد الأسرة الواحدة يتناوبون على قراءة ما يروقهم من أعمدة لصحافيين معروفين ومرموقين ويتابعون فصول قصص وروايات وأشعار لأدباء وكتاب وأساتذة جامعيين قد كان لهم وزنهم في زماننا نذكر من بينهم بعض الأسماء للتاريخ، الأستاذ عبد الرفيع الجواهري وإدريس الخوري ورشيد نيني وحسَّان بوقنطار وعابد الجابري وعبد الله العروي ومحمد وقيدي وإدريس بنسعيد ومحمد نور الدين أفاية، وغيرهم ..!!

 

وتستمر رحلة اللاعودة وسط صخب وضجيج وفوضى عالم المتناقضات ومعه الاستيلاب الفكري والثقافي لجل دول الجنوب..!!؟؟