السبت 20 إبريل 2024
سياسة

ندوة دولية بأكادير تسلط الضوء على دور الدبلوماسية المغربية

ندوة دولية بأكادير تسلط الضوء على دور الدبلوماسية المغربية نظمت الندوة يوم السبت 26 أكتوبر2019
نظم فريق البحث في القانون العام والحكامة بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بأكادير بالتعاون مع المركز المغربي للدراسات و تحليل السياسات مائدة مستديرة في  موضوع : " دبلوماسية المغرب اتجاه غرب إفريقيا : قراءة في الأبعاد الاقتصادية  والأمنية و الروحية "، وذلك يوم السبت 26 أكتوبر2019 بقاعة الندوات بالكلية، وقد عرفت حضورا مكثفا ومتميزا للأساتذة والطلبة الباحثين و المهتمين.
الندوة استهلت بكلمة ترحيبية تقدم بها رضا الفلاح، أستاذ باحث بجامعة ابن زهر ومدير فريق البحث في القانون العام والحكامة، إذ رحب في البداية بالمشاركين، وكذا بالأساتذة والطلبة الحاضرين، كما نوه بأهمية موضوع هذه المائدة المستديرة التي تعتبر فرصة لتعميق النقاش وتبادل الأفكار في موضوع مرتبط بدبلوماسية المغرب و سياسته الخارجية الساعية إلى  كسب و تعزيز المصالح الحيوية للمملكة على المستويين القاري والدولي.
وكانت أولى المداخلات لمحمد أحمد كين، أستاذ باحث بجامعة ابن طفيل القنيطرة ورئيس المعهد الافريقي لبناء السلم وتحويل النزاعات، تحت عنوان "المغرب والتحديات الأمنية غرب إفريقيا: أي دور للفاعلين وطنيا؟". واستهل مداخلته بالحديث عن علاقة المغرب الأقصى و الكبير بمنطقة الغرب الإفريقي مشددا على أبعاد الترابط الحاصل ما بين شمال إفريقيا و غرب إفريقيا و منطقة الساحل و الصحراء. أشار المتدخل إلى أهمية تفكيك هذه الارتباطات من أجل فهم تشابك التحديات و الديناميات الأمنية على المستوى الوطني و الإقليمي.
وأشار الباحث إلى أن الأزمات التي تواجه القارة الإفريقية اليوم حسب المتخصصين في الدراسات الأمنية هي أزمات مركبة لا تقتصر فقط على الأبعاد السياسية و الاجتماعية و  البيئية على سبيل المثال، بل  و تكمن خصوصيتها في إفرازها لعوامل متضافرة و مضاعفة للمخاطر الأمنية على امتداد جغرافي واسع.
وأضاف بالقول على أن هناك ثمة ثلاث أجندات تتقاطع وتغذي بعضها البعض ولها انعكاسات أمنية: الأولى هي أجندات إرهابية والثانية انفصالية والثالثة أجندات شبكات الجريمة المنظمة. هذه الأجندات تزيد من منسوب التحديات ومن أهم نتائجها اتساع نفوذ الكيانات "اللادولاتية" التي تستفيد من ضعف الدولة وانسحابها بالقيام بأدوارها في مجالات شاسعة. وأشار الدكتور كذلك إلى ضرورة الاندماج الإقليمي كحل حقيقي لمواجهة التحديات الأمنية التي لا يمكن التصدي لها على المستوى القطري أو الوطني فحسب.
ومن جهة أخرى أبرز المتدخل وجود محركين أساسيين للسياسة الخارجية للمغرب في السنوات الأخيرة، يتجلى الأول في كونه محرك اقتصادي.  بينما المحرك الثاني يتجسد في اتخاذ المغرب لقرار تجاوز المجال الفرنكوفوني والبحث عن علاقات جديدة في المجال الأنجلوفوني في إفريقيا. وأشار الباحث إلى عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، و طلب الانضمام إلى مجموعة سيدياو CEDEAO وتعزيز وتقوية الحضور في تجمع دول الساحل والصحراء، وتعد كلها معطيات دالة ومؤشرة على تطور السلوك الدبلوماسي المغربي أو البراغماتية الإيجابية في السلوك الدبلوماسي.
من جهته ركز سمير بنيس، مستشار سياسي سابق لدى الأمم المتحدة على مساهمة سياسة اليد الممدودة للملك محمد السادس اتجاه نيجيريا في زعزعة محور الجزائر بريتوريا أبوجا؟، كما تطرق بالتفصيل إلى أبعاد هذا التوجه الدبلوماسي الذي نهجه المغرب اتجاه إفريقيا في العقدين الماضيين وكذا المكاسب التي حققها منذ رجوعه إلى الاتحاد الإفريقي، مشيرا إلى أن هذا الإفريقي للملك محمد السادس ليس اعتباطيا، فهو مبني على قرارات استراتيجية بهدف تحقيق مصالح اقتصادية وسياسية على المدى البعيد، فمنذ وصوله إلى سٌدة الحكم  قبل 20 سنة قام الملك محمد السادس بأكثر من 46 زيارة لأكثر من 25 دولة إفريقية وتم توقيع أكثر من 1000 اتفاقية. وأضاف المتدخل أن خلال 13 سنة الأولى، عمل محمد السادس على تثبيت علاقات المغرب مع الدول الحليفة التقليدية خصوصا في غرب إفريقيا بدوافع اقتصادية من أجل تقليل التبعية للاتحاد الأوروبي وأمريكا وللحصول على أسواق للشركات المغربية و من أجل تحقيق التوازن في الميزان التجاري، و قد رافق هذا التوجه اهتمام بتكريس نموذج للتعاون جنوب جنوب يراعي متطلبات التنمية الاجتماعية و البشرية للدول الإفريقية.
وأكد المتدخل على أن المغرب عمل على اتجاهين أساسيين من أجل كسب تأييد معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي : الأول هو الخطاب السياسي الموجه للاتحاد الإفريقي والثاني وهو تفعيل الخطاب على المستوى العملي ( أي ما يتبع الخطاب من أفعال ) ولعل أول بوادر النية في الرجوع للاتحاد الإفريقي كانت خلال الخطاب الذي ألقاه الملك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر2014 والذي خصص فيه حيزا مهما للحديث عن إشكاليات التنمية في القارة السمراء و حمل المسؤولية للمقاربة النيوكولونيالية السائدة في  العلاقة مع إفريقيا. ثم بعد ذلك أشار إلى الخطاب الذي ألقاه الملك بمناسبة الذكرى 53 لثورة الملك والشعب في غشت 2016 الذي أوضح فيه أن المغرب يريد العودة للاتحاد الإفريقي و أكد من خلاله عزم المغرب على الدفاع عن القضايا الإفريقية و لعب دور الريادة على الساحة الإفريقية. بعد ذلك في شهر نونبر 2016 ألقى الملك خطابا من داكار بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء حيث ذكر أن مسألة رجوع المغرب للاتحاد الإفريقي أصبحت خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه.  وبالموازاة مع هذه الخطابات السياسية قام الملك محمد السادس بزيارة لبعض الدول في شرق إفريقيا مثل تانزانيا ورواندا وإثيوبيا في أواخر أكتوبر. وهي دول تعترف بالبوليساريو. وفي ديسمبر2016 قام الملك بزيارة إلى نيجيريا وهي أكثر الدول دفاعا على البوليساريو. بعد هذه الزيارة عرفت العلاقات الاقتصادية بين الدولتين زخما كبيرا في تقارب المصالح و المشاريع الاقتصادية الوازنة نذكر منها على سبيل المثال المصنع الذي أنشأه المكتب الشريف للفوسفاط في نيجيريا لصناعة الأسمدة  بالإضافة إلى بناء أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا.
وأشار سمير بنيس إلى أنه إلى حدود عام 2015 كانت قضية الصحراء حاضرة في الخطابات التي ألقتها نيجيريا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير أنه بعد الزيارة التي قام بها الملك لنيجيريا وبعد رجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في سنة 2017 بدأ هناك تغيير غير مسبوق للخطاب السياسي لنيجيريا تجاه المغرب وأصبحت تتجه نحو نهج حياد إيجابي و الوقوف على نفس المسافة بين المغرب والبوليساريو.