الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

عبد الرحيم كباش: هناك حيل خبيثة تستعملها بعض المؤسسات التعليمية الخاصة لرفض تجديد تسجيل التلاميذ

عبد الرحيم كباش: هناك حيل خبيثة تستعملها بعض المؤسسات التعليمية الخاصة لرفض تجديد تسجيل التلاميذ عبد الرحيم كباش

يرى عبد الرحيم كباش، محام بهيئة الدار البيضاء، أن هناك بعض مؤسسات التعليم الخاص تستخدم أساليب غير قانونية، أبرزها التخلص من تلاميذ لهم مستوى دراسي متوسط، بما يشكله لها في نظرها من ثقل في المواكبة، وكذا استقطاب تلاميذ نجباء من مدارس أخرى للرهان عليهم في نهائي امتحانات الباكالوريا.. مشيرا إلى أن هناك حالات معروضة على القضاء، فصل في بعضها والبعض الباقي ينتظر. مضيفا أن الأنظمة الداخلية لمؤسسات تعليمية خاصة لا تنص على حق الآباء من خلال جمعيات الآباء على تفقد مسارات الأساتذة، ومواظبة نظمهم التربوية، والحال أن جل المؤسسات التعليمية الخاصة ترفض رفضا مطلقا تكوين جمعيات الآباء، لأنها تريد الاستفراد للأسف ببعض الحالات.

 

+ رافعت أمام المحاكم في عدد من الملفات بخصوص تغول بعض مؤسسات التعليم الخاص ورفضها إعادة تسجيل تلاميذ بدعوى عدم حصولهم على معدلات مرتفعة، في نظرك لماذا تلجأ هذه المؤسسات لهذا الأسلوب؟

- فعلا، أصبحت هذه الحالات في ارتفاع مضطرد وأصبح عدد من المؤسسات التعليمية الخاصة تلهث وراء تصنيفها الوطني والجهوي ضمن أحسن المؤسسات استنادا على النقط التي حصل عليها التلاميذ، خصوصا في امتحانات الباكالوريا، وما يخول لهم هذا التصنيف من ترويج لصورة المؤسسة. وإذا كانت مؤسسات تسعى لتحقيق هذا الهدف بوسائل مشروعة من خلال المواكبة الحثيثة لتلامذتها، وتقديم الدعم لهم ولو خارج أوقات الدراسة، فإن مؤسسات أخرى تستخدم أساليب غير قانونية، أبرزها التخلص من تلاميذ لهم مستوى دراسي متوسط، بما يشكله لها في نظرها من ثقل في المواكبة، وكذا استقطاب تلاميذ نجباء من مدارس أخرى للرهان عليهم في نهائي امتحانات الباكالوريا، والحالات التي رافعت فيها تندرج في هذا السياق، بدءا من مؤسسة أطلس بالرباط إلى مؤسسة منارة الفردوس بالخميسات، هذا فقط ما بلغ للقضاء، مع الأكيد أن هناك حالات لأولياء الأمور رضخوا لمؤسسات أخرى، وفضلوا تنقيل أبنائهم دون اللجوء للمسلك القانوني.

الحالات المذكورة المعروضة على القضاء، والتي فصل في بعضها والبعض ينتظر، نجد تلميذا حصل على 5.76 في مستوى الخامس ابتدائي بمجموعة مدارس أطلس بالرباط، وتلميذة حصلت على معدل 13.17 في الجذع المشترك بمجموعة مدارس منارة الفردوس بالخميسات، وكلاهما كانا يتابعان الدراسة بالمؤسستين منذ التعليم الأولي، وسلوكهما جيد، وليس هناك تماطل في أداء والديهما للأقساط الشهرية، ومع ذلك رفضت المؤسستان إعادة تسجيلهما بدعوى أن هناك نظاما داخليا يفرض الحصول على معدلات محددة في كل مستوى دراسي للتسجيل في المستوى اللاحق. وإذا كانت المحكمة الابتدائية بالرباط أنصفت التلميذ، وأمرت بإعادة تسجيله للموسم الدراسي الحالي، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 1500 درهم عن كل يوم تأخير مع النفاذ المعجل، فإن التلميذة تنتظر إنصافها من محكمة الخميسات الابتدائية يوم 10 أكتوبر 2019. (الحوار أنجز يوم 7 أكتوبر 2019 – المحرر)

 

+ هل يمكن القول إننا بصدد الشطط في استعمال السلطة من قبل هذه المؤسسات؟

- أكيد، فبحكم السلطة التي تتوفر عليها هذه المؤسسات التعليمية الخاصة، نجدها تقوم بإلزام أولياء أمور التلاميذ بالتوقيع على ما يسمى نظاما داخليا للمؤسسة، هو أقرب إلى عقود الإذعان المعلقة على شرط، وهو الحصول على معدل عام محدد وإلا القبول بنقله لمؤسسة أخرى، والحال أن كل المواثيق الوطنية والأممية، تنص على الالتزام  بحقوق الإنسان، وأبرزها الحق في التعليم، وتوكل أمر التربية والتكوين للمدارس بالدرجة الأولى، خصوصية أو عمومية، وهذا ما نجده في قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، عندما نص على أن منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي تقوم بتحقيق عدد من الأهداف من بينها، تأمين فرص التعلم والتكوين مدى الحياة وتيسير شروطه.. والتشجيع والتحفيز على قيم النبوغ والتميز والابتكار في مختلف مستويات منظومة التربية والتكوين.. ومحاربة الهدر والانقطاع المدرسيين بكل الوسائل المتاحة، وإعادة إدماج المتعلمين المنقطعين عن الدراسة..

وعليه، فإنه لا أثر لهذا “النظام الداخلي” لأنه يخالف القاعدة العامة المتعلقة بالحق في التعلم، ومن المبادئ الأساسية التي يدرسها طالب السنة الأولى حقوق هي “لا يمكن الاتفاق على مخالفة قواعد النظام العام»، ولا مجال هنا للدفع بأن العقد شريعة المتعاقدين مادام هذا العقد يمس في الصميم بحق من حقوق الإنسان، وكل تشبث به من قبل المؤسسة هو من باب الشطط والتعسف في استعمال السلطة، وإلا لماذا لا تنص هذه الأنظمة الداخلية على حق الآباء من خلال جمعيات الآباء على تفقد مسارات الأساتذة، ومواظبة نظمهم التربوية، والحال أن جل المؤسسات التعليمية الخاصة ترفض رفضا مطلقا تكوين جمعيات الآباء، لأنها تريد الاستفراد للأسف ببعض الحالات، ولنتصور تضامن جمعية للآباء مع تلميذ رفضت المؤسسة إعادة تسجيله، ورفضهم أداء الواجبات الشهرية، الأكيد أن أي مؤسسة ستفكر طويلا قبل أن تؤلب الرأي العام ضدها، وتخسر صورتها أمام المجتمع..

 

+ لماذا نجد القلة القليلة من المتضررين يلجؤون للمسلك القضائي لفك هذا النزاع وإحقاق الحقوق؟

- هناك حيل خبيثة تستعملها بعض المؤسسات التعليمية الخاصة، من خلال رفض تجديد تسجيل التلاميذ بداية شهر شتنبر من كل سنة، وهو ما يجعل المتضررين في موقف حرج زمنيا، وهنا لابد من التنويه برؤساء المحاكم الابتدائية الذين يسارعون في البت في دعاوي الاستعجال التي يرفعها المتضررون، بحيث أن الحكم الذي حصلنا عليه بالنسبة للتلميذ بالرباط تم إصداره في عز فصل الصيف أي خلال العطلة القضائية، بالنظر لحالة الاستعجال، وإيجاد مخرج للقضية، أما حالة التلميذة بالخميسات، فقد مر على الدخول المدرسي أكثر من شهر، وهي قابعة في البيت تنتظر القرار القضائي، بعد أن تم تحديد الجلسة الأولى يوم 3 أكتوبر 2019، ولنا أن نتصور الحالة النفسية لتلميذة حصلت على معدل مستحسن جدا أي 13.17 ترفض مؤسستها إعادة تسجيلها، حيث أنها دخلت في أزمة نفسية حادة بالنظر لما يصلها من إشاعات مغرضة، وحتى لو أمرت المحكمة بإعادة تسجيلها، هل ستعود بنفس حماس زميلاتها وزملائها؟ وهل ستندمج بعد أكثر من شهر على بداية الموسم الدراسي؟

كما قلت فإن غالبية الآباء يذعنون لتسلط وتغول بعض مؤسسات التعليم الخاص، ويقبلون بالوضع مادام أن مسطرة التقاضي تتطلب معاينة من المفوض القضائي وتوكيلا للمحامي وتحديدا للجلسات، مما يجعلهم يبحثون عن أسهل الحلول، وهذا يجعل بعض المؤسسات تزيد من تعنتها ولو تطلب الأمر رفضا جماعيا لإعادة تسجيل تلاميذ حصلوا على معدلات هي سيان بين المتوسطة والمستحسنة، وأمام هذا الوضع لابد من أن تكون قرارات المحاكم أكثر ردعا ليس فقط من حيث إرجاع التلاميذ لمؤسساتهم، وهذا اختصاص قاضي المستعجلات بل يمكن أن يمتد لقرارات وزارة التربية الوطنية باتخاذ اللازم في حقهم ولو اقتضى الأمر توقيفهم في برنامج "مسار".