هناك العديد من الظواهر المزعجة في مجتمعنا والخطيرة، التي صارت سببا في تفكيك كل أسرة وكل علاقة، وأهمها ظاهرة "النفاق الاجتماعي"... فقد طغى على حياتنا النفاق والمجاملات اللامتناهية، لم يقتضي الأمر في الواقع وباتت شظاياه في مواقع التواصل الاجتماعي حتى!! صرنا في زمن الكل يجري وراء مصلحته ولو على حساب غيره، كأنه ظل لا يفارقنا..، نسينا أن كل منافق ينافق نفسه لا غير، لكل شيء دافع ولعل أكبر دافع "المصلحة الذاتية"...، كونها تعد بالنسبة لي سببا كافيا للنفاق، فنقع في حفرتها بحجة أن هذا الأخير يساعد العديد من الأشخاص في إنجاز مصالحهم الشخصية، كجسر عبور لاحتياجاتهم، بالرغم من أن ديننا الحنيف نهى عنها، على ما قال تعالى: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا" (سورة النساء/الآية145).
يبدو أن الأسرة لا تربي بقدر ما يربيك محيطك، لا يتم غرس المبادئ ولا القيم الأخلاقية، ناهيك على أن الأطفال يقلدون كل ما حولهم، أهمها الوالدان...، نعم!! الوالدان، وجب عليهم أن يكونا القدوة لصغارهم، أما المدرسة فوجب عليهم إدخال: التربية الأخلاقية بجانب التربية البدنية..، لتصبح سلوكا اعتياديا ورياضة لهم، نحتاج لتربية حكيمة، جيدة، قوية، لتستمر وتتكاثر لا لتندثر، للصدق والإخلاص لا الكذب والنفاق، المروءة والعفوية لا التصنيع والخداع.....، الصعود على ظهور الآخرين، إن الأرزاق بيده الله يعني؛ علم نفسك القناعة ليرزقك سبحانه من حيث لا تحتسب، ابتعد عن أي مقارنة سيجعلك منبوذا ثم تصبح نفسك كالأرجوحة، إن غيرت تجاهك تفقد توازنك، فالفكر(العقل) السليم من يفرض وجودك واحترامك، يحدد مستواك، يمكن أن نعتبر النفاق آفة تهدد الإنسان، كالسرطان الذي يهدد سلامة الناس، فبدوره يهدد ويدب في جسد الأمة، نعيش أزمة المجاملة المفرطة.
وأهم سؤال وجب طرحه!! أيقبل أحد منا أن يوصف بالمنافق؟؟ بالطبع لا وألف لا..، ومع هذا فمعظمنا إلا من رحم ربي، داخله ينهيه وخارجه لا إله إلا الله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ "من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة بيانات من النار"..، واجه!! فوجع النفاق أصعب وجع بعد الفراق، يمدحك أحد أمامك وخلفه يخونك بصمت، للأسف الشديد على عصر الخداع، مرض ابتلينا به، فكم من شخص يدفع مبالغ طائلة (إعلان، تهنئة)، كم من أمور حياة لا تسير إلا بخطوات النفاق.
ما يجري في مجتمعنا هو أمر مخجل ومؤلم للغاية، خدعتنا الحياة واهتمينا بالمظاهر ونسينا ما بعد الدنيا، لقد آن لنا ولمجتمعنا النهوض من سباته، من أحلامه وخياله، لقوله سبحانه: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله ما في قلبه وهو ألذ الخصام "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد"؛ "وإذا قيل له اتق الله أخدته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد" (سورة البقرة/الآية 204.206).
في نهاية الأمر أستطيع أن أضيف، وإن كان أن أصرخ، أننا شعب بحاجة للتغيير الجدري، شعب يحتاج لأن يحاسب نفسه قبل غيره، أن نخاف ولا نخاف العبد فنهايتنا تراب، أن نحاربه بقدر استطاعتنا، بل يجب القيام بمجهودات كي لا نكون من بين صفوف أولئك من حذرنا منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.